النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية أجبرت عشرات الملايين على الفرار من أماكن سكنهم والنزوح داخل بلادهم إلى مناطق أكثر أمنًا عام 2021، والذي وصلت فيه أعداد النازحين إلى مستوى قياسي مقارنة بالسنوات السابقة. وسجل العام 2021 حوالي 59.1 مليون نازح في جميع أنحاء العالم، وهو رقم قياسي من المتوقع تخطيه مرة أخرى هذا العام، وسط نزوح جماعي داخل أوكرانيا التي تندلع فيها المعارك العسكرية منذ 24 شباط/ فبراير من هذا العام، ولم تخمد وتيرتها بعد.
الكوارث الطبيعية والحروب!
59.1 مليون نازح هو ثاني أعلى رقم منذ عقد، فيما يحتل عام 2020 الرقم القياسي في عدد النازحين بفعل الكوارث الطبيعية التي ضربت دولًا عدة حول العالم وأودت بحياة المئات ونزوح الملايين. 94% من الكوارث تتعلق بالطقس والتغير المناخي الذي يؤدي إلى استفحال الأعاصير والأمطار الموسمية والفيضانات والجفاف بحسب ما يشير خبراء. وكانت الصين والفيلبين والهند هي الأكثر تضررًا، حيث استأثرت مجتمعة بحوالي 70% من جميع حالات النزوح المرتبطة بالكوارث العام الماضي. وأما النزوح بسبب الحرب فقد تضاعف بأكثر من 50% ووصل إلى قرابة 14.4 هذا العام.
العالم ينهار!
ووفقًا لتقرير مشترك صادر عن مركز رصد النزوح الداخلي (IDMC) والمجلس النرويجي للاجئين (NRC) فقد تم رصد 38 مليون نازح هذا العام أضيفوا إلى أعداد مليونية سابقة. ومع الإشارة إلى أن كثيرين نزحوا أكثر من مرة داخل بلادهم طمعًا بالنجاة في كل مرة تهدد فيها الكوارث الطبيعية والحروب حياتهم. وفيما تجدر الإشارة إلى أن التقرير لا يشير إلى المهجرين خارج بلادهم وبأن الأرقام الصادرة تعكس أعداد النازحين داخل بلادهم فقط.
مديرة مركز رصد النزوح الداخلي، ألكسندرا بيلاك، أشارت إلى أن "سنة 2022 تبدو قاتمة"، وأضافت بأن الأرقام القياسية التي لوحظت في عام 2021 تمثل "لائحة اتهام مأساوية حقًا لحالة العالم، وكذلك لكل جهود بناء السلام على وجه الخصوص". بدوره أيدها رئيس المجلس النرويجي للاجئين جان إيغلاند، وحذر بالقول "لم يكن الأمر بهذا السوء من قبل. العالم ينهار، والوضع اليوم أسوء بشكل ملحوظ مما توحي به أرقامنا"، وتابع بالقول "نحن بحاجة إلى تغيير هائل في تفكير قادة العالم بشأن كيفية منع النزاعات وحلها لإنهاء هذه المعاناة الإنسانية المتزايدة"، بحسب ما أورد موقع msn الإخباري.
أرقام إحصاء 2021
وقد تضمن التقرير رصدًا لعشرين دولة موزعة على فئتين: النزوح بسبب الكوارث الطبيعية، والنزوح بسبب الحروب. وقد جاءت نتائج على الشكل التالي لعام 2021 فقط وليس لمجمل النازحين في كل بلد على حدة، وتضاف هذه الأرقام إلى أرقام سابقة للنازحين: 6 مليون نازح في جمهورية غينيا، 5.7 مليون نازح في الفليبين، 5.4 مليون نازح في أثيوبيا، قرابة 5.6 مليون نازح في الهند، 3.6 مليون نازح في جمهورية الكونغو الديمقراطية، 900 ألف نازح في جنوب السودان، 800 ألف نازح في الصومال، 750 ألف نازح في فيتنام، 750 ألف نازح في إندونيسيا، 750 ألف نازح في أفغانستان، 700 ألف نازح في بوركينا فاسو، 650 ألف نازح في ميانمار، 600 ألف نازح في الولايات المتحدة الأمريكية، 600 ألف نازح في السودان، 550 ألف نازح في سوريا، 500 ألف نازح في جمهورية أفريقيا الوسطى، 450 ألف نازح في البرازيل، 450 ألف نازح في جمهورية اليمن، 350 ألف نازح في نيجيريا، 300 ألف نازح في جمهورية مالي.
