لا يحظى المرشحون الهامشيون في الانتخابات الرئاسية الأميركية بالضوء الكافي على الرغم من تعددهم، ومن الأدوار المحورية التي قد يؤثرون بها على المرشحيْن الرئيسيين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، لا سيما في الولايات المتأرجحة التي غالبًا ما تكون لها الكلمة الفصل في تحديد من يفوز في الانتخابات، وهذه الولايات هي: ميشيغن، ويسكونسن، بنسلفانيا، جورجيا، أريزونا، نيفادا وكارولينا الشمالية.
وثمة سابقة أدّى فيها مرشح هامشي إلى خسارة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية عام 2000، حيث تسبّب وجود المرشح الأميركي من أصل لبناني رالف نادر عن حزب الخضر بخسارة الديمقراطيين في تلك الانتخابات الرئاسية عام 2000، التي تنافس فيها المرشح الديمقراطي آل غور أمام الجمهوري جورج بوش الابن، الذي فاز في ولاية فلوريدا المتأرجحة حينها بفارق 536 صوتًا فقط، في حين حصل مرشح الخضر رالف نادر على 97 ألف صوت في الولاية، ما أدى إلى حصول المرشح الجمهوري على مقاعد المجمع الانتخابي في الولاية.
ومع بداية الاقتراع عبر البريد الإلكتروني في ولاية كارولينا الشمالية، بدأ من يُعرفون بـ"المرشحين الهامشيين" في الظهور إلى دائرة الضوء مع تصدر أسمائهم لورقة الاقتراع التي أظهرت أسماء 5 منهم ومن المرشح أن يظهر المزيد من هؤلاء حتى موعد يوم الحسم الانتخابي في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مثلما حدث في جورجيا مع ترشح كلوديا دي لاكروز.
تسبب وجود المرشح الأميركي عن "حزب الخضر" رالف نادر، في انتخابات عام 2000، بخسارة الديمقراطيين للانتخابات وفوز جورج بوش
تتكون قائمة المرشحين الهامشيين حتى الآن من: مرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، ومرشح حزب العدالة للجميع كورنيل ويست، ومرشح الحزب الليبرتاري تشيس أوليفر، ومرشح الحزب الدستوري راندال تيري، والمرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور، الذي قدم ترشحه عبر "حزب نحن الشعب".
كيف يؤثر المرشحون الهامشيون؟
بخلاف الولايات المحسومة تقليديًا لصالح أحد الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة الأميركية، تبقى الولايات المتأرجحة موضع شك وصاحبة القرار في تحديد مصير الانتخابات الرئاسية ومن سيصل إلى البيت الأبيض. وفي هذه الولايات المتأرجحة، يتعاظم تأثير من يسمون بالمرشحين الهامشيين، حيث يبعثون القلق لدى كلٍّ من كامالا هاريس وترامب. فالأولى تخشى من حصولهم على أصوات قطاعات كبيرة من الأقليات، والثاني يخشى من استئثار بعضٍ منهم بأصوات المستقلين الذين لم يحسموا اختيارهم بعد.
ولذلك يعمل المرشحان الأكثر حظًّا بجهد لضمّ المرشحين الهامشيين أو حذف ترشيحهم. ويشار في هذا الصدد إلى طعن الديمقراطيين في كارولينا الشمالية من أجل بقاء روبرت كينيدي جونيور على لائحة الاقتراع بعد إعلان انسحابه من الانتخابات في الولايات المتأرجحة ودعمه لترامب، إلّا أنّ لجنة الانتخابات الأميركية رفضت حذف اسمه من الاقتراع، وقالت رئيسة اللجنة في ولاية كارولينا برينسون بيل: "إن طلب كينيدي لا يمكن تنفيذه لأن الولاية طبعت بالفعل أكثر من مليوني بطاقة اقتراع في 67 من أصل 100 مقاطعة وليس لديها الوقت أو المال لإعادة بدء التصويت المبكر".
وكان المرشح الجمهوري دونالد ترامب قد فاز بهذه الولاية المتأرجحة بفارق يزيد عن نقطة واحدة في الانتخابات الرئاسية عام 2020 أمام الرئيس الحالي جو بايدن. ويمنّي الديمقراطيون أنفسهم أن يؤدي ترشح كينيدي جونيور إلى خصم نسبة من الأصوات لصالحه من رصيد ترامب، لا سيما بين المستقلين: "الذين لم يحسموا أصواتهم بعد سواءً لصالح ترامب أو هاريس".
ينطبق الأمر ذاته على ولاية جورجيا المتأرجحة هي الأخرى، حيث يسعى فيها الحزبان الجمهوري والديمقراطي إلى: "حذف أسماء بعض مرشحي الأحزاب الأخرى أو المستقلين"، ويبدو الديمقراطيون الأكثر حرصًا على شطب المرشحين الآخرين، نظرًا لتمكنهم من الفوز فيها في انتخابات 2020 لكن بفارقٍ لا يصل 13 ألف صوت.
ومن أجل تجسير الفجوة في الأصوات، قام الجمهوريون في جورجيا بالطعن لإبقاء جميع المرشحين على ورقة الاقتراع بعد قرارٍ من الولاية "باستبعاد كورنيل ويست الذي يترشح كمستقل في الولاية، وكلوديا دي لا كروز، المرشحة عن حزب التحرير والاشتراكية، وجيل ستاين".
وفي تعليقها على هذا القرار، قالت المرشحة كلوديا دي لا كروز: "إنّ الحزب الديمقراطي يرغب في تقييد الخيارات المتاحة لناخبي جورجيا لأنهم لا يريدون التنافس مع حملة اشتراكية تقدم حلولًا حقيقية للمشاكل الضخمة التي يواجهها العمّال" على حدّ تعبيرها.
ومدار خوف الديمقراطيين من عودة هذه الأسماء الثلاثة هو حضورهم القوي في أوساط الأقليات، مع الإشارة إلى أن هؤلاء المرشحون الثلاثة: "يطالبون بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ووقف تمويل إسرائيل، وحقّ الفلسطينيين في حياة كريمة".
ولفهم طبيعة الصراع الجمهوري الديمقراطي في معركة إبقاء أو استبعاد المرشحين الهامشيين، نشير في هذا الصدد لإشادة ترامب بترشح كلٍّ من كورنيل ويست وجيل ستاين، حيث وصف الأول قائلًا هو: "أحد المرشحين المفضلين لديه"، وقال عن الثانية: "أنا أحبها كثيرًا، هل تعلم لماذا؟ لأنها تأخذ 100% منهم (يقصد أنها ستحصل على أصوات كانت ستذهب للديمقراطيين)، وهو أيضًا يأخذ 100%".
وفي المقابل، يحبّذ الديمقراطيون بقاء روبرت كينيدي جونيور في الانتخابات، وكذلك مرشح الحزب الدستوري راندال تيري، المعروف بمناهضته للإجهاض، لأنّهما ببساطة يمكن: "أن يجتذبا أصوات ناخبين من ترامب".