أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تقريرًا صادمًا، يظهر وفاة العديد من النساء والأطفال لأسباب يمكن الوقاية منها في دارفور بالسودان.
تقرير المنظمة، الذي صدر اليوم الأحد، بُني على دراسة أوضحت أن النساء والأطفال يعانون من أسوأ حالات الطوارئ الصحية في العالم حسب وصفه، حيث تموت النساء الحوامل خلال الولادة أو ما بعدها، وكذلك الأطفال، بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، وتتجاوز احتياجاتهم الصحية ما يمكن لمنظمة أطباء بلا حدود الاستجابة له وفق المنظمة.
عدد الوفيات بين الأمهات في مستشفيين تابعين لأطباء بلا حدود بجنوب السودان يشكل 7% من إجمالي عدد الوفيات في جميع مرافق المنظمة بكل أنحاء العالم
وأظهرت أطباء بلا حدود أن عدد الوفيات بين الأمهات في مستشفيين فقط تدعمهما المنظمة بجنوب دارفور بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2024 يزيد عن سبعة في المائة من إجمالي عدد الوفيات بين الأمهات في جميع مرافق أطباء بلا حدود في جميع أنحاء العالم، في عام 2023. كما وجد فحص سوء التغذية لدى الأطفال معدلات تتجاوز عتبات الطوارئ.
وقالت مديرة أنشطة الصحة الجنسية والإنجابية بالمنظمة "جيليان بوركارت": "هذه أزمة لا تشبه أي أزمة أخرى رأيتها في حياتي المهنية"..."إن حالات الطوارئ الصحية المتعددة تحدث في وقت واحد مع عدم وجود أي استجابة دولية تقريبًا من الأمم المتحدة وغيرها. يموت الأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل والأمهات الجدد بأعداد صادمة. والعديد من هذه الوفيات ناجمة عن حالات يمكن الوقاية منها، ولكن كل شيء تقريبًا قد انهار".
Women and children in South Darfur, Sudan, are dying from preventable conditions due to gaps in maternal health and nutrition. We urge donors, the UN, and international organisations to increase funding and scale up support to meet critical needs.
https://t.co/aMIspH0xLT— MSF International (@MSF) September 29, 2024
وشرح التقرير أنه من كانون الثاني/يناير إلى آب/أغسطس كان هناك 46 حالة وفاة لأمهات في مستشفيات نيالا التعليمية وكاس الريفية، وأظهر أن ندرة المرافق الصحية العاملة وتكاليف النقل الباهظة تعني أن العديد من النساء يصلن إلى المستشفى في حالة حرجة، حوالي 78 في المائة من هذه الوفيات الـ 46 حدثت في أول 24 ساعة بعد القبول في المستشفى.
وأبرزت المنظمة أن أبرز الأسباب شيوعًا لوفاة الأمهات كان الإنتان، حيث تجبر ندرة المرافق الصحية النساء على الولادة في بيئات غير صحية، تفتقر إلى العناصر الأساسية مثل الصابون وحصائر الولادة النظيفة والأدوات المعقمة. وبدون هذه العناصر الأساسية تصاب النساء بالعدوى، ومع انخفاض إمدادات المضادات الحيوية، قد يصلن إلى المستشفى فقط لمقابلتهن، ولكن دون خيار علاجي متاح.
واستعرضت قائدة الفريق الطبي للمنظمة "ماريا فيكس" إحدى حالات أولئك النسوة: "انتظرت مريضة حامل من منطقة ريفية يومين لجمع الأموال اللازمة للحصول على الرعاية. وعندما سافرت إلى مركز صحي، لم يكن لديها أدوية، لذلك عادت إلى المنزل". تكمل فيكس: "بعد ثلاثة أيام، تدهورت حالتها ولكن مرة أخرى كان عليها الانتظار لمدة خمس ساعات من أجل النقل، كانت بالفعل في غيبوبة عندما وصلت إلينا، ماتت من عدوى يمكن الوقاية منها".
أطباء بلاحدود بعد فحص 30 ألف طفل دون السنتين في جنوب دارفور: 32.5% من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، 8.1% يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد
تمتد الأزمة في جنوب دارفور إلى الأطفال، حيث أصبح الآلاف على وشك الموت والجوع، بينما يموت آخرون من أمراض يمكن الوقاية منها بحسب المنظمة، فقد توفي 48 مولودًا جديدًا بسبب الإنتان في الفترة بين كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو 2024، وذلك في مستشفيات نيالا التعليمية وكاس الريفية فقط، مما يعني أن واحدًا من كل خمسة مواليد مصابين بالإنتان لم ينج.
وأشارت المنظمة إلى أنه في شهر آب/أغسطس الفائت، تم فحص 30 ألف طفل دون سن الثانية ومن بين هؤلاء، تبين أن 32.5% يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو ما يتجاوز بكثير عتبة الطوارئ التي حددتها منظمة الصحة العالمية بـ 15%، وعلاوة على ذلك، كان 8.1% من الأطفال الذين تم فحصهم يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.
وتحدثت مديرة أنشطة الصحة الجنسية والإنجابية بالمنظمة، جيليان بوكهارت، وهي التي عملت في شمال دارفور قبل انتقالها لجنوب دارفور عن الفجوة الكبيرة بين ما الحاجات وما هو متوفر، وقالت: "إن التفاوت بين الاحتياجات الضخمة للرعاية الصحية والغذاء والخدمات الأساسية، والافتقار المستمر إلى الاستجابة الدولية أمر مخز". كما دعت إلى زيادة عاجلة في التمويل: "وندعو الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى زيادة التمويل بشكل عاجل، فضلاً عن توسيع نطاق برامج صحة الأم والتغذية وتوفيرها."
وحذرت بوكهارت من مستقبل أكثر قتامة للواقع الصحي: "إن التفاؤل بأن التحديات ستختفي من تلقاء نفسها لن يؤدي إلى أي شيء. وبالنسبة للعديد من الأمهات والأطفال، فقد فات الأوان بالفعل. يجب إدارة المخاطر وإيجاد الحلول قبل فقدان المزيد من الأرواح".