تتجه الصين إلى تغيير استراتيجيتها من التركيز على الاقتصاد إلى تحديث قدراتها العسكرية وزيادتها، تحسبًا لأي تصعيد عسكري في نطاقاتها الحيوية (تايوان، بحر الصين الجنوبي، منطقة المحيط الهادئ). وكانت بوادر مؤشرات هذا التوجه الجديد بارزة في زيادة ميزانية الدفاع وتكثيف المناورات العسكرية الفردية والمشتركة، خاصةً مع روسيا.
وفي أحدث تطورٍ بشأن التوجه الصيني العسكري الجديد، يترقب المتابعون أن تزيل بكين هذا الأسبوع الستار عن طراز جديد من الطائرات المقاتلة التي لا يرصدها الرادار، من نوع "جيه-35 إيه" المشابهة في تصميمها لطائرة "إف 35" الأميركية، بالإضافة إلى مسيرات هجومية توصف بالنوعية، وذلك خلال معرضٍ جوي كبير، يترقبه خصوم الصين، الأسبوع الجاري، وهو معرض تشوهاي الذي تنظمه بكين كل عامين، ويتزامن هذه المرة مع الذكرى الـ 75 لتأسيس سلاح الجو لجيش التحرير الشعبي الصيني.
وبحسب المحللين العسكريين، فإن ما ستكشفه الصين في هذا المعرض، سيعكس مدى التطور الذي أنجزته الصين في مجال معداتها العسكرية وتقنياتها الحربية، لا سيما في مجالين، أحدهما كانت الولايات المتحدة الأميركية لا تضاهى فيه إلى وقت قريب (الطائرات الشبحية)، والثاني ما يزال مضمارًا بكرًا يشتد فيه التنافس بين أكثر من لاعب دولي وهو (الطائرات المسيرة)، التي قلبت الحسابات في كثير من الحالات وتعد بعصرٍ جديد من الحروب.
اتجهت الصين نحو تطوير قدراتها العسكرية وجيشها تحسبًا لأي نزاع مسلح مع واشنطن أو حلفائها
ستكشف الصين النقاب عن طائرة مقاتلة لا يرصدها الرادار ومسيرات هجومية في معرض جوي كبير هذا الأسبوع، يترقبه الخصوم والمحللون على حد سواء لما قد يتضمنه من مؤشرات نادرة على تطوير بكين لمعداتها العسكرية.
لا تقتصر رسائل معرض الصين الجوي على مجرد استعراض الترسانة الصينية في هذا المجال، بل سيكون فرصةً كذلك لتبيان المستوى الذي وصلت إليه العلاقات الروسية الصينية، حيث ستكون موسكو ضيف الشرف، ممثلةً في سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو. كما سيشهد المعرض الصيني قيام المقاتلة الشبح الروسية "سو-57، الأكثر تقدمًا" برحلة استعراضية.
وليس من المستبعد إذا سارت العلاقات بين البلدين بنفس الوتيرة الحالية أن تُسفر عن توقيع اتفاقية دفاع مشتركة على غرار تلك التي وقعتها موسكو مؤخرًا مع بيونغ يانغ، وأرسلت بموجبها الأخيرة عشرات الآلاف من جنودها لدعم المجهود الحربي الروسي ميدانيًا في أوكرانيا.
الاستعداد للمواجهة التي لا مفر منها
على الرغم من إعلان واشنطن تمسكها بسياسة الصين الواحدة التي لا تدعم انفصال تايوان، إلا أن السلوك الأميركي المتمثل في تكثيف الوجود العسكري في منطقة المحيط الهادئ وتنظيم مناورات مع اليابان وكوريا الجنوبية والهند وأستراليا وتعزيز الشراكات الدفاعية مع هذا الرباعي في مناطق تعتبرها بكين نقاط توتر بالنسبة إليها جعلها تتجهز للأسوأ. فخلال السنوات القليلة الماضية، أرسلت بكين عددًا قياسيًا من طائراتها الحربية حول تايوان.
وتعد المقاتلة الصينية الجديدة "جيه ـ35 إيه" أبرز مثال على استعداد الصين للمواجهة المتوقعة، في حال خطت بكين خطوة نحو ضم تايوان، أو أقدمت واشنطن وحلفاؤها على استفزاز التنين الصيني.
خصائص المقاتلة الصينية الجديدة
تبدو مقاتلة "جيه-35 إيه" الصينية من حيث التصميم مشابهة لطائرة إف 35. وبحسب المعلومات الشحيحة حول الطراز الصيني الجديد، فإن "جيه-35 إيه" مقاتلة "متعددة الأغراض متوسطة الحجم". ولا يرى الخبير في الشؤون العسكرية الصينية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة جيمس تشار أن تكشف الصين الكثير عن "أداء مقاتلتها في المعرض المرتقب، لكن حقيقة أن جيش التحرير الشعبي واثق بما يكفي للكشف عنها الآن قد تكون علامةً على اعتقاد قيادته العليا بأن المشروع سيصل إلى رحلاته التجريبية النهائية قريبًا".
وستصبح الصين بإدخال هذا الطراز الجديد من المقاتلات الشبحية إلى الخدمة هي ثاني دولة بعد الولايات المتحدة "لديها مقاتلتا شبح في الخدمة".
فبالإضافة إلى طائرة "جيه-35 إيه" تمتلك الصين طائرة "جيه 15 تي" البحرية التي سيجري استخدامها، حسب مصادر صينية، على حاملة الطائرات الصينية، فوجيان، التي تعد الأحدث من نوعها في الصين.
هيمنة صينية على الطائرات المسيرة
إذا كانت الولايات المتحدة تتفوق على الصين في معظم مجالات التكنولوجيا العسكرية التقليدية، فإن بكين تُهيمن في المقابل على سوق صناعة الطائرات المسيرة، وستستعرض الصين في معرض تشوهاي الجوي هذا العام عضلاتها في مجال صناعة المسيرات، حيث ستعرض "مسيرة أس أس" الضخمة التي بمقدورها أن تطلق "سربًا من الطائرات المسيرة الأصغر منها حجمًا بسرعة، لا لجمع المعلومات الاستخباراتية فقط، وإنما لتنفيذ ضربات عسكرية".
وبالإضافة لهذا النموذج، ستعرض الصين، وفق معلومات، أنواعًا أخرى من المسيرات الانتحارية وطائرات أخرى ذات قدرات غير معروفة أو خاصة، حسب توقعات شيو جيه شيانغ من معهد تايبيه لأبحاث الدفاع الوطني والأمن.
وبالنظر للقيمة المتزايدة لسلاح المسيرات الفتاك، ستخصص في معرض تشوهاي لأول مرة منطقة خاصة للطائرات المسيرة التي أثبتت نجاعتها في ميادين الحروب، لا سيما في أوكرانيا.