فيما تستمر موجة الهجمات الجوية للقوات التركية على مواقع حزب العمال الكردستاني والتنظيمات المؤيدة له في شمال العراق وشمال شرق سوريا، أعلن الحزب الذي يخوض قتالًا ضد الحكومة التركية منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وتضعه تركيا، بالإضافة للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على قوائم الإرهاب، أعلن قبل أيامٍ انهاء وقت إطلاق النار الذي لجأ إليه من جانبٍ واحدٍ في شباط/فبراير الماضي، في أعقاب وقوع الزلزال المدمر، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا.
أعلن حزب العمال الكردستاني قبل أيام انهاء وقف إطلاق النار الذي أعلنه من جانب واحد
إنهاء قرار وقف إطلاق النار
نشرت "منظومة المجتمع الكردستاني" المشرفة على جميع حركات التمرد الكردية، بيانًا، تعلن فيه انهاء قرار إيقاف العمليات العسكرية، وتصعيد العمليات العسكرية ضد الحكومة التركية.
وجاء في بيان "منظومة المجتمع الكردستاني"، أن قرار وقف العمليات العسكرية جاء بعد الزلزال الذي ضرب تركيا، وترافق مع انطلاق العملية الانتخابية، وتلك الانتخابات "اعتبرها كل من شعب كردستان والمجتمع التركي مهمة"، وكان قرار "إطالة أمد وقف العمليات العسكرية الذي اتخذناه حتى نهاية الانتخابات" يصب في اتجاه منع من "استفزاز" الحكومة التركية، من أجل تحقيق نتيجة في الانتخابات، التي "تعود بالفائدة على الشعب والقوى الديمقراطية"، وبحسب المنظومة، فإن القرار هذا هو "دعمًا للسياسة، وتطوير للعملية السياسية".
مرحلة هدوء دعمًا للمعارضة التركية
ويتضح من البيان أن هناك تقاطعًا ضمنيًا بين موقف حزب العمال الكردستاني من وقف العمليات العسكرية، وموقف تحالف "العمل والحرية"، بدعم المرشح الرئاسي السابق لتحالف "الأمة" المعارض كمال كليجدار أوغلو، حيث أن هذا التحالف الذي يضم أحزابًا يسارية تركية وكردية، شارك في الانتخابات بدعم من حزب الشعوب الديمقراطي، الذي تتهمه السلطات التركية بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني.
وخلال الحملة الانتخابية كانت مواقف قادة تحالف "العمل والحرية"، تشير إلى أن هناك اتفاقًا بين حزب الشعوب الديمقراطي وقادة تحالف "الأمة"، خاصةً وأن استطلاعات الرأي في بداية الحملة كانت تضع مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، في مقدمة السباق الانتخابي، وجرى الحديث عن أجواء جديدة في تركيا بعد فوز المعارضة في الانتخابات، حيث سيتم منها إطلاق سراح القيادات الكردية المعتقلة، وعلى رأسهم زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، وآلاف من أنصاره المعتقلين في السجون التركية.
وخلال مهرجان انتخابي في ولاية أرضوم، تحدث القيادي في حزب الشعوب الديمقراطي سري ساكيك، عن "فتح أبواب السجون"، قائلا: "أنتم تطالبون بالحرية لصلاح الدين دميرطاش، سنكون في الميادين بالطبع، سنكسر السجون في جزيرة آمرلي، وسنجلب الحرية لأصدقائنا ولآلاف من أصدقائنا".
بدورها، قالت الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي برفين بولدان، خلال تجمع انتخابي بولاية قوجه إيلي: "جميع المعتقلين من حزب الشعوب سيتم إطلاق سراحهم بعد الانتخابات، لن تخرج بالنجاح أنت في انتخابات 14أيار/مايو، بل سيخرج صلاح الدين دميرطاش، وجميع أصدقائنا من السجون".
