05-مارس-2024
مجاعة كبيرة في غزة

(Getty) شمال غزة سيحتاج إلى إغراقه بالمساعدات لتحقيق الاستقرار في الوضع

تتصاعد المجاعة في قطاع غزة، وبالأخص في شمال القطاع المحاصر، الذي أدى إلى عدة وفيات بين الأطفال. كل ذلك، يحصل مع تكدس المساعدات على حدود غزة، ومنع إسرائيل وصولها إلى غزة، ضمن سعيها إلى تحقيق مجاعة واسعة بين أهالي غزة.

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس ، إن الأطفال يموتون جوعًا في شمال غزة.

وفي منشور له على "إكس"، قال إن الزيارات التي قامت بها المنظمة خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى مستشفيي العودة وكمال عدوان، في شمال غزة، كانت الأولى منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر، وقد أسفرت عن "نتائج قاتمة".

إنقاذ شمال غزة، سيتطلب ما لا يقل عن 600 طن من المساعدات الغذائية يوميًا، أو 30 شاحنة، لمدة 10 أيام، تبدأ بشكلٍ فوري

ووصف رئيس منظمة الصحة العالمية المستويات الحادة من سوء التغذية، وموت الأطفال من الجوع، والنقص الخطير في الوقود والغذاء والإمدادات الطبية في المرافق الصحية. وكتب: "الوضع في مستشفى العودة مروع بشكل خاص، حيث تم تدمير أحد المباني. ومستشفى كمال عدوان هو مستشفى الأطفال الوحيد في شمال غزة، وهو مكتظ بالمرضى".

وأضاف: "أدى نقص الغذاء إلى وفاة 10 أطفال. ويشكل نقص الكهرباء تهديدًا خطيرًا لرعاية المرضى، خاصة في الوحدات الحرجة مثل وحدة العناية المركزة ووحدة الأطفال حديثي الولادة". يشار إلى أن وزارة الصحة في غزة، أكدت وفاة 16 طفلًا في القطاع نتيجة سوء الغذاء ونقص الدواء.

من جانبه، قال مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين، إن مقتل أكثر من 100 شخص عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار بالقرب من قافلة مساعدات في غزة كان مأساة كان ينبغي توقعها وكان من الممكن منعها.

وقال ماثيو هولينجورث إن هناك حاجة ملحة لممر مساعدات إلى شمال غزة لمنع حدوث مجاعة "من صنع الإنسان" هناك بعد تجويع الفلسطينيين بسرعة وعلى نطاق مرعب.

وأضاف: "أن يكون لدينا وضع اليوم حيث يواجه نصف مليون شخص المجاعة خلال خمسة أشهر فقط، فهذا أمر غير عادي على هذا النطاق. لا يوجد مكان آخر في العالم اليوم يضم هذا العدد الكبير من الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة. في أي مكان. وكل ذلك من صنع الإنسان".

أوضح هولينجورث أن برنامج الأغذية العالمي أوقف تسليم المواد الغذائية إلى شمال غزة في أواخر شباط/فبراير، على الرغم من المجاعة التي كانت تلوح في الأفق، لأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار مرتين على "الفلسطينيين اليائسين الذين كانوا يحاولون الحصول على الغذاء من شاحنات برنامج الأغذية العالمي في نفس المكان".

وقال في مقابلة لـ"الغارديان": "من المؤسف، من وجهة نظرنا، أن السبب الكامل وراء وصولنا إلى التعليق المؤقت هو أننا كنا نخشى حدوث شيء من هذا القبيل. لقد مررنا بموقفين على مدار يومين متتاليين، حيث تم إطلاق النار عندما اقترب الناس كثيرًا من نقطة التفتيش العسكرية".

مضيفًا أن القرار تم اتخاذه في 19 شباط/فبراير، و"استند إلى الخوف من مقتل المزيد من المستفيدين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدة مباشرة من الشاحنات التي استقبلناها".

وأشار هولينجورث إلى أن شمال غزة سيحتاج إلى إغراقه بالمساعدات لتحقيق الاستقرار في الوضع. موضحًا أن الناس لن يتوقفوا عن المخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على المساعدات، إلا عندما يحصلون على ما يكفي من الغذاء لعدة أيام أو أسابيع ويعلمون أن خط المساعدات يعمل.

وقدر أن ذلك سيتطلب ما لا يقل عن 600 طن من المساعدات الغذائية يوميًا، أو 30 شاحنة، لمدة 10 أيام، تبدأ على الفور.

وأكد على أن عمليات إسقاط الغذاء جوًا، لا يمكنها توفير ما يكفي لمنع حدوث مجاعة في مدينة غزة. إذ يمكن لطائرة الشحن من طراز C-130 Hercules أن تحمل أقل من 5 أطنان من المواد الغذائية، أو حوالي ربع حمولة شاحنة. ومع ذلك، اعتبر أن أي شيء يدخل إلى الشمال مهم.

