13-أبريل-2024
أكلات أردنية شعبية قديمة

يتميز المطبخ الأردني ببساطة المكونات إلى جانب فخامة الطبق

يتميز المطبخ الأردني ببساطة المكونات إلى جانب فخامة الطبق بالإضافة لسهولة تحضيره في الغالب، أضف إلى ذلك نكهة الجدات المشبعة بالدفء، المغموسة بالزيت والزعتر، المشربة بعبق ماض كبير مشترك بين بلاد الشام وإرث لا بد من العرفان له يمتد حتى الدولة العثمانية "تركيا" لما تركت على مطبخنا الأردني من لمسات خاصة طُورت على مدار سنوات عديدة لتصطبغ لاحقًا بصبغتها الخاصة وتدمغ بختم أردني بحت.

 

أكلات أردنية شعبية قديمة

هناك العديد من الأطباق الأردنية الشعبية التي ما زالت متداولة حتى الآن في البيوت الأردنية وتعتبر من الأطباق العربية المشهورة ومنها:

  • الرشوف

وهي طبق أردني دافئ، يطهى غالبًا في الشتاء ويعتبر من أبسط الأطباق التي يمكن طهيها وبسرعة كذلك، وتعتمد الأكلة على 3 مكونات أساسية هي: العدس البلدي واللبن المخيض أو الجميد والجريشة وهي الطحين الخشن، وفي بعض المناطق قد يضاف إليها الخبز لتصبح ثريدًا، كما يمكن إضافة الخبز المقلي بالسمن البلدي، وتعتبر هذه الأكلة من الأكلات الغنية بالمواد اللازمة لتقوية الجسم ومده بالطاقة كالحديد.

ما سبق كان أساس الطبق القديم، ولا شك أنه مع توالي السنوات تطور قليلًا فقد يضيف إليه البعض الدجاج أو الأرز مثلًا.

أما سبب التسمية فيعود إلى معناها، فـ ارتشفَ يرتشف، ارتشافًا ، فهو مُرتشِف ، والمفعول مُرتشَف؛ مثل: ارتشف الماءَ ونحوه رشَفَه؛ مصَّه بشفتيه مبالغًا في ذلك:-لا يشرب إلا ارتشافًا، ونظرًا لأن الرشوف هو نوع من أنواع الحساء فيعود سبب التسمية لكونه يرتشف ارتشافًا.

المنسف أحد الأكلات الأردنية الشائعة والمرتبطة غالبًا بالولائم "طعام العرس" والوضائم "طعام المآتم"

  • المكمورة

تعتبر المكمورة إحدى أقدم الأكلات الشعبية الأردنية، وتشتهر في محافظات شمال الأردن وتحديدًا إربد والرمثا. وغالبًا ما ترتبط هذه الأكلة بموسم زيت الزيتون حيث يعتبر أهم مكون فيها خاصة إذا ما كان الزيت بكرًا.

تعتمد الأكلة على العجين والبصل والدجاج وزيت الزيتون، حيث يذبّل البصل بزيت الزيتون ثم يضاف له السماق. يفرد العجين بواسطة الشوبك ويوضع في القدر ويفترش البصل والدجاج العجين، ثم تضاف طبقة أخرى من العجين فوق البصل والدجاج وهكذا حتى الطبقة الأخيرة التي تغطى بعجينة تغلف الطبقات كلها على شكل كرة معجونة بحبة البركة، تدهن الطبقة الأخيرة بزيت الزيتون ثم تغلف بالقصدير وتوضع بالفرن حتى تنضج ثم يزال القصدير عنها لتحصل على لون أشقر جميل. واسم المكمورة دافئ مثلها، يوحي لسامعه بجو أسري مغمور بالدفء والراحة، والمكمور في اللغة هو مفعول به، المُغطى جيدًا، المُعتَنى به جدًا.

  • المنسف

وهو أحد الأكلات الأردنية الشائعة والمرتبطة غالبًا بالولائم "طعام العرس" والوضائم "طعام المآتم"، وهو في المتعارف عليه لدينا يتكون من اللحم المغلي المغطس بالجميد، يوضع على الأرز الموضوع بدوره على خبز الشراك المشرب بالجميد، ثم يتم إضافة المكسرات والبقدونس على وجهه ويغطى برغيف من خبز الشراك أخيرًا، ويعتبر السمن البلدي من أهم المكونات فيه.

