أجبرت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عام، آلاف العائلات من السودان، على العيش في إحدى الغابات بإثيوبيا في ظروف إنسانية صعبة جدًا.
ويتواجد هؤلاء اللاجئين في مخيمي أولالا وكومر في غابات بإقليم أمهرة الإثيوبي، التي ترعاها الأمم المتحدة، بعد أن فروا من جحيم المعارك بالعاصمة الخرطوم، لكن هجمات متكررة من قبل المسلحين وقطاع الطرق، الشهر الماضي، أجبرت 8 آلاف منهم على الهجرة مرة أخرى، بعد نهب ممتلكاتهم وخيامهم.
وقال أحد الشباب اللاجئين لوكالة "رويترز": "لقد غادرنا بلدنا لأننا كنا خائفين من رصاص الجيش والدعم السريع"، وأضاف: "لقد لجأنا إلى إثيوبيا لإنقاذ حياتنا، والآن نواجه نفس الخطر". مشيرًا إلى أنه "غادر في الأصل العاصمة السودانية الخرطوم، ثم المخيمات، والآن يحتمي في غابة مع لاجئين في منطقة أمهرة"، حيث يجري قتال بين قوات الحكومة الإثيوبية وميليشيات متمردة.
معاناة مضاعفة للعائلات النازحة واللاجئة من السودان إلى إثيوبيا، في ظل انفلات أمني وغياب المساعدات
وأظهرت صور أرسلت عبر "واتساب" و"تليغرام" الخيام المصنوعة من فروع الأشجار والقماش، ويجلس في العراء على جانب الطريق عشرات الأشخاص، بما في ذلك العديد من الأطفال، وفق ما حددته "رويترز".
وتحدث شاب آخر، بشرط عدم الكشف عن هويته، قائلًا: إنه "يخشى الانتقام"، فقد سلطت رواياتهم الضوء على عدم وجود خيارات للاجئين السودانيين، وهم يبحثون عن مأوى في البلدان التي تعاني أساسًا من صراعات.
وفي بداية الشهر الماضي، قالت الحكومة الإثيوبية إنها "تعمل لمعالجة مخاوف وسلامة اللاجئين وتقدم لهم الخدمة، على الرغم من الموارد المحدودة".
من جهتها، أحالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لوكالة "رويترز" للأنباء إلى بيان صدر الأسبوع الماضي، حول وقوع حوادث أمنية في بيئة "صعبة للغاية" من الناحية الأمنية، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
وجاء في البيان أنّ مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وبالتعاون مع السلطات الإثيوبية، سيرت دوريات في المنطقة لحماية اللاجئين وإنها ستعمل على إجلاء من يقرر المغادرة.
وظهر نتيجة حرب السودان أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث فر أكثر من 8.9 مليون شخص من ديارهم. ومن بين 2.1 مليون لاجئ خارج البلاد، لجأ أكثر من 122 ألف إلى إثيوبيا، وفقًا لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة.
والأسبوع الماضي قالت جمعية "الفرق الطبية الدولية"، التي تدير عيادة قرب المخيمين، إنّ أحد موظفيها قتل بعد أن أطلق مسلحون النار على قافلة.
وتحدثت عضوة في تنسيقية النازحين في أمهرة عن الوضع، قائلةً: "يضطر الناس للذهاب إلى الوادي للاستحمام وغسل الملابس. لكنهم إما يتعرضون للسرقة أو الضرب أو الاختطاف يوميًا"، وأضافت: "تنزل علينا مصيبة ورا مصيبة".
وتنتشر الكوليرا في كومر، حيث يوجد طبيب واحد للكشف على المرضى، حسبما قال عدة لاجئين وعامل في مجال الإغاثة طلبوا جميعًا عدم الكشف عن هوياتهم.
وشكا لاجئان لـ"رويترز" من أن شحنات الغذاء الشهرية التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تكفي لأقل من أسبوعين. وأخبر ثلاثة لاجئين أنّ حوالي 6 آلاف شخص من أولالا وكومر انطلقوا معًا في 1 أيار/مايو، سيرًا على الأقدام، لمسافة 170 كلم نحو مقر المفوضية في مدينة غوندار في إقليم أمهرة للاحتجاج على ظروفهم المعيشية. وقال اللاجئون الثلاثة إنّ الشرطة أوقفتهم، وبحثوا عن مأوى في غابة بالقرب من مخيم العولة.
وأوضح الثلاثة أنّ الكثير منهم بدأوا إضرابًا عن الطعام لمدة 10 أيام بسبب نقص الإمدادات، لكنهم علقوا الإضراب بعد وصول تبرعات من سودانيين في الخارج، وهي المساعدة الوحيدة التي تلقوها حتى الآن.
وقالت عضوة تنسيقية النازحين إن نحو 2000 شخص ممن بقوا في كومر فروا إلى طريق رئيسي، بعد أن بدأ مسلحون إطلاق النار على المخيم في الأول من أيار/مايو الماضي، وأضافت: أنّ "عددًا قليلًا عادوا فيما بعد ووجدوا طلقات نارية اخترقت الخيام، وهو ما أقنعهم أنّ المسلحين كانوا يستهدفون طردهم".
ويقول عمال إغاثة، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إنّ "انعدام الأمن ونقص الأموال يعرقلان جهود الإغاثة بشدة". ووفقًا للأمم المتحدة، جرى تسليم 400 ألف دولار فقط من التمويل اللازم للاجئين السودانيين في إثيوبيا، استجابة لنداء يهدف لجمع أكثر من 175 مليون دولار.