وفي زيارة في أواخر شباط/فبراير، شاهد هولينجورث الناس "يقطعون العشب ويقطفون أوراق الأشجار لتناول الطعام، وشاهد أطفالًا يهدرون من الجوع، وبالغين قالوا إنهم لم يأكلوا لعدة أيام حتى يتمكن أطفالهم من تناول بضع لقمات يوميًا".

وذكر قصة، أحد الرجال الذين جاءوا للحصول على المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، وكان ضعيفًا جدًا من الجوع لدرجة أنه اضطر إلى فتح الصندوق وتناول علبة من الفاصوليا ليحصل على القوة اللازمة لحمل الباقي إلى المنزل.

وقال هولينجورث إن برنامج الأغذية العالمي لديه 550 شاحنة في العريش محملة بالأغذية وجاهزة للانطلاق بمجرد أن يصبح الوصول أفضل. وانخفض عدد شاحنات المساعدات التي تعبر إلى غزة إلى أقل من 100 شاحنة يوميًا في شباط/فبراير، أي أقل من نصف مستويات كانون الثاني/يناير.

وأضاف أن شحنات المساعدات تتعطل بسبب الاختناقات عند نقاط التفتيش الإسرائيلية التي تمنع دخول المساعدات إلى غزة، والمشاكل الأمنية في منطقة ينعدم فيها القانون بطول أربعة كيلومترات بين الحدود ورفح، والتحديات اللوجستية المتمثلة في نقل الغذاء شمالًا في الشوارع المقصوفة المزدحمة باللاجئين وعبر المجتمعات المحلية، حيث ينتشر الجوع أيضًا على نطاق واسع، وإن كان أقل حدة مما هو عليه في الشمال.

وقال: "لدينا شاحنات تنتظر العبور لمدة أسبوع أو 10 أيام، ثم تعبر ويمكن أن يستغرق ذلك من 24 ساعة إلى 48 ساعة للمرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية".

ترجع هذه التأخيرات جزئيًا إلى أن الشحنة تمر عبر ست عمليات تحميل وتفريغ. ويجب تفريغ جميع الإمدادات من الشاحنات المصرية في شاحنات "معقمة" تعمل فقط في منطقة المعبر، ثم نقلها إلى نقطة تفتيش حيث يتم تفريغ محتوياتها مرة أخرى للفحص التفصيلي.

وأوضح: إذا نجحت في كل ذلك، ورفضت السلطات الإسرائيلية عنصرًا واحدًا يعني إعادة شاحنة بأكملها، ويجب تحميلها مرة أخرى على شاحنات معقمة، ونقلها إلى حدود غزة، وتفريغها مرة أخرى وإعادة تحميلها على شاحنات تسير داخل غزة. وبمجرد صعود تلك الشاحنات، يوجد ممر إمداد إلى حافة رفح حيث لا سيطرة للجيش الإسرائيلي ولا للسلطات المدنية في غزة.

وقال هولينجورث: "إنه ممر أرضي محظور بطول 4 كيلومترات، حيث لا يوجد أمن غير الأمم المتحدة، وأمننا الوحيد هو قدرتنا على محاولة إقناع الناس بعدم السرقة منا".

وأوضح: "يستغرق الأمر من سبعة إلى عشرة أيام بين المغادرة، على سبيل المثال، من ميناء بور سعيد أو المحور في العريش حتى العبور الفعلي إلى رفح". كما أن مظاهرات الإسرائيليين الذين يعارضون وصول المساعدات إلى غزة تغلق المعبر لفترات.

وداخل غزة، يتعين على الشاحنات بعد ذلك أن تتنقل في شوارع رفح، المزدحمة بخيام اللاجئين لدرجة أن بعضها الآن بالكاد يتسع لعربة يجرها حمار، وتسير ببطء شمالًا عبر المجتمعات المحلية التي هي أيضًا في أمس الحاجة إلى الغذاء.

وقال هولينجورث إن العبور إلى شمال غزة بشكلٍ مباشر، سيكون الطريق الأكثر فعالية لوصول المساعدات المباشرة. ولكن إذا كان الضغط الشعبي الإسرائيلي يعني أن الحكومة لن توافق على ذلك، فإن إنشاء ممر آمن داخل حدود غزة، ويؤدي مباشرة إلى الشمال، سيكون بمثابة إجراء مؤقت يجعل إيصال المساعدات هناك أسهل بكثير.

ومع ذلك، في نهاية المطاف، يحتاج الفلسطينيون إلى وقف القتال، للسماح بوصول المساعدات على نطاق واسع، موضحًا: "الشيء الوحيد الذي نريد أن ندعو إليه أكثر من أي شيء آخر هو وقف الأعمال العدائية". وقال هولينجورث: "إذا كان هناك وقف لإطلاق النار غدًا، فهذا سيغير قواعد اللعبة. يمكنك بعد ذلك العمل بطريقة مختلفة تمامًا... لتحسين الوضع والبدء في إعادة بناء حياة الناس وأملهم وكرامتهم".