11-سبتمبر-2024
يتصرف المستوطنون في الضفة الغربية كأنهم هم الشرطة والجيش (منصة إكس)

يتصرف المستوطنون في الضفة الغربية كأنهم هم الشرطة والجيش (إكس)

تحدثت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن فئة جديدة من المستوطنين يطلق عليهم "أمراء الحرب"، يحملون الأسلحة ويمارسون العنف ضد الفلسطينيين ويتصرفون كأنهم الشرطة والجيش، في عدة أماكن من الضفة الغربية المحتلة.

ولفت التقرير إلى مستوطن طلب من سكان بلدة بورين، الواقعة بالقرب من نابلس، أن ينادوه باسم يعقوب، وأن عليهم التعامل معه كمختار ورئيس للبلدية أو رئيس الأمن.

ولم تعرف هوية المستوطن إلا بعد ورود اسمه في قائمة المستوطنين الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات نهاية الشهر الماضي، وهو يعقوب ليفي فيلانت.

لفت التقرير إلى مستوطن طلب من سكان بلدة بورين، الواقعة بالقرب من نابلس، أن ينادوه باسم يعقوب، وأن عليهم التعامل معه كمختار ورئيس للبلدية

رسميًا يشغل فيلانت، وظيفة المنسق الأمني لمستوطنة "يتسهار"، المطلة من تلة على سلسلة من القرى الفلسطينية العريقة القائمة على منحدرات تحتها، في جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة، وتشتهر مدرسة مستوطنة "يتسهار" الدينية، بتدريس النزعة العسكرية اليهودية، وقد أغلقت لأكثر من عام في عام 2014، لأنها كانت بمثابة قاعدة للهجمات ضد الفلسطينيين.  

تشير "الغارديان" إلى أن "فيلانت، أصبح أمير حرب لكامل منطقة جبل سلمان، حيث استخدم القوة التعسفية المنتظمة"، وبرز كواحد من أعضاء "كتيبة مكونة من زعماء المستوطنين الوحشيين"، ليحصل على لقب "المواطن المصنف بشكل خاص" من وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الأميركية، بسبب "الأنشطة الخبيثة الواقعة خارج نطاق صلاحيته"، وتم إدراج اسمه على القائمة السوداء، ومنع من تلقي الأموال من الأميركيين.

وفي معرض تصنيفه على القائمة السوداء، ذُكر حادث وقع في شهر شباط/فبراير الماضي، حيث قاد فيلانت، مجموعة من المستوطنين المسلحين، وأقاموا نقاط تفتيش، وقاموا بدوريات لملاحقة ومهاجمة الفلسطينيين في أراضيهم وإجبارهم على تركها بالقوة.

وأوضحت الصحيفة البريطانية، إلى أن هذا "لم يكن سوى مثال واحد عن التخويف الذي يمارسه المستوطنون المسلحون بقيادة فيلانت، والذي استمر حتى بعد فرض العقوبات عليه في 28 آب/أغسطس. فقبل أسبوع قام مسلحون بإطلاق الغاز المسيل للدموع على أطفال كانوا يلعبون في ملعب مدرسة بورين".

وقال رئيس واحدة من التعاونيات الزراعية في المنطقة، غسان النجار، الذي ساعد على تدريب الأطفال في فريق كرة القدم: "لم نأت إلى هنا منذ أكثر من أسبوع لأننا نخشى أن يتعرض الأطفال للأذى، ولا يمكننا تحمل المسؤولية عن ذلك"، وأضاف النجار للصحيفة البريطانية: "من الصعب معرفة إن كانوا جنودًا من الجيش النظامي أم مستوطنين يرتدون الزي العسكري".

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أصبح التفريق بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين أمرًا صعبًا، فقد تم استدعاء كل جنود الاحتياط بمن فيهم فيلانت، الذي قام بتجنيد الشباب من المستوطنين فيما أطلق عليه "جيش يعقوب"، وفقًا للتقرير.

لكل شخص في بلدة بورين قصة عن فيلانت، وشاحنته البيضاء بأضوائها الصفراء واللاقطات الهوائية على سطحها معروفة وتثير الخوف، وقام هو ورجاله بإقامة نقطة تفتيش عشوائية بين القرى، ويتهمون بمعاملة السائقين بطريقة سيئة وسرقة أموالهم. 

وفي آذار/مارس الماضي، كان إدريس وأمالة خليفة قد انهيا تسوقهما لرمضان وركبا سيارة ابنهما مع زوجته وابنته عندما تعرضوا للهجوم من عصابات المستوطنين من "يتسهار"، الذين هشموا النوافذ بفأس وضربوا إدريس ورشوا الفلفل على الركاب.

واستطاع ابنه أن يرجع السيارة للخلف بسرعة والفرار من المكان، لكن سيارة فيلانت اعترضتهم، وتقول العائلة إنه أطلق النار على السيارة من النافذة الخلفية، وأوضحت أمالة لـ"الغارديان"، أن "السبب الوحيد لعدم إصابة أحد، أن النساء كنّ يعانينّ من الفلفل الذي رش على وجوههن، وكنّ في المعقد وهن يحمين الأطفال". 

بالإضافة لذلك، يمنع المستوطنون الإسرائيليون سكان القرية من الوصول إلى بساتين الزيتون أثناء موسم قطافه، وفي بعض الأحيان يشعلون النار في البساتين على التلال.

وبداية الشهر الماضي أشعل المستوطنون النيران في الأشجار ومنع فيلانت، سيارة الإطفاء من الوصول للمكان، وحاول المواطنون إطفاء الحريق قبل وصول الجيش بسيارة إطفاء، ولكن فات الأوان، كانت هناك خسارة فادحة، بحسب النجار ورجل آخر من القرية.

ولم ترد إدارة مستوطنة "يتسهار" على رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها "الغارديان" طلبًا للتعليق، كما لم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما أصدر "مجلس السامرة الإقليمي"، الذي يمثل المستوطنات في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، بيانًا يرفض الاتهامات الموجهة إلى فيلانت، ويشكو من أن "العقوبات من شأنها أن تفرض صعوبات على أسرته".

من جهته، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن قلقه الشديد من العقوبات الأميركية ضد فيلانت وجماعة "هاشومير يوش" التي توفر الحراس للبؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.

يمنع المستوطنون الإسرائيليون سكان القرية من الوصول إلى بساتين الزيتون أثناء موسم قطافه، وفي بعض الأحيان يشعلون النار في البساتين في التلال

وعلى مدى سنوات وثقت منظمة "يش دين" الإسرائيلية، التي تراقب انتهاكات المستوطنين "حوادث عنف ضد الفلسطينيين على يد المستوطنين وقوات الأمن، بما فيها حوادث تورط فيها فيلانت"،  وقالت رئيسة المنظمة، زيف شتال: "ما يحدث على الأرض هو أن المنسق الأمني يتحول إلى أكثر من كونه مجرد قائد للجنود، وليس العكس وليس كما يفترض أن يكون".

وأضافت أن: "العقوبات الأميركية على فيلانت وهاشومير يوش، إلى جانب التدقيق من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية منذ بدء حرب غزة، بدأت أخيرًا تتعامل مع إفلات المستوطنين مثل فيلانت من العقاب".

وتابعت: "أعتقد أن هناك تغيرًا بين الجمهور الإسرائيلي، لأن هناك الكثير من الحديث عن عنف المستوطنين، وقد أصبحت القضية مهمة على أجندة الإعلام"، لكن حتى الآن تجاهل الجيش الإسرائيلي رسالة "ييش دين" التي تطالب بطرد فيلانت، من صفوفه.