27-أغسطس-2024
أسلحة أميركية لإسرائيل

أرسلت إدارة بايدن أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل (رويترز)

استقبلت إسرائيل الرحلة رقم 500 من الإمدادات العسكرية الجوية والبحرية الأميركية، التي بدأت مع عدوان دولة الاحتلال المستمر على قطاع غزة.

وتشارك في عملية الإمداد العسكرية هذه مديرية المشتريات الدفاعية الإسرائيلية ووفد المشتريات من الولايات المتحدة، إلى جانب قسم التخطيط وبناء القوة في الجيش الإسرائيلي والقوات الجوية.

وشملت الإمدادات العسكرية الأميركية، حسب وكالة رويترز: "معدات أساسية مثل المركبات المدرعة والأسلحة والذخائر ومعدات الحماية الشخصية والمعدات الطبية، التي تعد ضروريةً للحفاظ على قدرات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الجارية".

وبهذه الدفعة الجديدة من العتاد العسكري الأميركي المقدمة لإسرائيل، تكون الولايات المتحدة الأميركية قد أرسلت أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل عبر 500 رحلة جوية و107 شحنات بحرية، وذلك منذ بداية العدوان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. الأمر الذي يؤكّد أن واشنطن طرفٌ أصيل في الحرب على غزة ومجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي هناك بواسطة أسلحةٍ أميركية الصنع.

منذ بداية الحرب على غزة سيّرت إدارة بايدن 500 رحلة جوية وبحرية من الإمدادات العسكرية لصالح إسرائيل احتوت على أكثر من 50 ألف طن من المعدات العسكرية والأسلحة

احتفاء إسرائيلي

ثمّنت إسرائيل الدعم العسكري الأميركي، واعتبر بيانٌ صادر  عن وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غلانت، أن هذه الشحنات من الإمدادات العسكرية "تسهم في تعزيز الاستقلالية الدفاعية لإسرائيل، وتحقيق أهداف الجيش في الحرب الحالية والحروب المستقبلية" على حدّ تعبير البيان.

كما أكّد البيان الإسرائيلي أنّ هذا الإمداد "يأتي في إطار دعمٍ أميركي مستمر للجيش الإسرائيلي وتعزيز استمراريته وقدرته على التعامل مع التحديات العسكرية".

يشار إلى أنّ الإدارة الأميركية سبق وأن قامت بشكلٍ خجول بتجميدٍ مؤقت لشحنةٍ من القنابل الثقيلة أيار/مايو الماضي، بسبب خلافاتٍ مع دول الاحتلال بشأن غزو رفح.

لكنها تراجعت عن ذلك أواخر حزيران/يونيو الماضي بعد زيارة وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى واشنطن، وحدث ذلك على الرغم من هجوم رئيس وزراء دولة الاحتلال العلني على الرئيس الأميركي جو بايدن.

تجدر الإشارة إلى أنه وحتى خلال فترة التجميد المؤقت "استمرت كمياتٌ كبيرة من الإمدادات العسكرية الأميركية في التدفق إلى إسرائيل".

صفقة تسليح أخرى ضخمة بقيمة 20 مليار دولار

وكانت إسرائيل قد حصلت أيضًا خلال شهر آب/أغسطس الجاري على صفقة سلاح ضخمة من الولايات المتحدة الأميركية، تضمنت أسلحةً ومعدات عسكرية تبلغ تكلفتها الإجمالية أكثر من 20 مليار دولار، واكتفت إدارة بايدن في تمريرها بإخطار الكونغرس فقط بقرار بيع الأسلحة لإسرائيل، رغم ما كان يثار من تردد البيت الأبيض في إرسال أسلحة لتل أبيب.

نوع الأسلحة

تنوعت الأسلحة التي شملتها صفقة التسليح الضخمة، وعلى رأسها مقاتلات أميركية من نوع "إف-15"، التي توصف بأنها "ملكة الأجواء". وتقوم هذه المقاتلة التي تعمل في جميع الأحوال الجوية بمهام متعددة اعتراضية وهجومية، فضلًا عن كونها تحتوي على: "أنظمة إلكترونية وأنظمة تحكّم وأسلحة تمكنها من تتبع ومهاجمة طائرات العدو في أثناء العمل في المجال الجوي، إضافةً إلى قدرتها الفائقة على المناورة والتسارع من خلال الخصائص التقنية التي تتميز بها".

كما تتضمن صفقة التسليح الضخمة: "ذخائر دبّابات عيار 120 ملم ومركبات تكتيكية وصواريخ أمرام المضادة للطائرات ومدافع هاون شديدة الانفجار".

