الترا صوت - فريق الترجمة
يستعرض هذا التقرير الصحفي المنقول بتصرف من النيويورك تايمز، نتائج دراسة تشير إلى أن لياقتك البدنية هي السهم الأكثر قيمةً لصحتك، مقارنةً بقوتك وصلابتك الجسدية، وذلك بالقياس على عامل الأيض، أحد أهم وربما أعقد العمليات التي يقوم بها جسدنا.
وفقًا لدراسة جديدة، فقد تكون اللياقة البدنية والنشاط الجسدي متقدمة في سلم أولويات الصحة على قوة البنية العضلية
قد تكون اللياقة البدنية أهمّ على سلم أولويات صحة عملية الأيض من القوة الجسدية، وفقًا لدراسةٍ جديدة نشرتها شبكة "JAMA" في شهر آب/أغسطس الماضي، تناولت التأثير الجزيئي الذي يترتّب على مختلف جوانب الصحة البدنية.
اقرأ/ي أيضًا: 9 إستراتيجيات للحفاظ على اللياقة البدنية رغم ضيق الوقت
ووجدت الدراسة أن لياقة الجسم، أو افتقاره لها، له تأثيرٌ أعمق على قوة العضلات أو ضعفها. بكل تأكيد تهمّ هذه النتائج أي إنسانٍ يتساءل عن نوع التمرين الأكثر إفادةً لصحته.
تبقى عمليات الأيض أحد أكثر العمليات تعقيدًا في جسم الإنسان، فهي تنطوي على عددٍ مهولٍ من التفاعلات البيوكيميائية تتحوّل بها السعرات الحرارية إلى طاقة، كما أن الجسم يحافظ فيها على صحة الخلايا.
وطبعًا يوجد الكثير من المقاييس التي تُستخدَم لتقدير صحة عمليات الأيض، منها معدّلات السكر في الدم ونسب الكولسترول، إلا أنها مقاييس عامةٌ جدًا لا تقدّم سوى نظرةً عامة دون أي تفاصيل.
نشأ حقلٍ علميٍّ جديد يعرف باسم Metabolomics أو لنقل "الأيضيات"، وذلك في ظلّ الرغبة في فهمٍ أعمق لعمليات الأيض. ويقوم هذا العلم على استخدام أدواتٍ تكنولوجيةٍ متقدّمة لحصر مواد الأيض في أنسجتنا، علمًا بأن "مواد الأيض" هي أي جزيئياتٍ لها علاقةً بالتفاعلات الأيضية وتضمّ كل شيءٍ من البروتينات إلى الأحماض الدهنية إلى الجسيمات الدقيقة في الكوليسترول.
وما يحدث هو إجراء عمليات مقارنة بين أنواع وكميات ونسب وتفاعلات جميع مواد الأيض داخل الدم لدى أشخاصٍ متعافين وبين آخرين يعانون من أمراضٍ مثل الأمراض القلبية، وهو ما أثمر عن فهمٍ أدق للأنماط الأيضية، الضارة منها والحسنة. ومن المفترض أن تساعد هذه "البصمات" الجزيئية التي تتركها الأمراض الأيضية الباحثين على تشخيص المشاكل الأيضية، والاستناد على ذلك في معرفة كيفية إعادة صياغة عمليات الأيض داخل الجسم عن طريق الغذاء والسمنة وغير ذلك من المشاكل.
تركّزت أبحاث الأيضيات على الأمراض، ولكن قام بعض العلماء بإجراء أبحاثٍ مختلفة، تدفعهم تساؤلاتهم عن بصمات الدم التي يتركها الجسم المعافي، وتحديدًا ما يتعلّق باللياقة.
ومن المعروف أن الأشخاص الذين يتمتّعون بلياقةٍ عاليةٍ تقلّ عندهم مخاطر الإصابة بأمراضٍ أيضية مقارنة بالأشخاص الأقرب إلى الخمول. ولكن السؤال إن كان مستوى اللياقة ينعكس في أنماط عمليات الأيض في الدم، وماذا من الممكن أن نستشفي من هذه الأنماط عند دراسة كيفية تشكل عمليات الأيض في ظلّ النشاط الجسدي، وهو سؤالٌ شابه الكثير من الغموض حتى الآن.
أثر النشاط البدني
وعلى ذلك قام فريقٌ من الباحثين الإسكندافيين بمحاولةٍ لمعرفة المزيد؛ كانت البداية بدراسةٍ نُشِرَت عام 2013، قارن فيها الباحثون مستويات الأيض في مجرى الدم لدى التوائم وغيرهم من البالغين التي لا تربطهم صلات قرابة، وكان هناك تباينٌ كبيرٌ في مستوى التزامهم ببرنامج تمرين لدى معظمهم. واستطاع الباحثون من خلال ذلك إيجاد فروقٍ متعدّدةٍ ومتسقة بين الرجال والنساء النشطين منهم والخاملين.
