على عكس المدن المجاورة في دلتا مصر، مثل طنطا التي تشتهر بوجود مقام ومسجد السيد أحمد البدوي، والمحلة الكبرى التي تشتهر بصناعة الغزل والنسيج، لا تشتهر عاصمة محافظة الدقهلية بشيء معين، ورغم ذلك هي المدينة الأشهر في دلتا مصر.
تبدأ قصة مدينة المنصورة منذ 800 عامٍ، أنشأها الملك الكامل وأسماها جزيرة الورد، ثم عرفت بـ"المنصورة" بعد هزيمة لويس التاسع فيها
تبدأ قصة المنصورة منذ 800 عام. أنشأها الملك الأيوبي الكامل محمد بن الملك العادل من ملوك الدولة الأيوبية، عام 1219، وسماها "جزيرة الورد"، واتخذها ملاذًا بعد أن حاصرت الحملات الصليبية مدينة دمياط حيث كان يقيم.
اقرأ/ي أيضًا: القاهرة.. شابة عمرها ألف عام
جاءت تسميتها بالمنصورة بعد معركة حامية الوطيس بين الصليبين والجيش المصري مدعومًا بفدائيين من الأهالي عام 1250، وانتهت المعركة ليس فقط بانتصار الجيش المصري، لكن أيضًا بأسر ملك فرنسا الملك لويس التاسع، الذي لا يزال مكان أسره موجودًا إلى اليوم في قلب المنصورة، التي ترجع تسميتها بذلك نسبة إلى النصر في هذه المعركة الشهيرة.
تحتفل المنصورة هذه الأيام بمرور 800 عام على إنشائها. من ذلك التاريخ وإلى الآن لم تغب المنصورة عن الأنظار، ليس فقط لكونها مسرحًا للتاريخ ولكنها كذلك أنجبت الكثير من مشاهير العصر في مختلف المجالات، مثل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم والمفكر المصري المسمى بأبو الليبرالية المصرية أحمد لطفي السيد والشيخ الشعراوي والفنان عادل إمام والطبيب الشهير محمد غنيم والأديب محمد المخزنجي، وغيرهم.
وبمناسبة مرور 800 عام على تأسيسها، نستعرض هنا خمسةً من أبرز معالمها، في محاولة للوقوف على آثار التاريخ وشواهده.
5. الشيخ حسانين
في قلب المنصورة، يقع أقدم مساجد محافظة الدقهلية على الإطلاق، مسجد الشيخ حسانين الذي يحوى مقامه، على الرغم من عدم وجود مصادر تاريخية تؤكد أصل ونسب الشيخ حسانين إلا أن أهالي المنطقة يتناقلون قصته عبر الأزمان، حتى أصبح أحد معالم الصوفية في مصر.
تقول القصة أن الشيخ حسانين كان أحد المتعبدين المعروفين بالزهد، يرتدي الملابس الرثة ويهب كل ما يملك للفقراء والمريدين، ذات يوم ذهب إلى على باشا القريعي أحد أعيان المنصورة في مركبه النيلية، اشمأز الباشا من هيئته الرثه فطرده، أتى رد الشيخ حسانين بأن أظهر إحدى كراماته فافترش حصيرته على الماء وصلى عليها.
استعجب الباشا مما رأى فأغدق عليه الأموال، وكعادته وزعها على الفقراء، بعد وفاته أمر ببناء ضريح له، ولا يزال مكانه موجودًا إلى اليوم في مسجد كبير، يتوافد عليه أبناء المنصورة وغيرها من المدن طمعًا في البركة واستجابة الدعاء، كما يقام احتفال سنوي بمولده يزوره الألاف.
4. قصر الشناوي
بنى هذا القصر محمد بك الشناوي العضو البارز بمجلس النواب وأحد كبار أعيان المنصورة في عام 1928 على مساحة 4164 متر مربع، بواسطة نخبة من المعماريين الإيطاليين، الذين قاموا ببناء تحفة فنية نالت شهادة من موسوليني بأن هذا القصر يعد أفخم ما بني بأيد إيطالية خارج إيطاليا.
