انشغل البشر بتعريف الشرّ دينيًّا وفلسفيًّا ونفسيًا واجتماعيًا، ولا يزالون منشغلين فيه حتى اليوم، حتى وكأنه بمقدار اتساع الإجابات الموجودة لا يزال يطمح إلى إجابة جديدة.
لهذا تظل راهنةً دائمًا كل الأسئلة من قبيل: ما الشرّ؟ ما الذي يجعل الأشرار أشرارًا؟ هل يولدون كذلك أو تدفعهم ظروف الحياة والمجتمع إلى الشر؟
بشكل عام، يشير الشرّ إلى الأفعال أو الأفكار أو النوايا التي تعتبر مُؤذية أو مُدمرة. ويرتبط بالكره والحقد وعدم التعاطف. صورته في الخيال البشري تتجسّد في الخراب والقتل والحرب والموت.
هنا نقدم مجموعة من الكتب الهامة التي تناولت هذه المعضلة الأزلية، بدءًا من التعريف، إلى فهمه فهمًا منطقيًا، وصولًا إلى كيفية منعه.
تقدم هذه الكتب رؤى عميقة للجانب المظلم من الإنسانية، وتبحث عن طبيعته ومظاهره، كي تُخرجه من الأسطرة والتخييل نحو سياقات واقعية.
1- تأثير الشيطان
"تأثير الشيطان: كيف يتحول الأخيار إلى أشرار" كتاب لعالم النفس فيليب زيمباردو. يناقش تجربة المؤلف الشهيرة في سجن ستانفورد، ويلقي الضوء على سيكولوجية السلوك الشرير.
يحلل زيمباردو تأثيرات الظروف والآليات المختلفة التي تُحول الأخيار إلى وحوشٍ مرعبة، ويُسلط الضوء على الأساليب التي يتمكن فيها الفرد من مقاومة غواية السقوط في فخ الشر.
يتيح لنا زيمباردو فرصة أكبر لفهم عدد من الظواهر، بدءًا من فساد الشركات، إلى الاعتداء على السجناء وتعذيبهم في سجن أبو غريب العراقيّ، وصولًا إلى الإبادة الجماعية المنظمة.
2- تشريح الشر
"تشريح الشر" لمايكل هـ ستون كتاب يقدم تصنيفًا للشخصيات الشريرة بناءً على دراسة جرائم مشاهير القتلة المتسلسلين، مثل تيد بندي وجيفري دامر.
استند ستون في تحليله للسير الذاتية لأكثر من 600 مجرم عنيف، وأنشأ من خلالها تسلسلًا هرميًا من 22 مستوى للسلوك الشرير، عاكسًا فيه هيكل جحيم دانتي.
يتتبع ستون سمتين بارزتين في الشخصية تتواجدان دومًا لدى من يرتكبون جرائم عاطفية أو جرائم التعذيب والقتل السادي. إحداهما هي النرجسية، التي تظهر في الأشخاص المتمركزين حول الذات لدرجة انعدام القدرة لديهم على الاهتمام بضحاياهم. والأخرى هي العدوان، واستخدام القوة ضد شخص آخر لإلحاق المعاناة والموت.
3- عن الشر
"عن الشر" لتيري إيغلتون كتاب يقدم تحليلًا فلسفيًا لمفهوم الشر، ودراسة لأبعاده التاريخية والثقافية والأخلاقية.
يطلق إيغلتون سراح الشر من السجن الذي وُضع فيه نظريًّا، من خلال اعتباره السبب وراء كل الرغبات والشهوات البشرية على الأرض.
يحتوي الكتاب على شرح متقن لمفهوم الشر من وجهة نظر نفسية ولاهوتية وفلسفية وسياسية، يجمع فيها تيري إيغلتون مفهوم فرويد لدافع الموت والمفهوم اللاهوتي للخطيئة الأصلية.
يطرح الكتاب مجموعة من الأسئلة المثيرة للاهتمام: هل الشر حقًّا نوع من العدم؟ لماذا يجب أن يبدو مغويًّا؟ لماذا يبدو الخير مملًا جدًا؟ هل يمكن للإنسان أن يسعد بالدمار بدون سبب على الإطلاق؟
4- شعب الكذب
"شعب الكذب: الأمل في شفاء الشر البشري" للمؤلف سكوت بيك، كتاب يستكشف طبيعة الشر البشري وجذوره.