فالأشخاص الذين يلتزمون بالتمرين كانت لديهم مستوياتٌ عاليةٌ من جزيئاتٍ معيّنة داخل البروتين الدهني عالي الكثافة الذي يمكن أن نطلق عليه الكوليسترول الإيجابي، إضافةً إلى نسبٍ جيدة من بروتيناتٍ خاصة وُجدَ مؤخّرًا أنها تلعب دورًا هامًا في الحفاظ على صحة القلب.
وقادت هذه النتائج إلى الاعتقاد بأن النشاط الجسدي يؤثّر على صحة الأيض لدى الإنسان عن طريق إعادة تنظيم مكوّناتٍ أساسيةٍ في المواد الأيضية.
ولكن تلك الدراسة كانت من جانبٍ واحد، فقد اقتصرت على سؤال الناس حول مستوى نشاطهم الجسدي. ولم تُصمّم لمعرفة أثر الأنشطة المختلفة على البصمات الجزيئية، وهي قضيةٌ هامة إذا أردنا إسداء النصائح للناس حول برامج التمارين التي يتعيّن عليهم العمل بها.
ماذا عن قوة الجسد؟
لذلك ركّزت الدراسة الجديدة، التي أجراها بعض أعضاء الفريق الأصلي، على اللياقة وقوة الجسد، فهذان الجانبان هما أهم جانبين في لياقة الجسم، وهما ما يحدّدان نوعية التمارين التي يقوم بها الإنسان. فيتوجّه الراغبون بالحفاظ على لياقتهم إلى الجري أو ركوب الدراجة، أما قوة الجسم فتُبنى من خلال رفع الأثقال.
وفي سبيل الحصول على المعلومات اللازمة، درس الباحثون سجلات أداء 580 شابًا فنلنديًا خضعوا لتدريباتٍ عسكرية. وأدّى هؤلاء الشباب تمارين ركوب دراجة ورفع الأثقال، لقياس أعلى مستويات لياقتهم وقوات عضلاتهم. كما قاموا بإعطاء عينات دم وخضعوا لاختباراتٍ صحية، إضافةً إلى الإجابة على استبيانات تمسّ أسلوب حياتهم وبرامج تمارينهم.
بعد ذلك تمّ تصنيف المشاركين في الدراسة بناءً على معيارين اثنين، أي أن كل مشارك كان له ترتيبان مختلفان، أحدهما يقوم على اللياقة، والآخر على قوة العضلات.
بعد ذلك قام الباحثون بدراسة عمليات الأيض في دم المشاركين، ومن ثم المقارنة بين الثلث الأعلى والثلث الأدنى من كل قائمة، يعني المشاركون الذين يتمتّعون بأعلى مستويات لياقة مع أدنى مستويات لياقة، وكذلك الأمر بالنسبة لقوة العضلات.
أظهرت نتائج هذه المقارنات أن الرجال الذين يتمتّعون بأعلى مستويات اللياقة كانوا يحملون ذات البصمات الجزيئية الحسنة التي وجدوها في دراستهم الأصلية، أي نفس المستويات العالية من ذات الجزيئات الموجودة في الكولسترول الإيجابي والنسب الصحية من البروتينات والاحماض الدهنية.
برز هذا الاختلاف مقارنةً بالرجال الذين يملكون لياقةً ضعيفة باختلاف عمليات الأيض لديهم، حيث أن ثلثي مواد الأيض لديهم اختلفت في نوعها وكمياتها ونسبها مقارنةً بأصحاب اللياقة العالية. وعلى الجانب الآخر، كان هناك بضع اختلافات في الخصائص الأيضية بين الرجال الأقوى والأضعف.
اللياقة VS قوة العضلات
وكما يقول أورو كوجالا، بروفيسور الطب في جامعة جيفاسكيلا في فنلندا وكان هو قائد فريق الدراستين؛ فإن هذه الأبحاث تقود إلى الاعتقاد بأن المستوى اللياقي يؤثّر على صحة أيض الإنسان بنسبةٍ أكبر بكثير من قوة العضلات.
إذا كنت تريد الحفاظ على صحة عمليات الأيض لديك، فإن ممارسة الجري مثلًا، سيكون أكثر فائدة من ممارسة حمل الأثقال
ويخلص كوجالا إلى أن "الدراسة تعضد الاعتقاد القائل بأن النشاط الجسدي الذي يركز على اللياقة وقوة التحمل، مفيد لصحة الأيض"، أو بعباراتٍ أخرى، إذا كنت تريد الحفاظ صحة عمليات الأيض لديك، فالجري أكثر فائدةً لك من حمل الأثقال.
اقرأ/ي أيضًا:
4 أساسيات لتحقيق أقصى استفادة من "الجيم"
ماذا يقول العلم عن حاجتنا اليومية من التمارين الرياضية؟
دراسة: ساعة واحدة من ممارسة الرياضة تقي خطر الإصابة بالإعاقة
دراسة: مستواك في تمارين الضغط قد يكون مؤشرًا على مدى صحة قلبك