ومع انتشار هذا الطبق في بلاد الشام وما حولها أدخلت بعض التغيرات عليه، فهناك من لا يستخدم السمن البلدي مثلًا، أو يتجنب استخدام الجميد أو يخفف حدة نكهته باللبن المخيض، هناك من لا يفضلون استخدام اللحم ويطهونه بالدجاج، أيضًا الكثير من الناس خاصة أهل الوسط في الأردن يغلون اللحم بالماء ثم يضيفون من مرقه إلى اللبن ثم يغمسون اللحم به، إلا أن للمنسف طريقة واحدة صحيحة إن أردنا العودة إلى أصله وهو طبخ اللحم باللبن منذ البداية وهذه من الطرق المعروفة لدى أهل المنسف الأصليين "أهل الكرك" فما هي قصة المنسف الأصلي يا ترى؟

حسنًا، هل خطر لكم ذات يوم أن أكلة المنسف هذه تعتبر نوعًا من أنواع المقاومة ضد الاحتلال؟ 

تقول القصة إن الملك ميشع ملك مملكة المؤابيين وهي واحدة من الحضارات العريقة التي قامت على أرض الأردن" ضمّن الطعام نوايا سياسية وقاس عليها ردود فعل مواطنيه وولاءهم له، فقبل 3200 عام كانت المملكة المؤابية على وشك خوض حرب عاتية مع خصوم دائمين لهم وهم بنو إسرائيل، وكان معنى هذه الحرب على المملكة المؤابية هو المضي دون الالتفات إلى الوراء إلى جانب التسليم الكامل لكل النتائج والتضحيات المترتبة عليها والتي تمثلت للملك شخصيًا بالتضحية بابنه على أعتاب قلعة مؤاب بالكرك.

ولما أراد الملك المؤابي جس نبض الشعب في إطاعة أوامره وولائهم له أمرهم بطبخ اللحم باللبن بشكل يعارض ما جاء بالتوراة على حد القول وفي سفر الخروج "أَوَّلَ أَبْكَارِ أَرْضِكَ تُحْضِرُهُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَطْبُخْ جَدْيًا بِلَبَنِ أُمِّهِ"، يعني ألا يطهى اللحم باللبن الذي هو أصلًا خرج منه، وبالفعل نفذ المؤابيون الأمر ودارت معركة وسطر النصر المتمثل الآن بمسلة ميشع الموجودة في متحف اللوفر، وعلى هذا درج المنسف في ثقافات هذا الحيز الجغرافي على أنه رمز للنصر والاستبسال في مقاومة بني إسرائيل، وما زال يُتَغنى به للآن.

وربما يرتبط اسم الأكلة بظرف تسميتها، فـ نسَفَ الشّيءَ أي اقْتلَعَه من أصْلِه وفتّته، وينسف فِكْرة من الأساس وهو ما قام به الملك ميشع.

  • المجللة

من المطبخ الأردني التقليدي، تعتمد الأكلة على خبز العويص"الخبز الخالي من الخميرة" والجميد، حيث يقطع الخبز ثم يشرب بالجميد، ويرص في طبق التقديم، ويعتبر السمن البلدي من أهم مكوناته حيث يغمر الطبق به ثم يوضع عليها البصل المذبل بالزيت.

تسمى المجللة بهذا الاسم لأن الخبز المستخدم بها يتم خبزه على نار الجل (والجل هو بعر الإبل وهو معروف بناره القوية). ويشار إلى أن هذا الطبق يقدم في المناسبات كالأعياد، وهناك نوع آخر من المجللة تستخدم فيها البندورة عوضًا عن اللبن.

ويمكن أن يرتبط معنى اسم الأكلة بـ جلل الشيء أي غطاه ومجلل هو اسم المفعول منه، ويقصد بها هنا تجليل الطبق بالبصل فوقه.

  • الخميعة – ريق البنت

من أكلات الحلويات الشعبية التي أوشكت على الاندثار في المدن الحضرية الأردنية، وهو طبق حلويات يعتمد على خبز الشراك المغمور بالحليب مع السكر المشرب بالسمن البلدي.

ولعلنا نلمس دفئه النابع من دفء الجدات فيه، بهذه البساطة الغنية بالفائدة المنكهة بطعم الاهتمام الفطري بالعائلة، لا شك بأنكم ستلمسون ما أعني عند الاستماع لحديث إحدى الجدات عندما تصف هذه الأكلة، وقد يعود سبب التسمية إلى معنى ريق وهو من رَيَّقَهُ الحَليبَ أي سَقاهُ إِيَّاهُ على الرِّيقِ. 

  • الخبيصة

أو الملبن ويشتهر بها أهل السلط وعجلون لوجود كمية كبيرة من الكروم لديهم وطريقة إعدادها سهلة وبسيطة جدًا، حيث يغلى عصير العنب ثم يضاف إليه السميد وقريش شجر الصنوبر والقزحة واللوز المطحون ويصب المزيج بعد نضجه على قطعة قماش نظيفة ويغطى بالشاش حتى لا يُمس من الغبار أو الحشرات، ويترك لمدة ثلاثة أيام حتى ينشف، وبعدها يقطع بشكل مربع صغير وهي حلوى شتوية بالدرجة الأولى، وفي اللغة الخبِيصُ: الحلْواء المخْبُوصة من التمر والسَّمن والجمع: أخبصة.

 

كانت هذه 6 أكلات تنوعت ما بين الحلويات وغيرها من المطبخ الأردني التراثي المشهور ببساطة المكونات وسهولة التحضير، المنقول إلينا بحكاوي الجدات الدافئة والمرتبط بالعديد من القصص التاريخية والتي تؤكد لنا عراقة هذه المنطقة من العالم، وجذورها الراسخة بثبات في أرضها، وما زال هناك العديد والعديد من أصناف الطعام التراثية العربية في انتظار البوح عنها.