تاريخ طويل من المعارك، البعض قد يراها في إطار نضالي، وآخرون سيرونها حتمًا عنف إرهابي. لكن على كل حال، هو تاريخ لن يتجزأ عن مجمل تاريخ إسبانيا الحديثة، وسيظل جزءًا هامًا فيه، إنه تاريخ منظمة إيتا المطالبة بانفصال إقليم الباسك إسبانيًا، وتأسيس جمهورية اشتراكية مستقلة، والذي يبدو أنه وصل لنهايته، بعد أن أعلنت قبل سنوات تخليها عن السلاح تمامًا، وها هي الآن بصدد حلّ نفسها نهائيًا، حلًا سبقته باعتذار رسمي عن مجمل أعمالها. صحيفة إلبايس الإسبانية قدمت تغطية لاعتذار إيتا في انتظار حلّها، ننقلها لكم مترجمة بتصرف هنا.
استجابت الحكومة الإسبانية، يوم أمس الجمعة، بشكل إيجابي، لاعتذار منظمة إيتا، لضحايا عنفها على مدار العقود الماضية. وقالت السلطة التنفيذية، إنه "من الجيد أن تعتذر الجماعة الإرهابية للضحايا، لأن الضحايا وذاكرتهم وكرامتهم كانت عوامل حاسمة في هزيمة إيتا"، مضيفةً: "كان على إيتا أن تعتذر بصدق ودون شروط منذ زمن طويل".
أصدرت منظمة إيتا الباسكية، بيانًا أعربت فيه عن ندمها على مسيرتها المسلحة، واعتذارها عن العنف الذي بدر منها على مدار العقود الماضية
وقال البيان إن قرار إيتا بالإعراب عن "الندم" إنما هو "نتيجة لقوة سيادة القانون التي هزمت المنظمة بالأسلحة الديمقراطية".
اقرأ/ي أيضًا: "حتمية" انهيار الاتحاد الأوروبي.. مطالب الانفصال ليست كتالونية فقط
وقد اعترفت منظمة إيتا، التي يُنسب إليها قتل أكثر من 850 شخصًا على مدار خمسة عقود، بـ"الضرر الذي لحق بها خلال مسيرتها المسلحة"، وذلك في بيان نشرته أمس الجمعة الذراع الإعلامية للمنظمة.
وبدا واضحًا اختلاف بيان إيتا الأخير عن سابقيه من حيث الصياغة، إذ كانت إيتا عادة ما تتجنب في بياناتها الاعتراف بمعاناة الضحايا الذين سقطوا في سنوات العنف المسلح. لكنها هذه المرة، اعترفت بمسؤوليتها المباشرة عن سقوط هؤلاء الضحايا.
وجاء في البيان: " نحن ندرك أننا على مدار هذه الفترة الطويلة، تسببنا في الكثير من الألم، بما في ذلك الكثير من الأضرار التي لا يمكن إصلاحها. نريد أن نبدي الاحترام للموتى والجرحى والضحايا الذين تأثروا بأفعالنا. وبقدر ما أضر بهم الصراع، فنحن آسفون حقًا.
ومع ذلك، تدعي المنظمة أيضًا أن "المعاناة كانت موجودة قبل ظهور إيتا، واستمرت بعد أن تخلت عن كفاحها المسلح"، على حد تعبيرها. وبالإضافة إلى البيان، أصدرت إيتا مذكرة تفسيرية تفيد بأن "منظمة إيتا قررت، كجزء من عملية المراجعة التي تجريها، أن تنشر بيانًا عن الضرر الذي تسببت فيه. وخلال هذه المراجعة، رأى أعضاء إيتا أنه من الضروري إظهار تعاطفهم مع المعاناة".
من جانبه، وجه زعيم المعارضة من الحزب الاشتراكي، بيدرو سانشيز، رسالة إلى ضحايا إيتا، قال فيها: "إنه كان طريقًا طويلًا وشاقًا"، في إشارة إلى سنوات العنف.
تلقى أقارب الضحايا البيان بتفاؤل حذر، مشيرين إلى أن إيتا لم تعتذر في بيانها إلا إلى الضحايا التي تشعر أنهم لم يشاركوا في الصراع مباشرةً. وأبدى رئيس حكومة إقليم الباسك إينيغو أركولو، ملاحظة مماثلة، وطلب من الحركة أن تعتذر لجميع الضحايا.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شيناس، إن الأنباء تُبشر بأنه في الاتحاد الأوروبي "ليس هناك مجال للبنادق والأسلحة، وإنما للسلام وحكم القانون".
وفي شهر أيلول/سبتمبر عام 2017، أثارت إيتا نقاشًا داخليًا للبت في دورها ودورة حياة المنظمة، بعد خمسة أشهر من قيامها بتنظيم حدث لوقف نشاطها تحت إشراف لجنة تحقيق دولية. وبعد إعلان إيقاف إطلاق النار الدائم في عام 2011، تعتزم إيتا الإعلان عن حلّها نهائيًا في نهاية الأسبوع الأول من شهر أيار/مايو القادم.
منذ أيلول/سبتمبر 2017، أثارت إيتا نقاشًا داخليًا للبت في دورها الفترة القادمة، وصولًا إلى قرار الحل النهائي في شهر أيار/مايو القادم
وتعتقد الحكومة وأحزاب الباسك، أن الحل الرسمي يُمكن أن ييسر التقدم في مسألتين: التفكير الناقد للذات من جانب منظمة إيتا والأحزاب اليسارية المتشددة في إقليم الباسك، وهو عامل رئيسي للضحايا، والمسالة الثانية نقل المُدانين التابعين لمنظمة إيتا إلى السجون القريبة من إقليم الباسك، وهو مطلب رئيسي للمنظمة، وضد سياسة مدريد الرامية إلى تشتيتهم في السجون في جميع أنحاء الأراضي الإسبانية.
اقرأ/ي أيضًا:
بعد استفتاء استقلال كتالونيا.. شبح الحرب الأهلية يُخيم على إسبانيا