ألترا صوت - فريق التحرير
صنفت منظمة الصحة العالمية رسميًا، إدمان الجنس، أي الانشغال به والعزوف بسبب الرغبة الجنسية عن الاهتمامات الأخرى، ضمن الاضطرابات العقلية، وهو ما وجد مؤيدين ورافضين. يعرض هذا التقرير المترجم عن موقع قناة "سي إن إن" تفاصيل هذه الخطوة.
أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان لها أن السلوك الجنسي القهري، المعروف أكثر باسم "إدمان الجنس" أو "الهوس الجنسي"، يصنّف ضمن الاضطرابات الصحية العقلية، في التصنيف العالمي للأمراض الخاص بالمنظمة.
جاء تعريف إدمان الجنس في التصنيف بأنه "نمط ثابت من الفشل في التحكم بالنزوات الجنسية"
ويعد هذا التصنيف من الوثائق الأساسية التي يعتمد عليها الخبراء والأطباء والباحثون حول العالم لدراسة المشاكل الصحية والإصابات وأسباب الوفاة ومحاولة فهمها وعلاجها. وجاء تعريف اضطراب السلوك الجنسي القهري في التصنيف بأنه "نمط ثابت من الفشل في التحكم بالنزوات الجنسية المتكررة أو الشهوة التي ينجم عنها تكرار السلوك الجنسي".
اقرأ/ي أيضًا: إدمان الجنس عبر الإنترنت.. آثار اجتماعية ونفسية تلاحق الفتاة أيضًا
ولا يتعلق هذا الاضطراب بعدد الأشخاص الذين ينام معهم الفرد، أو عدد المرات التي يمارس بها الجنس، ولكنه يتحدث عن حالة يصبح فيها السلوك الجنسي محور حياة الإنسان، إلى درجة يهمل بها صحته الشخصية ورعايته بنفسه، ويهجر بسببها اهتماماته الأخرى وأنشطته الحياتية ومسؤولياته.
ما تأثير هذا الاضطراب؟
كما يمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على قدرة الشخص على الذهاب إلى العمل أو إنهاء دروسه في المدرسة أو الجامعة، وقد يؤثر على علاقاته مع الآخرين من الأصدقاء وأفراد العائلة. وبالرغم من أن الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب قد يلزمه أن يكبح رغبته الجنسية بشكل مستمر، إلا أنه قد لا يفلح بذلك دومًا. حتّى أنه قد يصل إلى نقطة يفقد معها المتعة في النشاط الجنسي.
وحسب التعريف، فإن الشخص يصنّف على أنه يعاني من اضطراب الجنس القهري، أو إدمان الجنس، إن لازمته هذه الحالة لفترة كافية من الوقت، تبلغ ستة أشهر أو أكثر.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في وقت سابق عن تصنيف إدمان الألعاب الإلكترونية ضمن الاضطرابات الذهنية أيضًا، وذلك في حزيران/يونيو الماضي، لكن عددًا من المختصين اعترضوا على هذا التصنيف وخالفوا المنظمة في قرارها. وكذلك الأمر بالنسبة لاضطراب الجنس القهري، إذ يجادل البعض بأنه لا يمكن للجنس أن يكون موضوعًا للإدمان، كما أنهم يحذرون من التبعات النفسية التي قد يعاني منها الكثيرون جراء هذا التصنيف.
وكان الدليل التشخيصي والإحصائي الخاص بالأمراض الذهنية، (The Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders)، والذي يعتمد عليه الأطباء الأمريكيون في تصنيف المشاكل الذهنية، قد أحجم عن تصنيف السلوك الجنسي القهري كحالة منفصلة في التحديث الأخير على الكتيب عام 2013، بل حتى إن الحالة لم تدرج في الملحق الخاص بالدليل. وذلك يعود إلى عدم وجود ما يكفي من الأبحاث والأدلة التي تدعّم تصنيف الحالة كاضطراب عقلي منفصل.
ويقول الدكتور تيموثي فونغ، وهو أستاذ علم النفس في معهد سيمل لعلم الأعصاب والسلوك البشري في جامعة كاليفورينا لوس أنجلوس: "لقرون عديدة كان الناس يحاولون أن يفهموا ما يسبب فرط النشاط الجنسي. وقد أطلق على هذه الحالة أسماء عديدة خلال السنين، إلا أننا لم نبدأ بالتعامل مع الحالة بشكل علمي وأكاديمي إلى في السنوات الأربعين الماضية".
وكان الدكتور فونغ قد كتب بحثًا عام 2006 يضع فيه العديد من التعريفات العلمية المقترحة لاضطراب الجنس القهري، كما قدم فيه عددًا من إستراتيجيات إدارة هذه الحالة والتعامل معها.
وكما هي الحال مع إدمان المقامرة، فقد قال فونغ إن بعض الخبراء قد شككوا في تصنيف السلوك الجنسي القهري على أنه حالة من حالات الإدمان، وذلك لأنه لا وجود لمادة يجري الإدمان عليها، كالمخدرات أو الكحول، إلا أنه أضاف أن بعض الأبحاث العلمية تقترح أن تكرار السلوك بوتيرة معينة قد يكون مسؤولًا عن إحداث تغييرات في الدماغ.
ما تزال الأبحاث في مجال إدمان الجنس متواضعة ومحدودة
ولا توجد حتى الآن أبحاث محليّة توثّق نسبة الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، إلا أن بعض الاستبيانات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن النسبة قد تصل إلى 5% من الأمريكيين. ولو صحت هذه النسبة فإن ذلك يعني أن عدد الذين يعانون من هذا الاضطراب يفوق عدد من يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، والفصام، وإدمان القمار.
لكن الأبحاث في هذا المجال ما تزال متواضعة ومحدودة، وذلك نظرًا لضعف التمويل وعدم الاتفاق على تعريف واضح لاضطراب الجنس القهري أو إدمان الجنس. إلا أن البعض يرى أن هذا التصنيف من قبل منظمة الصحة العالمية قد يساعد على دفع الجهود لإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات والاستبيانات التي تقف على المشكلة وتزيد من الوعي بها.
ويقول روبرت وايز، المختص بالإدمان، ومؤلف كتاب "Sex Addiction 101" وكتاب "Always Turned On"، إنه كان سعيدًا بهذا القرار وأنه كان ينتظر المنظمة أن تعلن عن تصنيف اضطراب الجنس القهري منذ 30 عامًا. وقال وايز إنه من المهم أن يكون هنالك تشخيص لهذه الحالة، ولاسيما أنها تتعلق بالجنس.
وكان روبرت وايز قد عالج أكثر من 1000 شخص يعانون من اضطراب السلوك الجنسي القهري، وقد وجد أن الأشخاص يجدون تحسنًا كبيرًا على سلوكهم عند التنبه للمشاكل الأخرى التي قد تكون مسؤولة عن توجّههم بشكل قهري للنشاط الجنسي.
ويقول وايز: "لا نستطيع أن نكبح الشهوة الجنسية، كل ما نريد أن نقوم به هو توجيهها كي لا تخرج عن السيطرة".
اقرأ/ي أيضًا:
الحشيش والجنس.. علاقة غير متفق عليها
روبوت جنسي بمفهومٍ جديد.. استكشاف الآفاق المثيرة للتكنولوجيا