أعلنت واشنطن مؤخرًا التحرك من أجل مراجعة القوانين الفدرالية للتعامل مع مخاطر أمنية محتملة يمثلها تطبيق تيك توك، وغيره من التطبيقات الأجنبية، وذلك بعد ثمانية أشهر من التراجع عن حظر التطبيق الصيني في الولايات المتحدة.
أنهت وزارة التجارة الأمريكية مؤخرًا من عملية أولية لاستمزاج الآراء العامة حول التغيير في القوانين الناظمة لعمل التطبيقات الأجنبية
وقد أنهت وزارة التجارة الأمريكية مؤخرًا من عملية أولية لاستمزاج الآراء العامة حول التغيير في القوانين الناظمة لعمل التطبيقات الأجنبية، والذي من شأنه أن يوسّع الصلاحية الفدرالية العامة للحكومة الأمريكية لمراقبة هذه التطبيقات، التي يمكن استخدامها من قبل "أطراف أجنبية منافسة لسرقة بيانات أو للحصول عليها"، وذلك وفق السجلّ الفدرالي، بحسب ما نقلت وول ستريت جورنال الأمريكية.
وبموجب التعديل الجديد، سيكون ضمن صلاحية وزير التجارة الأمريكية أن يطلب حظر التطبيقات الأجنبية التي تمثّل تهديدات أمنية لا يمكن قبولها. وهذا يعني أن تطبيقات مثل "تيك توك"، المملوك لشركة بايت دانس الصينية، أن ترضخ لعمليات مراجعة من طرف خارجي، وعمليات التحقق من الرموز المصدرية (الكود المصدري)، ومراقبة الحركات الخاصة بالتعامل مع بيانات المستخدمين.
وفي مقابلة مع وزيرة التجارة الأمريكية غينا رايموندو، فإن هذا القانون الجديد سيكون ذا أهمية بالغة، إذ سيوفر آلية للتعامل مع هذا التهديد المفترض، بحسب ما نقلت الجورنال.
يذكر أن الجيش الأمريكي يحظر على أفراده استخدام تطبيق تيك توك على أجهزة الهاتف غير الشخصية، المخصصة لهم في وظائفهم. كما أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، ولاسيما الجمهوريين، يوجهون انتقادات متواصلة للإدارة الأمريكية الحالية، لعدم تعاملها مع تهديدات "تيك توك" على نحو شمولي وخطة واضحة.
السيناتور الأمريكي ماركو روبيو، قال إن تطبيق تيك توك: "ما يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي الأمريكي وللأمريكيين، بما في ذلك الأطفال". وكانت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن عن تراجعت عن خطوات أقدم عليها الرئيس السابق دونالد ترامب لمواجهة النمو المتسارع للتطبيق داخل الولايات المتحدة، دون اتخاذ خطوات حاسمة للتعامل مع مخاطر التطبيق على خصوصية الأمريكيين وبياناتهم الشخصية، بحسب السيناتور الجمهوري.
كشفت العديد من التقارير كيف يسهّل "تيك توك" وصول الأطفال إلى عالم الجنس والمخدّرات، عبر استهداف خوارزميات التطبيق لهذه الفئة العمرية بمحتوى جاذب وتكراره أثناء تجربة التطبيق، على نحو ما هو حاصل في تطبيقات أخرى، مثل إنستغرام. لمعرفة كيف يسهّل تيك توك وصول الأطفال والمراهقين إلى عالم الجنس والمخدرات، يمكن الاطلاع على هذا التقرير المترجم على التراصوت. وللقراءة عن أثر "إنستغرام" الخطير على المراهقات، تابع هذا التقرير.
مسؤولو إدارة بايدن يرون أن الأمر التنفيذي الذي أصدره دونالد ترامب بشأن حظر تيك توك في الولايات المتحدة، كان غير قابل للتنفيذ، وقد تم التراجع عن ذلك بعد صدور حكمين منفصلين عن المحكمة الفدرالية ضد إجراءات ترامب، وهو ما قبلته إدارة بايدن وقررت عدم الاستئناف ضد الحكمين.
