يلاحظ مع اقتراب موعد الحسم الانتخابي في انتخابات الرئاسة الأميركية، في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، احتدام التنافس بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب على كسب أصوات العرب والمسلمين الأميركيين الذين يواجهون صعوبة في اختيار أحد المرشحين، نظرًا للموقف الأميركي من جرائم الإبادة الجماعية في غزة والعدوان على لبنان.
في حين يدعو البعض منهم إلى التصويت العقابي ضد هاريس بسبب موقف الإدارة الديمقراطية المخيّب لآمالهم، يرى آخرون أن ترامب، عرّاب صفقة القرن، سيكون أكثر سوءًا من الإدارة الديمقراطية ليس على القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط فحسب، بل على جميع قضايا العرب والمسلمين الأميركيين.
ومع ذلك، يعمل ترامب جاهدًا هذه الأيام على إقناع "مجموعة حاسمة من الناخبين العرب والمسلمين بضرورة التصويت له"، رغم أنه أمضى سنوات في إهانتهم وشيطنتهم، حسب صحيفة "واشنطن بوست".
كما أشارت "واشنطن بوست" إلى أن ترامب ظل حتى شهر أيلول/سبتمبر يُطلق تهديداته بتطبيق "حظر السفر" الذي سبق له أن فرضه على بعض الدول الإسلامية خلال فترته الرئاسية الأولى.
تساهل إدارة بايدن مع جرائم إسرائيل في غزة والعدوان على لبنان نفّر العرب والمسلمين من التصويت لهاريس
يضاف إلى ذلك أن ترامب اتهم الديمقراطيين بأن لديهم خطة "لتحويل الغرب الأميركي الأوسط إلى الشرق الأوسط" في نبرة عنصرية دأب على تكرارها كلما تحدث عن الأميركيين من أصول لاتينية أو إفريقية أو عربية إسلامية.
وتذهب تحليلات سياسية إلى اعتبار أن استخدام ترامب للمسلمين والعرب واللاتينيين كفزّاعة هو في صميم هويته السياسية.
وفي هذا الصدد، تذكّرنا صحيفة "واشنطن بوست" بتبني ترامب في الحملة الانتخابية لعام 2016 رواية ملفقة عن الجنرال جون ج. بيرشينغ، قائد القوات الأميركية إبان الحرب العالمية الأولى، الذي أعدم "المتمردين" المسلمين في الفلبين برصاص مغموس في دهن الخنزير.
ومع ذلك، حرص ترامب في الأيام الأخيرة للحملة الحالية على خطب ود المسلمين، حيث خاطب السبت الماضي في ميشيغان ـ إحدى الولايات المتأرجحة الحاسمة ـ تجمعًا كبيرًا من العرب والمسلمين الأميركيين، مصرحًا خلال التجمع أنه "التقى مجموعة من قادة الجالية"، قائلاً لحضور تجمعه الانتخابي في ميشيغان: "هل تعرفون ماذا يريدون؟ إنهم يريدون السلام. إنهم أناس عظماء"، على حد تعبيره.
واعترف ترامب بأن "أصوات العرب والمسلمين في الولاية المتأرجحة قد تحسم، بطريقة أو بأخرى، نتيجة الانتخابات" في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. ويمكن تفسير هذا الاهتمام الذي يوليه ترامب بالعرب والمسلمين الأميركيين في هذه الحملة تحديدًا بسعيه إلى استغلال "ضعف الديمقراطيين في أوساط العرب والمسلمين الأميركيين بسبب دعم إدارة الرئيس جو بايدن للعدوان الإسرائيلي على غزة".
ومع ذلك، يوجد قطاع عريض من المسلمين والعرب الأميركيين الذين يعتقدون أن ترامب يتبع معهم حيلة سياسية لا أكثر، فمواقفه بخصوص العرب والمسلمين ما تزال كما هي، لم تتغير. لكن أنصار التصويت لترامب يتذرعون مع ذلك بضرورة منح الجمهوريين فرصة جديدة بعد سنوات بايدن العجاف.
ترامب يحقق اختراقًا في صفوف المسلمين والعرب
ترى وكالة "بلومبيرغ" أن ترامب نجح في اختراق صفوف الجالية العربية والمسلمة في الولايات الحاسمة المتأرجحة، وذلك على الرغم من أنه عندما كان رئيسًا للبلاد "سعى إلى حظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، كما وقف في الآونة الأخيرة بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حربه ضد غزة ولبنان، بل واستخدم كلمة "فلسطيني" في سياق مهين" خلال مناظرته مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتعد ولاية ميشيغان أكثر الولايات التي نجح فيها ترامب، حسب "بلومبيرغ" في خطب ود الناخبين الأميركيين المسلمين والعرب. ونوّهت في هذا السياق إلى حصول ترامب على تأييد الداعية بلال الزهيري، أول عمدة عربي مسلم لمدينة ديربورن هايتس في مقاطعة وين بولاية ميشيغان. كما رصدت "بلومبيرغ" توجيه قادة الجالية العربية والمسلمة في ميشيغان انتقادات لإدارة بايدن لعدم ممارستها "ضغوطًا كافية على إسرائيل وعدم الحد من بيع الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي".
وفي محاولة من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس لتدارك نزيف خسارتها للتأييد في أوساط الجالية المسلمة والعربية، أكدت حملتها الانتخابية أنها طمأنت المسلمين والعرب بأن مرشحتهم "ستعمل على إنهاء الصراع في الشرق الأوسط وجلب المساعدات إلى غزة بشكل سريع".
ومع ذلك، تشير آخر نتائج استطلاعات الرأي إلى أن ترامب يتفوق على هاريس في نيات التصويت لدى العرب الأميركيين على مستوى كامل الولايات المتحدة، بفارق 2% على الأقل. مع العلم أنه قبل ذلك، وتحديدًا في شهر آب/أغسطس، أظهر استطلاع لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أن هاريس تحظى بنفس معدل التأييد الذي تحظى به مرشحة حزب الخضر جيل ستاين في أوساط المسلمين، بنسبة 29% لكل منهما.