27-يناير-2019

إحدى لوحات رقية الواسعي على زجاج من حطام الحرب (يوتيوب)

تتنقل رقية الواسعي بين المنازل المدمرة لجمع ما خلفته الحرب من حطامٍ، لترسم عليه وجوهًا يمنية ومعالم أثرية، وأحيانًا لتوثق ما خلّفته الحرب.

الحرب ظلام يحوط البلاد والعباد، سعت رقيّة إلى إيجاد أي بادرة أمل محتمل من بين ركامها حرفيًا؛ فرسمت على بقايا حطام الأبنية

في نهاية عام 2014 بدأت الفنانة اليمنية رقية الواسعي (29 عامًا)، بالرسم على الزجاج. أُجبرت رقية الواسعي على دراسة إدارة الأعمال، لأن أهلها منعوها من ممارسة الرسم، فضلًا عن دراسته لأنه "حرام" كما يعتقدون!

اقرأ/ي أيضًا: زهور المصري.. طموحٌ على هيئة امرأة لاجئة

ورغم معارضة أهلها لها في أمر الرسم، اضطرت رقية الواسعي أن تلجأ إليه بعد أن أنهت دراستها، لكسب لقمة العيش من جهة، ومن جهة أخرى كان ذلك خلاصًا لها إلى ما تحبه. 

أعمال رقية الواسعي

كانت الحرب ولا تزال ظلامًا يحوط البلاد والعباد، فسعت رقيّة إلى إيجاد أي بادرة أمل محتمل من بين ركام الحرب حرفيًا؛ فكانت ترسم على بقايا حطام الأبنية، وخصيصًا الزجاج المكسور.

انغمست رقية الواسعي في فن الرسم على الزجاج، ووجدت فيه ضالتها، بما يناسب أجواء الحرب من جهة، وشغفها بالفن من جهة أخرى. "الرسم على الزجاج فن ممتع أثناء اختيار المواضيع، وأثناء الرسم، وممتع أيضًا أثناء العرض وفي انبهار الناس به"، تقول رقية الواسعي لـ"ألترا صوت".

"الفن ما يُؤكل عيش"

تشير رقية الواسعي إلى أن السائد في المجتمع اليمني، رفض فكرة احتراف الفن، من باب أنه "لا يُؤكل عيش". أكثر الأسئلة الاستنكارية التي كانت تواجهها رقية الواسعي عندما أعربت عن رغبتها في دراسة الفنون الجميلة، جاءت على شاكلة: "ماذا ستعملين بعد التخرج؟" و"كيف ستقتاتين من الفن؟".

ودرست رقية الواسعي إدارة الأعمال بضغوط الأهل والمجتمع، ولكنها للمصادفة، لمّا تخرجت، عملت في الرسم لكسب لقمة العيش!

من أعمال رقية الواسعي

تهوى رقية الواسعي رسم الصور والأشكال التراثية اليمنية، كما تفضل رسم كبار السن، لأن ذلك يعني لها "الكثير من المشاعر التي تغوص في أعماق تراثنا"، كما تقول.

الرسم على حطام الحرب

تأخذ رقية الواسعي الزجاج المحطم من أثر الحرب، وترسم عليه، في محاولة لإعادة إحياء ما دمرته الحرب و"لتحويل الآلام إلى آمال محتملة"، على حد قولها.

تقول رقية الواسعي: "الزجاج الموجود في كل المنازل باليمن، ولولا الحرب ما كان الزجاج ليتكسر ويملأ الشوارع حطامًا، لذلك من الضروري جدًا أن أحترم هذه البقايا المحطمة من الزجاج الصلب والناعم والشفاف والحاد".

من أعمال رقية الواسعي

وتضيف: "حين تتكسر هذه القطع التي تشبه كثيرًا المرأة في صفاتها، يجب عليّ أن أحافظ عليها. لذا فأنا عندما أرسم عليها، أرسم أشياءً تعني لي، وتعني المجتمع. وأحب أن تُظهر رسوماتي القوة أيضًا".

الحرب تهدد الفن والحياة

إذا كان لا أمان على الحياة في ظل الحرب، فعلى الأرجح أنه لا أمان على الفن كذلك. والحرب على رأس المعوقات في طريق رقية الواسعي، ليس فقط للموت المحتمل طوال الوقت، ولكن أيضًا لشح المواد المستخدمة، والغلاء الفاحش في أسعار المتوافر منها.

ثم هناك السائد المجتمعي، الذي منعها أولًا من ممارسة ودراسة ما تحب، ويرفض الآن ثانيًا بعض ما ترسم، "وكأن الفنان يجب أن يكون مسيّرًا بالعرف المجتمعي، لا مخيرًا بحدود خياله وفنه"، كما قالت رقية.

بعد أن تخرجت رقية الواسعي في كلية إدارة الأعمال عام 2012، عملت لسنوات جاهدة لتطوير نفسها في مجال دراستها الجامعية، وأيضًا من باب التماشي مع ما فرضته ظروفها الأسرية والمجتمعية. لكن بلا فائدة.

رقية الواسعي
حطام الحرب مواد لوحات رقية الواسعي

بالتدريج عادت رقية الواسعي للرسم إحياءً لهواية طفولتها، قبل أن تنتبه إلى أنه من الممكن بيع لوحاتها كمصدر رزقٍ لها، وهكذا امتهنت هوايتها، لولا أن الحرب ضربت جزءًا كبيرًا من أعمالها في الرسم: "مع بداية الحرب في 2015، سافر العديد من زبائني، والكثير ممن يهوون اقتناء القطع الفنية"، تقول رقية.

رسمت رقية على آثار ما دمرته الحرب، غير أنها تفضل أكثر أن ترسم في أجواء طبيعية لا يسودها أصوات القصف وأزيز الطائرات الحربية

رسمت رقية الواسعي على آثار ما دمرته الحرب، غير أنها تفضل أكثر أن ترسم في حال من السلام، في منزلها بهدوء، وأن تكون قادرة على بيع لوحاتها في أجواء طبيعية لا يسودها أصوات القصف وأزيز الطائرات الحربية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ملك من غزة تحيي إيلان

رنا حتاملة.. معارك الفن الملتزم