زار قصر الشناوي العديد من المشاهير، ومنهم الملك فاروق وأم كلثوم والنحاس باشا والموسيقار محمد عبد الوهاب، وغيرهم ممن كانوا أصدقاء محمد بك الشناوي وأولاده من بعده، فكان يُعرف بـ"قصر الأمر"
بمرور الزمن هُجر القصر، ونُفضت يد الرعاية عنه، حتى أُعلن عن تخصيص خمسة ملايين جنيه لترميمه، الذي سار بوتيرة بطيئة جدًا لسنوات، حتى أعلنت وزارة الآثار في آذار/مارس المنصرم، أن الانتهاء من ترميمه قريبًا، قبل أن تسود عملية ترميمه صمت غريب.
3. دار ابن لقمان
تعد هذه الدار أشهر معالم المنصورة على الإطلاق، حيث كانت المكان الذى أسر به الملك لويس التاسع. سميت الدار بهذا الاسم نسبة إلى إبراهيم بن لقمان قاضي المنصورة في ذلك الوقت.
أُرسل الملك لويس التاسع –كان على رأس الحملة الصليبية السابعة- أسيرًا إلى هذه الدار، ولم يطلق سراحه إلا بعد عدة اشتراطات مثل دفع فدية كبيرة وجلاء الحملات الصليبية عن مصر بعد تسليمها مدينة دمياط المحتلة.
الدار التي تعد أهم الوجهات السياحية بالمنصورة لا تزال قائمة إلى اليوم، وتحتوي المكان الذي أسر به الملك لويس وبعض متعلقاته، والباب الصغير الذي صمم خصيصًا ليخرج منه منكس الرأس.
2. دير القديسة دميانة
الوجهة هذه المرة من جوار مدينة المنصورة، وقرب مدينة بلقاس المجاورة حيث يقع دير القديسة دميانة، التى عاشت في القرن الثالث الميلادي وما زالت سيرتها حاضرة إلى اليوم.
ابنة والي البرلس والزعفران. كانت معروفة بالجمال وحسن الخلق وكثرة التعبد، ما دفع الكثيرون ومنهم الأمراء إلى التقدم لخطبتها، ولكنها رفضتهم جميعًا وفضلت حياة العذرية، ما دفع أباها لبناء قصر خاص بها، انضم إليها فيه 40 فتاة عذراء، كان شغلهم الشاغل وهمهم الدائم هو العبادة.
تحت اضطهاد الإمبراطور الروماني دقلديانوس المعادي للمسيحية، حاد والدها عن تعاليم السيد المسيح، عندما علمت دميانة ذهبت لوالدها ونهرته وأمرته بالرجوع إلى المسيحية فنزل على أمرها، ما أغضب دقلديانوس غضبًا شديدًا فأمر بإرسال سارية من الجنود قامت بحصار القصر.
ذاقت دميانة أقسى ألوان العذاب، كما عرض عليها المال والإمارة، إلا أنها، وبحسب الروايات، لم تستلم لا هي ولا أيٍّ من الأربعين العذارى المصاحبين لها حتى أُمِر بقتلهم جميعًا، ليكتب بذلك شهادة ميلاد أحد أيقونات المسيحية.
جسد القديسة الشهيرة ما زال مدفونًا في ديرها وكنيستها التي أمرت الملكة هيلانه ببنائهم، يقام احتفال سنوي باستشهاد القديسة يحضره الآلاف من المسيحيين والمسلمين على السواء.
تاريخيًا، دير القديسة دميانة يسبق وجوده وجود مدينة المنصورة، التي هي الآن العاصمة لمحافظة الدقهلية التي تضم مساحة ثلاثة آلاف و500 كيلومتر مربع، تدخل فيها مدينة بلقاس ودير القديسة دميانة.
1. جزيرة الورد
"سألتك يا صخرة الملتقي
متى يجمع الدهر ما فرقا
فيا صخرة جمعت مهجتين
أفاء إلى حسنها المنتقى" - إبراهيم ناجي
أهم وأشهر حدائق المنصورة، الحديقة التى تحمل الاسم القديم للمدينة، والتي كانت ملهمة لشاعر النيل إبراهيم ناجي الذي كتب قصيدته الشهيرة بإلهام من صخرة بالحديقة تقع بين النيل وجزيرة رملية.
الإطلالة المميزة على النيل، الأشجار والنباتات الجميلة والنادرة، تذكرة الدخول منخفضة السعر، كلها عوامل جذب ساهمت في جعلها من أهم الوجهات السياحية في المنصورة، وقبل ذلك، أنها الجزيرة التي أنشئت حولها المدينة المعروفة بـ"عروس النيل".
اقرأ/ي أيضًا: