يفتتح الصحفي الأمريكي راي حنانيا مقاله المعنون " النشاط الانتخابي للأقلية العربية الأمريكية في انتخابات الـ 3 نوفمبر"، بالتطرق لإقبال للأقلية العربية والمسلمة الأمريكية على التصويت في الانتخابات بنسبَ عالية رغم قلتها الديموغرافية مقارنة بأقليات أخرى كالسود واللاتينيين. ويستطرد الكاتب في تبيان خياراتها السياسية، وهي خيارات متأرجحة ومنقسمة بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، وغالبًا ما تخضع لوطأة تأثير السياسة الخارجية وسلوك المرشح تجاه المنطقة العربية.
رغم انخراطها الكبير في العملية الانتخابية، دائمًا ما تصطدمُ الأقلية العربية في أمريكا باستغلال انتخابي فجّ، سرعان ما ينكشف بعدَ انقضاء التصويت
لكنها، والقول كذلك لكاتب المقال، ورغم انخراطها الكبير في العملية الانتخابية، دائمًا ما تصطدمُ باستغلال انتخابي فجّ، سرعان ما ينكشف بعدَ انقضاء التصويت، على أن المرشحين لم يروا في هذه الأقلية سوى أصواتها يوم الاقتراع وتبرعاتها ودعمها خلال الحملة، مقابلَ خيبة أمل عارمة تعمّ أوساطها وهي تشهدُ تهميش مرشحيها لها وتنصلهم من وعودهم الانتخابية وعملهم ضدّ القضايا التي تهمها، بل ومواصلة النظرَ إلى هذه الأقلية بعين الارتياب. ضاربًا المثل على ذلك بما حدثَ سنة 2000، أثناء حملة هيلاري كلينتون لعضوية الكونغرس، والتي استفادت بدورها من دعم هذه الأقلية المالي وتبرعاتها، لتنقلب عليها فيما بعد بحجة دعمها للحق الفلسطيني وانتقادها سياسات الاحتلال الإسرائيلية.
اقرأ/ي أيضًا: كيف ينظر العالم لانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
"لطالما تم استغلالنا كأدوات لإشباع رغبات المرشحين، كل المرشحين الأمريكيين وكل الأحزاب الأمريكية يريدوننا فقط من أجل الأصوات، يستعملوننا ويتنصلون من كل وعودهم السابقة"، يحتجّ عبر ذات المقال سمير خليل، رئيس المجلس الديمقراطي للعرب الأمريكيين، مضيفًا: "بالمقابل، لطالما طالبنا السياسيين بإدماج جاليتنا، لا فقط عبر الاعتراف بانشغالاتها فيما يخص السياسة الخارجية، بل بتوظيف أعضاء منها في الإدارات وتمكينها من التمويلات، ومعاملتنا بنفس القدر من الاهتمام كباقي الأقليات داخل المجتمع".
يخلّف هذا الواقع إحساسًا بخدعة بين أفراد هذه الأقلية، إحساس الخدعة هذا الذي يحول فقدان ثقة في العملية الديموقراطية، كيف لا وهي تتعرض للاحتيال من أبطالها، والتنصل والتهميش بعد فوزهم بالانتخابات. لكن الوضعية هذه السنة تختلف، حيث اللعب فيها على منح ترامب خمس سنوات أخرى، ما يعني خمس سنوات أخرى من العداء المباشر والتشكيك والتحريض على اضطهاد العرب والمسلمين، فما سيكون موقفهم؟ الجواب هنا على لسان الناشطة السياسية الأمريكية من أصول عربية، ليندا صرصور، في دعوتها الموجهة للأقلية العربية والمسلمة بأمريكا.
تقول صرصور: "مثلكم فأنا لست متحمّسة لهذه الانتخابات، وسيقول بعضكم أنها مثلَ غيرها لن تحمل أي تغيير، لكن الاختيار الآن واجب علينا وأعلم أنه اختيار بين أخفّ الشرّين". أخف الشرين حسب قصد المتحدثة، التي كانت خلال الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي أحد أكبر مناصري المرشح اليساري بيرني ساندرز، هو المرشح الديموقراطي جو بايدن. ليس حبًا فيه توضح، ولكن لأن "دونالد ترامب يدعم كلّ الشرور التي تشاع عن الإسلام، قلبه مريضٌ بأحقاد كثيرة، لهذا أظن أنه من واجبنا نحن كمسلمين الانخراط في الجهود الرامية إلى دحره خلال الانتخابات الجارية". قبل أن تختم رسالتها المصوّرة بوعد أنها ستستمرّ في الاحتجاج لمحاسبة إدارة بايدن وهاريس في حال فوزهما، محافظة على موقفها المعارض إزاء سياستهما ورافضة لأي دعوة قد يقدمانها لها لزيارتهما في البيت الأبيض.
وفي خضمّ ذات الثنائية، إما بايدن أو الرئيس المعادي للأقلية العربية الأمريكية، أعلنت مجموعة من الشخصيات المسلمة والعربية الأمريكية عن دعمها التام للمرشح الديموقراطي. على رأسها جيم زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي، الذي قال: "ترامب شجّع الخطاب اليميني المتطرف الذي استهدف بعنفه العرب والمسلمين، فهو بذلك يمثّلُ خطرًا دائمًا"، داعمًا التصويت لصالح جو بايدن ومشجّعًا المشاركة في الانتخابات، أضاف السيد زغبي: "أريدُ أمريكا كلّها أن تتحدث بأنه نجحنا بفضل العرب!".
اقرأ/ي أيضًا: الناخبون الأمريكيون من أصول عربية يؤيدون بايدن في الانتخابات الأمريكية
وفي تصريح مشابه أكدت جينيفر عطا الله، الناشطة السياسية الأمريكية من أصول عربية، على أن العرب الأمريكيين "منشغلون بنفس الأمور التي تهم باقي الشعب الأمريكي"، مضيفة أننا "نريد عملًا واقتصادًا قويًا، نريد تغطية صحية، ونريدُ رئيسًا لا ينشر الأخبار المضللة واضعًا حياة الأمريكيين في خطر. حوالي 258 ألف أمريكي غير قادرين على التصويت اليوم لأنهم قضوا بسبب COVID-19".
هذا وحسب استطلاع للرأي أجراه المعهد العربي الأمريكي، فإن 59 بالمائة من الناخبين العرب يؤيدون الديمقراطي جو بايدن في مقابل تأييد 35 بالمائة للرئيس دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري في الوقت الحالي.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف استعدت المجموعات اليمينية المتطرفة لانتخابات الرئاسة الأمريكية؟