أما اليوم، فيبدو أن إدارة بايدن تتحرك بحذر، لضمان أن لا تواجه الإجراءات التي تتخذها تحديات قانونية، خاصة وأن وزارة التجارة الأمريكية قد قدمت توصيات لمجلس النواب الأمريكي من أجل اتخاذ خطوات إضافية للتعامل مع مخاطر جمع بيانات المستخدمين الأمريكيين من قبل تطبيقات صينية قد يكون لها ارتباط مع الحكومة الصينية.
وقد أكدت وزيرة التجارة الأمريكية أن الإدارة في واشنطن تتعامل بشكل فائق الجدّية مع التهديدات الأمنية التي تمثلها مثل هذه التطبيقات، إلا أنها أكّدت في الوقت ذاته على التعقيدات البالغة في مثل هذه القضايا، والتي يجب التعامل معها كذلك بحذر.
ولم يصدر عن تيك توك، وهو التطبيق الشهير المملوك لشركة بايت دانس الصينية، أي تعليق على هذه التطورات. إلا أن السفارة الصينية في واشنطن قد قالت في بيان إن على الولايات المتحدة "عدم التوسع كثيرًا في مفهوم الأمن الوطني"، كما ذكرت أن على الإدارة الأمريكية تجنب "تسيس القضايا الاقتصادية".
ولطالما أكدت تيك توك، أنها لا تشارك أبدًا بيانات المستخدمين الأمريكيين مع الحكومة الصينية، وأن البيانات محفوظة على خوادم داخل الولايات المتحدة، مرتبطة مع خوادم احتياطية في سنغافورة.
وقد سعى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السيطرة على التطبيق، والاستحواذ عليه من قبل شركات أمريكية، إلا أن تلك الصفقة كانت تحتاج إلى موافقة صينية، وهو ما كان مستبعدًا بطبيعة الحال في جميع الأحوال، وهو ما اضطر ترامب إلى إصدار أمر تنفيذي لحظر التطبيق في الولايات المتحدة، قبل أن تصدر المحكمة الفدرالية قرارًا يبطل تلك الخطوة.
ولم تعمد إدارة بايدن إلى الاستئناف ضدّ قرار المحكمة الفدرالية، وإنما قررت التوجيه بإجراء مراجعة شاملة لوضع التطبيقات الأجنبية المملوكة لأطراف منافسة للولايات المتحدة، وتحديد ما إذا كانت هذه التطبيقات تشكل تهديدًا على الأمن القومي الأمريكي. ونظرًا إلى الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، فإنه من المستبعد أن تعمد الإدارة الأمريكية الحالية إلى حظره بأمر تنفيذي كما فعلت الإدارة السابقة، وذلك لما يحمله ذلك من مخاطر سياسية.
وبالإضافة إلى إجراءات وزارة التجارة الأمريكية، فإن اللجنة المعنية بالاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة قد بدأت سلسلة من المفاوضات مع تيك توك الصينية، من أجل حثها على إجراء تغييرات على سياساتها بشكل يضمن للحكومة الأمريكية عدم حصول بكين على بيانات ومعلومات يجمعها التطبيق عن المستخدمين داخل الولايات المتحدة.
تصطدم إجراءات الحكومة الأمريكية المناهضة لتطبيق تيك توك مع معضلة أساسية تتمثّل في شهرة التطبيق الواسعة بين الأمريكيين
ومن المتوقع أن تطلب هذه اللجنة من تيك توك أن تنقل خوادمها لتكون بشكل حصري في الولايات المتحدة، وأن تكون البيانات التي تجمعها الشركة خاضعة لمراقبة هيئات خاصة معنية بالأمن القومي في الولايات المتحدة.
اقرأ/ي أيضًا:
تقرير سرّي من فيسبوك يكشف أثر "إنستغرام" الخطير على المراهقات
كيف دافعت بيلا حديد عن صور السيلفي الباكية وماذا قالت عن أثرها النفسي؟