أثارت حادثة تفجير مسرح ملعب نادي المنصورة الذي كانت تقام فيه حفلة فنية للفنانة ماريا قحطان، بمدينة عدن، مطلع حزيران/يونيو الجاري؛ ردود فعل غاضبة بين العديد من اليمنيين الذين اعتبروا ما حدث امتدادًا لسلسلة من الانتهاكات التي مورست بحق الفنانين في مناطق الجنوب اليمني منذ اندلاع الحرب في البلاد قبل نحو أربعة أعوام.
خلال الأشهر الماضية وقعت عدة حوادث عنف في جنوب اليمن استهدفت فنانين، وصلت للقتل كما حدث مع الممثل الكوميدي جلال السعيدي
وأعادت الحادثة إلى الأذهان حوادث مشابهة وقعت خلال الأشهر الماضية، كان من أبرزها مقتل الممثل الكوميدي جلال السعيدي على أيدي متطرفين في مدينة الضالع بعد تأديته لعرض مسرحي ، وقبله تعرض عازف العود الفنان صالح الأعمى للضرب بأعقاب البنادق والهراوات من قبل متطرفين في محافظة أبين.
اقرأ/ي أيضًا: عدن.. دور السينما أطلال أيضًا
وفي محافظة حضرموت كان مجموعة من الفنانين الشباب قد تعرضوا للاعتقال من قبل السلطات الأمنية أثناء ممارستهم رقصة الهيب هوب على خور المكلا بوسط المدينة.
وتعددت حوادث القتل والاعتداء والاعتقال التي تعرض لها الفنانون في مناطق جنوب اليمن، تارة على خلفية مناطقية، وتارة أخرى على خلفية دينية، وفي بعض الأحيان لأسباب تتعلق بمحاربة الحركة الفنية في اليمن.
الرقص ممنوع
سلمان باسواد، أحد أعضاء فرقة "واكس أون" لفن الهيب هوب بمدينة المكلا، يروي لـ"الترا صوت" كيف اقتادته أجهزة الأمن مع زملائه للحجز، ومنعتهم من ممارسة عروضهم الفنية التي اعتادوا على تأديتها في مسرح مفتوح على الهواء الطلق بالقرب من خور المكلا.
يقول سلمان: "عندما كنا نؤدي إحدى الرقصات في كانون الأول/ديسمبر الماضي تفاجأنا بقدوم مجموعة من الجنود لاعتقالنا. لم نكن نتوقع أن الرقص كان سبب ذلك. و بعد جدال في الحديث معهم إذ وصفوا ما نقوم به بأنه مخالف للدين والعادات والتقاليد؛ ألزمونا بالتوقف عن رقص الهيب هوب في العلم".
لكن سلمان وفرقته لم ييأسوا من تأدية عروضهم الفنية: "نشعر أننا من خلالها نقدم رسالة ذات قيمة للمجتمع، تفيد بأن الفن يجب أن يستمر وأن الرقص هو تنفيس عن في وقت يعيش فيه المجتمع العديد من الأزمات".
أفكار متطرفة
ويتساءل الكثير من اليمنيين: لمصلحة من يتواصل مسلسل الانتهاكات التي يتعرض لها الفنانين في المناطق الجنوبية في اليمن والتي تصاعدت حدتها في الآونة الأخيرة؟
في هذا الصدد، يرى فراس شمسان، رئيس مؤسسة "فن تايم" المعنية بالفنانين في اليمن، أن الأفكار التي تبنتها عناصر تنظيم القاعدة في بعض المناطق الجنوبية ما تزال موجودة بين بعض من وصفهم بـ"المتطرفين"، رغم دحر عناصر التنظيم في العام قبل الماضي.
ويوضح شمسان فكرته قائلًا إن "أولئك الذين تأثروا بفكر القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة، يرون أن الفن محرم في الشرع، وأنه يجب محاربة الفنانين". ويقول شمسان إن هذه الظاهرة "السلبية" بوصفه، ليست حكرًا على جنوب اليمن، فـ" الشمالية من اليمن هي أيضًا تعاني من التطرف، فالكثير من الفنانين تمت ملاحقتهم هناك ومنعوا من تقديم عروضهم الفنية مثلما حصل مع عدد من المغنين وعازفي العود في الأعراس والمناسبات الاجتماعية في مناطق صنعاء وعمران وصعدة".
"ليست ظاهرة"!
السلطات الحاكمة في المناطق اليمنية، تقول إن العنف الموجه ضد الفنانين في اليمن لا يرقى لأن يسمى ظاهرة، مبررة بأنها حوادث عرضية تقع في أوقات متباعدة. مدير مكتب الثقافة بمحافظة حضرموت، أحمد بن دويس، يلفت إلى أن اليمن الآن في حالة حرب، وعليه فهو يرى أنه "من الوارد جدًا وقوع مثل هذه الحوادث" التي وصفها بالعرضية.
كما أشار أحمد بن دويس إلى عدم إمكانية حصر الذي مارسوا عنفًا ضد الفنانين، قائلًا: "صحيح هناك أصوات متطرفة تحرض على الفنانين، لكنها لا تحظى بقبول لدى المجتمع ولا يستجاب لدعواتها التي عفا عليها الزمن".
يزعم مسؤولون يمنيون أن حوادث العنف ضد الفنانين لا يمكن اعتبارها ظاهرة، رغم تكرارها بل تصاعدها على مدار شهور
مع ذلك يرى يمنيون أن حوادث العنف ضد الفنانين، لا يمكن اعتبارها عرضية، من جهة تكرارها، ومن جهة آثارها التي تُخوّف الفنانين اليمنيين. كما أنه لا يمكن تجاهل ممارسة أفراد من قوات الأمن، عنفًا بحق الفنانين، كما حدث مع شباب فرقة "واكس أون" للهيب هوب.
اقرأ/ي أيضًا:
الفن في زمن الحرب.. سفيان نعمان يحول إطارات صنعاء إلى قطع أثاث