30-أكتوبر-2024
الصواريخ الاعتراضية

سفن أميركية في البحر الأحمر تطلق الصواريخ الاعتراضية (رويترز)

تعرّض المخزون الأميركي من الصواريخ الاعتراضية لنقصٍ شديد هذا العام، إذ لجأت واشنطن إلى استخدامها بشكلٍ مكثّف للدفاع عن إسرائيل في مواجهة الهجوم الإيراني.

وأمام النقص الشديد في مخزون هذه الصواريخ لدى البنتاغون وتزايد الطلب عليها مؤخرًا بشكل كبير، طُرحت أسئلة مقلقة في الولايات المتحدة حول مدى استعداد واشنطن وقدرتها على حماية حلفائها ومصالحها في ظل الحرب المستمرة في الشرق الأوسط من جهة وفي أوكرانيا من جهة أخرى. كما طرحت أسئلة أخرى حول مدى جاهزية الجيش الأميركي للتعامل مع المخاطر في منطقة المحيط الهادئ، حيث بلغ التوتر بين الصين وتايوان وبين الكوريتين مستويات غير مسبوقة قد تتجه نحو مواجهة عسكرية مباشرة.

ومن الأمور التي تجعل موضوع نقص الصواريخ الاعتراضية مسألةً ملحّة احتمال أن تشتعل موجة أخرى من الهجمات في الشرق الأوسط على خلفية الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران.

بلغت كلفة الصواريخ الاعتراضية التي أطلقتها السفن الأميركية منذ بدء العدوان على غزة ـ بهدف الدفاع عن إسرائيل والسفن في البحر الأحمر ـ أكثر من 1.8 مليار دولار

تحفّظ البنتاغون على كشف مخزوناته من الصواريخ الاعتراضية، خشية أن تستغلها إيران أو الحوثيون في اليمن وحركات المقاومة في لبنان وغزة ضد الأهداف الأميركية في المنطقة وضدّ إسرائيل، لكنّ المعلومات تشير إلى أنّ الجيش الأميركي أطلق أكثر من 100 صاروخ اعتراضي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ونالت الصواريخ التي تُطلق من السفن نصيب الأسد نظرًا لأهميتها في صد الهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن الأميركية والبريطانية وتلك المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.

وكشفت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، في بيان هذا الأسبوع، أنّ "وزارة الدفاع عزّزت على مدار العام الماضي جهود حماية القوات الأميركية ودعم دفاع إسرائيل، مع مراعاة جاهزية الولايات المتحدة ومخزونها بشكل دائم".

الخشية من نفاد المخزون بسرعة

بخلاف ما صرّحت به سابرينا سينغ، تؤكد صحيفة "وول ستريت جورنال" أن هناك خشية لدى البنتاغون من نفاد المخزون من الصواريخ الاعتراضية "بسرعة أكبر من القدرة على تعويضه".

وفي هذا السياق، تنقل الصحيفة الأميركية عن نائب مدير برنامج الدفاع التقليدي في مركز "ستيمسون"، إلياس يوسف، قوله: "إنّ الولايات المتحدة لم تطور قاعدةً صناعية دفاعية مخصصة لحرب استنزاف واسعة النطاق في كل من أوروبا والشرق الأوسط، مع تلبية معايير استعدادها الخاصة".

وهذا ما أكده وزير البحرية الأميركية، كارلوس ديل تورو، أمام الكونغرس في أيار/مايو الماضي، عندما قال إنه يمارس ضغوطًا على الشركات المصنعة للأسلحة لزيادة إنتاج الصواريخ التقليدية، مبرّرًا ذلك بأنّ الولايات المتحدة نشرت العديد من الصواريخ الاعتراضية في الشرق الأوسط، ومع ذلك أقرّ الوزير الأميركي أمام المشرّعين بصعوبة زيادة الإنتاج، قائلاً إنّه "كلما كان الصاروخ أكثر تطورًا، كان من الصعب إنتاجه".

فعلى الرغم من أنّ واشنطن راكمت مخزونات من الصواريخ الاعتراضية خلال السنوات القليلة الماضية، إلّا أنها حافظت على معدّل إطلاق بعشرات الصواريخ في كل شهر من أشهر العدوان الإسرائيلي على غزة وارتداداته في المنطقة.

وبحسب الخبراء في مجال الصناعة العسكرية، فإن القدرات الإنتاجية غير قادرة على مواكبة هذا الطّلب المرتفع على الصواريخ الاعتراضية. فشركة مثل "آر تي أكس"، التي تصنّع الصواريخ التقليدية، ليست قادرة على إنتاج أكثر من 500 صاروخ سنويًا، مع الأخذ في الاعتبار أنّ قسطًا من إنتاجها موجّه لجهات أخرى غير وزارة الدفاع الأميركية.

الكلفة العالية

تُقدِّر الجهات المختصة كلفة الصواريخ الاعتراضية التي أطلقتها السفن الأميركية منذ بدء العدوان على غزة، بهدف الدفاع عن إسرائيل والسفن في البحر الأحمر ، بأكثر من 1.8 مليار دولار، إذ غالبًا ما تعمد السفن الأميركية إلى إطلاق صاروخين اعتراضيين مقابل كل صاروخ هجومي ضمانًا لإصابة الهدف.

وفي انتقادٍ حاد لهذه التكلفة، نقلت "وول ستريت جورنال" عن أحد المسؤولين في الكونغرس قوله إن "الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن تُستخدم لإسقاط أهداف الحوثيين ذات التكلفة المنخفضة والمصنّعة إيرانيًا، مع العلم بأنّ كل صاروخ يستغرق تعويضه شهورًا ويكلف ملايين الدولارات".

وخارج معادلات الشرق الأوسط وحسابات الربح والخسارة فيه، يذهب الأميرال المتقاعد مارك مونتغومري إلى القول "إن الاستخدام المكثف للصواريخ الاعتراضية في الشرق الأوسط يُعرّض قدرة القوات الأميركية على القتال في المحيط الهادئ وصدّ المخاطر فيه"، مضيفًا القول "إنّ الولايات المتحدة تُنفق ما يعادل عامًا كاملاً من الصواريخ التقليدية، وهي صواريخ من المفترض أن تكون جزءًا من استعدادنا لردع الصين"، مستنتجًا من ذلك أنّ الإدارة الأميركية "أخّرت جاهزية البحرية لتنفيذ العمليات في المحيط الهادئ بنسبة 100%" على حدّ وصفه.