كما هدد أعضاء من حزب اليسار الأخضر، أبرز أحزاب تحالف "العمل والحرية"، بشكل واضح وصريح تحالف "الأمة " المعارض، في حال فوزهم بالانتخابات، وعدم وفائهم بالوعود التي قطعوها لهم.
فيما تحدث القيادي في تحالف "الأمة" منصور يافاش، في لقاءٍ صحافيٍ، عن تحالفهم مع الأحزاب الكردية، مبررًا ذلك بأنهم "قد يلقوا السلاح، وقد يساهموا في اقناع حزب العمال الكردستاني بالتوجه نحو السلم".
وبالفعل فقد شهدت فترة الحملة الانتخابية حالة من الهدوء النسبي، مع توقف عمليات حزب العمال الكردستاني التزامًا بقرار "منظومة المجتمع الكردستاني"، بوقف إطلاق النار خلال فترة ما قبل الانتخابات.
الحكومة التركية ماضية بنهجها في مواجهة حزب العمال الكردستاني
في المقابل، تواصلت عمليات الجيش التركي وقوى الأمن داخل تركيا وخارجها، حيث أن الحكومة التركية لا تعترف بالإعلانات الصادرة عن الحزب ولا تعلق عليها. وبعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أفضت إلى فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة، وتحالف "الجمهور" بأغلبية المقاعد، وتشكيل الحكومة الجديدة، صعدت السلطات التركية من عملياتها لاستهداف مواقع وقادة حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وشرق سوريا، حيث قتل عدد كبير من عناصر الحزب ووحدات "حماية الشعب"، الجناح السوري للحزب، بالإضافة لعناصر قيادية، فقد أعلن يوم الثلاثاء 20 حزيران/يونيو، عن مقتل قياديتين كرديتين في هجوم بطائرة مسيّرة تركية على سيارتهم في قرية تل شعير في شمال شرق سوريا، وبداية الأسبوع الحالي، أعلن عن مقتل قيادي كردي ويدعى عثمان نوري أوجاكلي، في شمال سوريا، وتنسب له السلطات التركية، وقوفه وراء تنفيذ عدد من الهجمات ضد قوات الأمن، والتخطط لهجمات أخرى منها الهجوم على سجن بورصة.
كما جددت الحكومة التركية رفضها لانضمام السويد لعضوية حلف شمال الأطلسي، ما لم توقف نشاط أعضاء حزب العمال الكردستاني وباقي الأحزاب الكردية من النشاط على أراضيها.
ما بعد إعلان انتهاء وقف إطلاق النار؟
ومع إعلان حزب العمال الكردستاني انهاء وقف إطلاق النار، من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة عمليات للحزب في داخل تركيا وخارجها، أين تتواجد قواعد للقوات التركية في شمال العراق وسوريا، وهو ما يعني أن المواجهة ستكون مفتوحة في ثلاث جبهات، لكن المتابع للشأن التركي، يرى أن الفترة الماضية شهدت انخفاضًا في عمليات حزب العمال الكردستاني، وهذا يعود لعدة أسباب، من بينها: قطع القوات التركية لخطوط الإمداد في جنوب شرقي تركيا بشكل كبير أمام مسلحي الحزب، بالإضافة لعمليات القصف المكثف والمستمر التي تشهدها معاقل الحزب في شمال العراق، كما أن مساحة العمل في جنوب تركيا انحصرت بالنسبة لحزب العمال.
تواصلت عمليات الجيش التركي وقوى الأمن داخل تركيا وخارجها، حيث أن الحكومة التركية لا تعترف بالإعلانات الصادرة عن الحزب ولا تعلق عليها
لكن هذا الضغط سيجعل عمليات الحزب أكثر خطورة، وتدفع به لتكثيف عملياته على مختلف الجبهات، كما أن هناك مخاوف من نقل الحزب لعملياته لمراكز المدن الكبرى، بالإضافة لاستهداف المراكز الصناعية المهمة، وهو ما يعطى إشارات بأن كل احتمالات التصعيد تبقى قائمة.