وجه نحو ثلاثة آلاف سجين ومعتقل سياسي مصري نداءً عن تعرضهم للموت البطيء داخل سجن "وادي النطرون 1" بسب استمرار الانتهاكات بحقهم وشربهم المياه الملوثة بسبب رفض إدارة السجن إدخال فلاتر لتنقية المياه، وذلك بهدف التربح من شراء المعتقلين المياه المعدنية من "كانتين" السجن بأضعاف سعرها.
ونشرت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" النداء الذي وصلها، الخميس، مشيرة إلى أنه الثاني الذي يصلها من أكثر من 2850 نزيلًا في السجن، موزعين على ثلاثة عنابر (أ، ب،ج)، وكل عنبر منهم يحتوى على 14 غرفة داخل أحد "أسوأ السجون من حيث توفير أبسط الحقوق الطبيعية، من مياه نظيفة وهواء نقي وأشعة شمس طبيعية التي تحمي من انتشار الأمراض"، بحسب الرسالة.
ودقت الشبكة "ناقوس الخطر للالتفات إلى المعتقلين داخل سجن وادي النطرون، المحرومين من حقوقهم الأساسية، ومن أهمها الحق في شرب مياه خالية من الشوائب تصلح للاستهلاك الآدمي".
تقرير يتحدث عن ظروف اعتقال تنعدم فيها المياه النظيفة في سجن وداي النطرون
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن السجن يوجد في قلب الصحراء، ونظرًا لذلك فإن جميع غرفه والمعروفة حاليًا بتأهيل 1، تطل على ممر داخلي، يشبه من حيث التصميم سجن العقرب شديد الحراسة، وتضم عنابر السجن قرابة 2850 نزيلًا، بينهم 350 معتقلًا سياسيًا، وآخرين يصل عددهم إلى 2500 نزيلًا محبوسين على ذمة قضايا جنائية، في حين أن الطاقة الاستيعابية له تتراوح بين 1600-1800 نزيل فقط.
وكشفت الشبكة المصرية عن جوانب من المعاملة غير الإنسانية للنزلاء، بإشراف مباشر من إدارة السجن برئاسة المأمور العقيد رأفت نصار، ورئيس المباحث المقدم أحمد الشنديدي، والتي تسببت في رفض المعتقلين السياسيين استلام "التعيين الميري" لعدد من الأيام، اعتراضًا على الانتهاكات والتنكيل الذي يتعرضون له وذويهم أثناء الزيارات بحسب التقرير الذي نشر في 7 نيسان/أبريل الماضي.
ووصفت الشبكة نداء الاستغاثة ما تفعله إدارة السجن بحق المعتقلين ب "أخطر الجرائم"، والتي تؤثر مباشرة على صحة وسلامة وحياة النزلاء.
وبحسب المعلومات المتوفرة لدى الشبكة المصرية، فإن المياه التي يتم توفيرها للنزلاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وترتفع فيها نسبة الأملاح والرواسب والرمال والأتربة. وهو ما أكده أحد النزلاء الذي يقبع في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات، مشيرًا إلى أن "شمعة الفلتر" لم تكن تتحمل أكثر من أسبوع وتتحول للون الأسود، عندما كان يسمح بدخول الفلاتر قبل ثلاثة أعوام، نظرا لما تحتويه شبكة المياه المتهالكة من نسبة كبيرة من الأملاح والمواد الضارة، ويجري تغذيتها بخزانات فوق أسطح العنابر لم يتم تنظيفها منذ أكثر من خمس سنوات.
وحملت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان نيابة السادات، المسؤولية الكاملة عن حياة النزلاء وأمنهم وسلامتهم، وطالبت وكلاء النيابة بالتحرك والتفتيش، ومراقبة ما يحدث داخل سجن وادي النطرون.
ومع حديث عن إمكانية تحرك تجاه ملف الاعتقال السياسي في مصر، قال الرئيس السابق لحزب الدستور عضو الحركة المدنية الديمقراطية علاء الخيام، في حديث لصحيفة "العربي الجديد"، إن ملف الحبس الاحتياطي، يدل بشكل واضح على أن النظام يعتمد على الحبس لمعاقبة كل من يعارضه الرأي في داخل مصر.
ورأى أن النظام "استخدم هذا الأسلوب منذ وصوله للحكم (في عام 2013) بشكل كبير جدًا وعنيف"، مضيفًا أن "القوى الوطنية والسياسية في مصر، طلبت، قبل وأثناء الحوار الوطني (بدأ في عام 2022)، أن يعاد النظر في قانون الحبس الاحتياطي الذي يجري التعامل به مع كل من يعارض النظام". وأشار إلى أن "هناك بدائل عن قانون الحبس الاحتياطي في الدستور والقانون تفتح طرقًا أخرى مختلفة لقانون الحبس الاحتياطي، الذي يرى النظام أنه يفيده في التعامل مع المعارضين، لبث الرعب في قلوب المعارضين السياسيين".
وحول جدوى مشاركة الحركة المدنية في الحوار الوطني، اعتبر الخيام أن "الهدف الأساسي كان تعديل قانون الحبس الاحتياطي، وللأسف هذا لم يتم بالشكل الذي طالبنا به، وكذلك في الحوار رفضنا مسألة التدوير (أن توجه تهمة جديدة للمعتقل فور تبرئته من تهمة أخرى)، وبالتالي لا أعتقد أن النظام المصري سيرضخ لأي ضغوط كانت داخلية أو خارجية في مسألة الحبس الاحتياطي. وفي حال استجاب لأي ضغوط، ستكون مجرد استجابة دعائية إعلامية وليست أكثر من ذلك، لأن عدد المعتقلين في سجون النظام المصري أكبر من أن يتخيله أحد، فهناك أكثر من 60 ألف معتقل".
من جهته، رأى الناشط السياسي الفلسطيني ـ المصري والمعتقل السابق في السجون المصرية رامي شعث، في حديث مع "العربي الجديد" أن النظام لن يغلق ملف الحبس الاحتياطي، بل أنه "أصبح أكثر اعتمادًا على الدعم الدولي والغربي الذي أعطاه 50 مليار دولار، وبالتالي هو يدرك أنه لا ضغط حقيقيًا عليه، من أية جهة، لتغيير سياساته القمعية في الداخل".
وقبل نحو شهر، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية للشراكة الاستراتيجية مع مصر، وعلى الرغم من أنها تنص على "العمل على الترويج لقيم الاستقرار والديمقراطية والحريات والمساواة بين الجنسين والفرص المتساوية"، إلا أن حقوقيين ومؤسسات دولية رأوا أنها "لا تحتوي على شروط واضحة حول ملف حقوق الإنسان".
وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان، خلال توقيع الاتفاقية الأوروبية ـ المصرية، أنه "على الرغم من الالتزامات المعلنة من جانب كل من الاتحاد الأوروبي ومصر بتعزيز حقوق الإنسان كجزء من التعاون بين الطرفين، فقد تجاهل قادة الاتحاد الأوروبي "سجل مصر المزري" في مجال حقوق الإنسان، مما شجع الحكومة المصرية على مواصلة ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان من دون خوف من العواقب".