أفريقيا
سجلت القارة الأفريقية جنوب الصحراء أعلى نسبة من النزوح الداخلي حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 5 ملايين حالة نزوح في جمهوري أثيوبيا لوحدها فقط، وحيث كانت البلاد تكافح مع نزاع إقليم تيغراي بعد اندلاع الحرب هناك. وفاقم المسألة الكارثة الطبيعية المدمرة والمتمثلة بالجفاف في المنطقة. ويمثل هذا الرقم من النازحين أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق في دولة واحدة عام 2021.
عربيًا
سجلت الدول العربية أقل عدد من حالات النزوح الجديدة خلال عقد من الزمان، حيث خفت حدة النزاعات في سوريا وليبيا والعراق إلى حد ما، لكن العدد الإجمالي للنازحين في المنطقة العربية ظل مرتفعًا مع عدم إيجاد حلول للنازحين الذين نزحوا في السنوات السابقة، وتحديدًا في سوريا التي شهدت حربًا كارثية ودمارًا هائلًا في البنى التحتية والبشرية، وأدت إلى هجرة الملايين خارج البلاد ونزوح 6.7 مليون شخص داخلها منذ 11 عامًا.
وفيما تفيد التقارير الصحفية التي رصدت أزمة النازحين داخل سوريا، إلى أزمة إنسانية عصفت بهم بعد شتاء قارس ومعدلات ثلوج مرتفعة بدون توفر المواد الحيوية كالكهرباء والبنزين والمازوت للتدفئة. صرح مارك كاتس، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية لقناة الجزيرة بالقول "هناك 1.7 مليون شخص يعيشون في هذه الظروف المروعة في منطقة حرب، ولم يتلقوا المستويات اللازمة من الدعم"، ويعيش هؤلاء في خيم بينما 2.2 مليون شخص يعيشون داخل المخيمات.
وأما اليمن فقد سجل نسبة نزوح إجمالية بحوالي 4.3 مليون نازح منذ العام 2015، فيما يشار إلى احتدام الحرب منذ 7 سنوات في البلاد. وفي أول 6 أسابيع من هذه السنة نزح حوالي 23 ألف يمني من أماكن سكنهم بعد اشتداد حدة المعارك في الحديدة ومآرب وشبوة وتعز. في الوقت الذي لا يزال ملايين اليمنيين يواجهون أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي. وتسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات في آيار /مايو 2021 في مقتل عشرات الأشخاص وألحقت أضرارًا بالمنازل والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد، وفق ما أورد منظمة هيومن رايتس ووتش.
وأما في العراق، فقد سجلت أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون الاجئين UNHCR حوالي مليون ومئتي ألف نازح حتى عام 2021، وأشارت إلى قرابة 5 مليون عراقي عادوا إلى بلادهم ولكن تمركزوا في أماكن سكنية أخرى.
أوكرانيا
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فمن المتوقع أن تزداد أعداد النازحين داخليًا هذا العام، مدفوعة بشكل خاص بالحرب في أوكرانيا، مما رفع العدد الإجمالي منذ بداية الحرب إلى حوالي 8 ملايين نازح، أي 17% من السكان نزحوا داخل البلاد، بالإضافة إلى 6 ملايين فروا من أوكرانيا كلاجئين إلى دول أخرى. وتشكل النساء 60% على الأقل من الهاربين، فيما يعاني كثيرون من نقص المواد الغذائية. وفي ذات السياق، أشار تقرير لوكالة رويترز، إلى أن "قلة من الأشخاص ذوي الإعاقة كانوا من بين النازحين داخليًا أو الذين وصلوا إلى حدود أوكرانيا كلاجئين، مما يشير إلى أن العديد منهم لم يتمكنوا من الفرار إلى بر الأمان".