لو أنكّ موظّف في شركة أو قطاع ما، وتقضي جزءًا كبيرًا من يومك جالسًا أمام شاشة الحاسوب، فستكون على الأغلب من أولئك الذين يشتكون طوال الوقت من آلام الرقبة والظهر، أسفله وأعلاه، والكتفين، وسيساعدك تطبيق إنستغرام أو تيك توك، على الوصول إلى مثل هذه الفيديوهات التي تبعث فيك شعورًا غامضًا من الدغدغة والغيرة.
ولعلك بعد إدمان مشاهدة هذه المقاطع وغيرها، فكرت بالبحث عن أحد هؤلاء المعالجين وزيارتهم.
وأنت لست وحدك في هذا. فقد أصبح الذهاب إلى مقوم العظام (chiropractor) ممارسة تحظى بمقبولية متزايدة في مجال الرعاية الطبية، إذ تتزايد نسب من يزورون هؤلاء المعالجين في مختلف أنحاء العالم، ولاسيما في الولايات المتحدة، حيث تشير الإحصاءات هناك أن 15% من البالغين يزورون طبيبًا من هؤلاء كل عام.
لكن ليس الجميع متفقين على سلامة هذا النشاط الطبي وطريقة ممارسته الحالية، والتي لا تخلو من المخاطر والمشاكل التي لا تصل إلى كثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى افتقارها إلى الدعم العلمي الكافي، رغم أن الغالبية العظمى من هذه الإجراءات تمرّ بلا حوادث.
لكنّ الأمر ليس بسيطًا. فنخن نتحدث هنا عن العمود الفقري، والفقرات العلوية من الرقبة، وهي أجزاء ذات طبيعة بالغة الحساسية، والعبث بها قد يؤدي إلى عواقب مضاعفة ومهلكة. إذ تكفي حركة خاطئة واحدة إلى تعريض المريض إلى مشاكل أكبر، قد تصل في بعض الأحيان إلى تسلخ في الشرايين وتمزق في الأوعية الدموية التي تمد الدماغ بالدم، كما يمكن في بعض الحالات أن يؤدي الخطأ إلى تمزّق في جدار أحد الشرايين الدموية وتكون جلطة قاتلة.
ومن غير الواضح لدى الباحثين حاليًا مدى شيوع مثل هذه المضاعفات التي تتبع العلاج بتقويم العمود الفقري، إلا أن أحد التقديرات يشير إلى أن تسلخ الشرايين التابع لمثل هذه الإجراءات العلاجية يحدث بمعدل مرة بالألف، بينما يشير آخرون من المتحمسين العاملين في هذا المجال إلى أن المعدل أقلّ بكثير، ولا يمثّل نسبة يمكن الاعتداد بها كأساس للتحذير من مخاطر العلاجات التقويمية للرقبة والعمود الفقري.
ومع ذلك، وبالنظر إلى شدّة الإصابة المحتملة، يحذر العديد من متخصصي العلاج الطبيعي وجراحة العظام من أن التقويم اليدوي للرقبة قد يكون خطيرًا، ويقدمون بعض التوصيات لتجنب أي مآسٍ ناجمة عنه.
ما هو العلاج بتقويم العمود الفقري؟
العلاج بتقويم العمود الفقري، أو العلاج بتقويم المفاصل، هو علاج يستخدم يدوي لتقويم العظام والمفاصل للمساعدة في تخفيف مشاكل العظام والعضلات والمفاصل، وخاصة في منطقة الرقبة والظهر، ويعتبر نوعًا من الطب التكميلي والبديل (CAM) ، مما يعني أنه ليس علاجًا طبيًا تقليديًا.
استخدامات العلاج بتقويم العمود الفقري والعظام
- ألم الرقبة
- ألم الظهر
- ألم الكتفين
- ألم الكوع
- الآلام الناجمة عن هشاشة العظام
ماذا يحدث أثناء العلاج بتقويم العمود الفقري والعظام؟
يستخدم مقومو العمود الفقري والعظاك تقنيات مختلفة لعلاج مشاكل العضلات والمفاصل ، بما في ذلك:
- التلاعب بالعمود الفقري - استخدام أيديهم لممارسة القوة على عضلات وعظام ومفاصل العمود الفقري والرقبة
- حركات دفع قصيرة وحادة
- تحريك مفاصلك تدريجيًا إلى أوضاع مختلفة
- شد أو شد عضلاتك في اتجاهات مختلفة
المخاطر المحتملة
لا يكون العلاج مؤلمًا في العادة، ولكن قد يشعر بعض الأشخاص ببعض الانزعاج. أما القلق الذي يحذر منه المختصون، فيتمثل في احتمال ولو كان ضئيلًا عادة بحصول تمزق أو تسلخ في الشرايين، خاصة عند التلاعب بعظاك الرقبة. يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الرقبة أكثر قدرة على الحركة وبالتالي فهي أكثر عرضة للإصابة، أما الجذع فمحمي بواسطة الأضلاع. كما تمرّ الشرايين الرئيسية التي توزع الدم من القلب إلى الدماغ عبر فقرات العنق، مما يجعل الأوعية الدموية هناك أكثر عرضة للخطر.
الأعراض الأكثر شيوعًا لتسلخ الشرايين هي الصداع والدوخة والدوار، ومن الممكن أيضًا حصول ضعف أو تنميل أو شلل في أحد جانبي الجسم.
العلاج بتقويم العمود الفقري آمن بشكل عام عندما يتم إجراؤه بشكل صحيح من قبل مقوم العظام المدرب والمسجل.
قد يعاني بعض الأشخاص من آثار جانبية أخرى من هذا النوع من العلاج، تشمل ما يلي:
- الأوجاع والالآم
- التصلّب
- التعب
وهنالك احتمال حصول مشاكل أكثر خطورة، مثل الانزلاق الغضروفي والسكتة الدماغية جراء التلاعب بالعمود الفقري.
وقد جدت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 50،000 عملية تلاعب بالعمود الفقري العنقي أن حوالي 16 من كل 1000 عملية علاجية نجم عنها شعور بالإغماء والدوخة والدوار. حاول باحثون آخرون تقييم الخطر من خلال العمل بشكل عكسي: العثور على الأشخاص الذين عانوا من تسلخ بالشرايين وتحديد ما إذا كانت نسبة منهم قد خضعوا في وقت سابق للعلاج بالتلاعب بالعمور الفقري، وقد وجدت دراسة صغيرة أن 15 بالمئة من الحالات قد حصلت بعد نشاط رياضي، و11 بالمئة عقب معالجة بالتقويم الفقري.
كما أظهرت العديد من الدراسات أن خطر الإصابة بتسلخ الشرايين والسكتة الدماغية يكون أعلى بثلاث إلى 12 مرة لدى الأشخاص الذين خضعوا مؤخرًا لتلاعب بفقرات الرقبة، وفقًا لمراجعة أجراها مجلس السكتات الدماغية التابع لجمعية القلب الأمريكية.
خطر حدوث مضاعفات من العلاج بتقويم العمود الفقري أو أجزاء منه منخفض للغاية
خلاصة القول هو أن خطر حدوث مضاعفات من العلاج بتقويم العمود الفقري أو أجزاء منه منخفض للغاية، وتؤكد بعض الأبحاث أن هذه الممارسة مفيدة مثلها مثل بعض التمارين المنزلية والعلاج الطبيعي والأدوية، لذلك لا يتردد الكثير من الأطباء في التوصية بها في بعض الحالات، مع اشتراط أن يقوم بها مختصّ معتمد وممارس.