أطروحة بيك بسيطة، وهي أن هناك شيئًا هو الشر البشري، وله خصائص معينة يمكن تحديدها. ما هو الشر؟ سأل ابنه حين كان في عمر 8 سنوات، فأجاب: "هذا سهل، أبي، الشر هو "حي" مكتوب بشكل عكسي" (يقصد كلمة "Evil" بالإنجليزية).
كان هذا التعريف كافيًا، لأنّ الشر البشري هو الذي يدمر الحياة البشرية. لكن الأمر الأكثر أهمية هو ما يميز الشر. ووفقًا للكتاب، فإن القضية تكمن في الرفض المستمر عند الشخص الشرير في مواجهة حقيقة نفسه. قد يعترف علنًا أنه خاطئ مثل أي شخص آخر، لكنه في أعماقه لا يُصدق ذلك، وبدلًا من مواجهة خطيئته نراه معتبرًا نفسه كبش فداء، ويُحمّل كل الأخطاء الصادرة عنه للآخرين، ويجعل من أخطائه أخطاءً لهم، أو بسببهم.
الأشرار أسياد التنكر أخلاقيًّا. دائمو التهرب من ضميرهم. بعبارة أخرى؛ الأشرار كاذبون. ومن هنا جاء عنوان الكتاب.
5- رجال عاديون
يبحث كتاب "رجال عاديون"، لكريستوفر ر. براوننج، عن الكيفية التي تجعل من الناس العاديين يصبحون مرتكبين للإبادة الجماعية، باستخدام مثال كتيبة الشرطة الألمانية أثناء الهولوكوست.
يدرس الكتاب تصرفات كتيبة الشرطة الاحتياطية الألمانية 101، وهي مجموعة من الرجال العاديين الذين كانوا مسؤولين عن القتل الجماعي لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
يتحدى كتاب براوننج فكرة أن هؤلاء الرجال كانوا ببساطة يتبعون الأوامر أو أُجبروا على ارتكاب هذه الفظائع، ويجادل بدلًا من ذلك بأنهم تصرفوا انطلاقًا من مزيج من الالتزام الأيديولوجي وضغط الأقران والشعور بالواجب.
يقدم الكتاب نظرة ثاقبة حول كيفية جذب الناس العاديين إلى ارتكاب أعمال شريرة مروعة، ويثير أسئلة مهمة حول طبيعة الشر نفسه.
6- أيخمان في القدس: تفاهة الشر
يقدم كتاب "أيخمان في القدس: تفاهة الشر" لحنة أرندت فحصًا نقديًا لمحاكمة مجرم الحرب النازي أدولف أيخمان، ولطبيعة الشر في المجتمع الحديث.
تحوّلت تغطية حنة أردنت لمحاكمة أدولف أيخمان، وهو مسؤول نازيّ كان متخفيًّا في الأرجنتين، إلى كتاب مثير للجدل، أعلنت وجوهٌ صهيونيّة ويهوديّة موقفًا معاديًا له قبل صدوره.
أكثر من 121 جلسة جهد فيها الادّعاء لتضخيم دور أيخمان خدمة لما أراده بن غوريون، رصدتها أرندت بعين الناقد، ما جعلها متّهمة بـ"التّعاطف مع المجرم النازيّ"، إذ رأت أنه "أتفه" من أن يفكّر في معنى ما يفعله، حاصرًا نفسه في آليّات التّنفيذ. كما نُظر إليها بريبة بسبب انتقادها دور "المجالس اليهوديّة" وتسهيلها سَوْق اليهود إلى مذبحهم.
يُحلل الكتاب أهم محاكمات القرن العشرين، ويقدم صورة لأبشع أنواع القتل المبرمج، وضياع معنى الإنسانية، ويكشف عن الأسباب الرئيسية لحدوث الهولوكوست.
7- فك الارتباط الأخلاقي
"فك الارتباط الأخلاقي: كيف يؤذي الناس ويعيشون مع أنفسهم؟" كتاب لألبرت باندورا يستكشف الآليات النفسية التي يستخدمها الناس لتبرير السلوك المؤذي الذي يقومون به، من أجل التنصل من المسؤولية.
يرى باندورا بأنه يمكن للناس الانخراط في فك الارتباط الأخلاقي من خلال عمليات مختلفة، مثل التبرير الأخلاقي، وتلطيف التسميات، وتقليل أو تجاهل عواقب أفعالهم.
يناقش الكتاب كيف تطورت هذه الآليات من مجموعة من الأعمال العدوانية الفردية إلى فظائع واسعة النطاق، وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية.