مواعيد تسليم الأسلحة

يتم تسليم الأسلحة في هذه الصفقة الضخمة على 3 مراحل، ابتداءً من العام 2026 وحتى العام 2029. وفي تفاصيل مواعيد الصفقة، من المتوقع أن يتم تسليم المركبات التكتيكية ونحو 50 ألف خرطوشة هاون ابتداءً من عام 2026. وفي عام 2027، من المتوقع أن يصل إلى إسرائيل أكثر من 32 ألف خرطوشة ذخيرة للدبابات عيار 120 ملم.

وفي العام الأخير من عمر الصفقة سنة 2029، من المتوقع أن يبدأ وصول ما يقرب من 50 طائرة مقاتلة من طراز إف-15، إلى جانب الإمدادات اللازمة لتعديل الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، وهي الإمدادات التي ستتكلف نحو 18.82 مليار دولار.

وليس من الواضح، متى ستصل صواريخ أمرام المضادة للطائرات، وإن كان بيان وزارة الخارجية الأميركية قال إنه: "سيتم الحصول عليها من إنتاج جديد".

دلالات وتداعيات

يُجمع المحللون على أن صفقة التسليح الضخمة أتت في وقتٍ تواجه فيه إسرائيل تحدياتٍ وجودية، لا سيما بعد انهيار قدرتها على الردع بعد هجوم السابع من أكتوبر ضمن عملية طوفان الأقصى، وعجزها عن حسم الحرب بعد أكثر من 10 أشهر على جريمة الإبادة، فضلًا عن تعرضها لهجوم من جبهاتٍ متعددة من المحتمل أن يتطوّر إلى مستوًى غير مسبوق في حال نفذت إيران و"حزب الله" تهديداتهما بشأن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في طهران والقيادي العسكري البارز في "حزب الله" اللبناني، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

يضاف إلى ذلك كله "الانقسام الداخلي في إسرائيل"، الذي تغذّيه الخلافات الجوهرية بين "العلمانيين" و"اليمين الديني المتطرف" حول الإصلاحات القضائية وعدة قضايا تمس بـ"ديمقراطية" دولة الاحتلال، وبالأسس التي قامت عليها، وتعرضها بموجب الانتهاكات في حرب غزة والانتهاكات داخل إسرائيل ضدّ الفلسطينيين، لحملة انتقادات دولية باتت تهددها بجعلها "دولة منبوذة"، حسب تقرير لـ"فورين أفيرز".

ولتلك الأسباب وغيرها سارعت دولة الاحتلال إلى "الاحتفاء والترحيب" بصفقة التسليح الأميركية لأنها تترجم في نظر تل أبيب: "التزام واشنطن بأمنها وتفوقها العسكري في المنطقة".

وفي هذا الصدد قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت: "مساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل في جهود التسلح لها أهمية، خاصةً هذه الأيام".

وتعليقًا على هذه الصفقة أيضًا، قالت وزارة الخارجية الأميركية :"الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، ومن المهم للمصالح الوطنية الأميركية مساعدة إسرائيل على تطوير قدرة قوية والحفاظ عليها، وأن تكون جاهزة للدفاع عن النفس". معتبرةً أن: "صفقة التسليح تتوافق مع هذه الأهداف"، ضاربةً بذلك عرض الحائط ضررها على الفلسطينيين والمنطقة عمومًا التي باتت على شفا حرب شاملة.

ولذلك اعتبر المدير العام لـ"مركز الزيتونة للدراسات"، محسن صالح، أن :"الولايات المتحدة من خلال هذه الصفقة ترسل لنا رسالةً أنها تعطي غطاءً ضمنيًا، ولو من الناحية العملية، لكافة الممارسات الإسرائيلية على الأرض، وتبدو هذه الصفقة وكأنها مكافأة لهذه الجرائم ولهذا العدوان على الأرض والإنسان وعلى مقدساتنا وعلى كرامتنا كأمة عربية وإسلامية".

أمّا الباحث الزائر في "معهد إيلينوي الدولي"، محمد دراوشة، فيرى أن الولايات المتحدة: "تؤكد من خلال هذه الصفقة على علاقاتها الوطيدة إستراتيجيًا مع إسرائيل، وتقول إنه رغم كل مآخذها المعلنة على إسرائيل، فإنها ما زالت تعول على إسرائيل بوصفها حليفًا عسكريًا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط".

ونتيجةً لهذا الدعم الأميركي، يرى الكثير من المراقبين، أنه لا يجوز التفريق بين واشنطن وتل أبيب في الجرائم المرتكبة في غزة، خاصةً أن مسؤولين أميركيين أقرّوا بأن إدارة الرئيس جو بايدن: "زودت إسرائيل بأكثر من 10 آلاف قنبلة شديدة التدمير تزن الواحدة منها ألفي رطل، وآلاف الصواريخ من طراز هيلفاير، منذ بدء الحرب على غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023".