27-يوليو-2024
انتخابات فنزويلا

(AP) قادة المعارضة الموحدة وسط أنصارهم في اليوم الأخير للحملة الانتخابية

يبدو أن الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، على وشك أن يواجه أكبر اختبار له حتى الآن، مع استمرار حالة عدم اليقين حول انتخابات، يوم غد الأحد، وما قد يفعله للاحتفاظ بالسلطة، وفقًا لتقرير صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية.

ويصوت ملايين الفنزويليين، يوم غد الأحد، على ما يعتبره الكثيرون أهم انتخابات في البلاد منذ تولي مادورو الرئاسة قبل 11 عامًا، بعد وفاة أستاذه الرئيس، هوغو تشافيز (1954 – 2013).

وتقول "لوس أنجلوس تايمر" إن حكومة مادورو استبعدت بالفعل منافسًا فاز بالانتخابات التمهيدية للمعارضة، في إشارة إلى  النائبة السابقة، ماريا كورينا ماتشادو، لكن المعارضة المنقسمة منذ فترة طويلة أعادت تجميع صفوفها إلى حد كبير حول مرشح آخر، وهو إدموندو جونزاليس أوروتيا، الدبلوماسي السابق الذي يتفوق على مادورو في استطلاعات الرأي.

وفيما يشكك الكثيرون في أن مادورو سيتخلى عن السلطة، فإن التوقّعات تدور حول ما قد يفعله الرئيس الاشتراكي إذا خسر.

إن درجة عدم اليقين حول هذه الانتخابات أعلى من أي انتخابات أخرى في فنزويلا خلال السنوات الـ25 الماضية

يقول جيف رامزي، وهو زميل بارز في "المجلس الأطلسي"، وهي مجموعة بحثية مقرها واشنطن: "إن درجة عدم اليقين حول هذه الانتخابات أعلى من أي انتخابات أخرى في فنزويلا خلال السنوات الـ25 الماضية. والحقيقة هي أنه على الرغم من الظروف غير العادلة بالنسبة للمعارضة، لكن هناك أسباب تدعو للتفاؤل فيما يتعلق بآفاق التغيير".

إليكم أبرز الأسباب التي تجعل انتخابات الرئاسة الفنزويلية الحالية من أهم الانتخابات الرئاسية في فنزويلا في القرن الـ21، وفقًا لـ"لوس أنجلوس تايمز".

ما هي العوامل التي تقف وراء الاضطرابات التي تشهدها فنزويلا؟

لقد دفعت الضغوط الاقتصادية والاضطرابات السياسية الملايين من الفنزويليين إلى الفرار من وطنهم، بعدما كانت فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم، لفترة طويلة واحدة من أغنى بلدان أميركا اللاتينية، على الرغم من أن الانقسامات العميقة بين الأغنياء والفقراء كانت مصدرًا لعدم الاستقرار.

وانتخب الضابط العسكري السابق، تشافيز، رئيسًا للبلاد في عام 1998، حيثُ شكّل تحالفًا مع الزعيم الكوبي الراحل، فيدل كاسترو (1926 – 2016).

وساعدت سياسات تشافيز الشعبوية في الحد من الفقر وعدم المساواة، لكن النقاد يقولون إن حكومته أهملت البنية التحتية المتهالكة للبترول، وأخافت المستثمرين، وأرسلت البلاد إلى ديون عميقة، ودفعت فنزويلا نحو الاستبداد.

لقد أدى انخفاض أسعار النفط خلال حكم خليفته، مادورو، إلى تسريع الانهيار الاقتصادي الذي أدى إلى هجرة أكثر من سبعة ملايين فنزويلي.

وفي الوقت الذي ألقت واشنطن باللوم إلى حد كبير على عدم كفاءة مادورو، فإن مادورو نفسه يلقي باللوم على العقوبات الأميركية التي تستهدف صناعة النفط، ويروج لنتائج اقتصادية إيجابية إلى حد ما خلال السنوات القليلة الماضية.

هوغو تشافيز
أنصار الرئيس مادورو يرفعون صورة للرئيس الراحل هوغو تشافيز (AP)

من هم أبرز المرشحين لانتخابات الرئاسة الفنزويلية؟

يسعى مادورو (61 عامًا)، إلى الفوز بولاية ثالثة باعتباره الوريث الأيديولوجي لتشافيز، ويقول المؤيدون إن مادورو حافظ على "إرث تشافيز" في مساعدة الفقراء، بينما وقف في وجه "الإمبريالية" الأميركية.

ويصف النقاد مادورو بأنه "دكتاتور وفاسد، قام بتزوير الانتخابات، وسجن المعارضين، ودمرّ الاقتصاد"، كما أن المحكمة الجنائية الدولية تحقق في مزاعم ارتكاب قوات حفظ النظام جرائم ضد الإنسانية في حملة قمع الاحتجاجات في عام 2017.

أما جونزاليس (74 عامًا)، فهو سفير سابق، وقد برز اسمه بعد أن استبعدت الحكومة النائبة السابقة، كورينا ماتشادو، التي يطلق عليها "المرأة الحديدية"، وقد فازت ماتشادو بالانتخابات التمهيدية للمعارضة بأغلبية ساحقة، لكن تم منعها من الترشّح بسبب ما أسمته "إجراءات قضائية مزورة"، وهي تدعم جونزاليس الآن، وتعّهد جونزاليس بالعودة إلى المعايير الديمقراطية.

المعارضة الفنزويلية
أنصار المعارضة الفنزويلية وسط العاصمة كاراكاس (AP)

ما هو خيار صناديق الاقتراع؟

يُمثل قرار المعارضة خوض انتخابات هذا العام – رغم التحديّات الكبيرة  أمام مادورو – انحرافًا كبيرًا عن الانتخابات الأخيرة في عام 2018، والتي وصفتها العديد من الدول الغربية بأنها "خدعة"، حيثُ قاطعت المعارضة إلى حد كبير الانتخابات بتشجيع من إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، التي ألمحت إلى "خيار عسكري" في فنزويلا.

وفي خضم احتجاجات المعارضة الواسعة في عام 2019، اعترف البيت الأبيض بقيادة ترامب بالمشرّع الفنزويلي، خوان غوايدو، كرئيس "مؤقت" للبلاد، واعتبرت رئاسة مادورو "غير شرعية"، واضطر غوايدو في النهاية إلى الهروب إلى المنفى.

يقول رامزي: "لقد تعلمت المعارضة من خطئها"، ويضيف "الحل لأزمة فنزويلا لن يأتي من الخارج، سيأتي نتيجة مفاوضات معقّدة، وضغوط داخلية".

نيكولاس مادورو
الرئيس نيكولاس مادورو أمام أنصاره في العاصمة كاراكاس (AP)

هل النتائج محسومة؟

يقول المحللون، بغض النظر عن النتيجة، من المرجّح أن يزعم مادورو الفوز بالانتخابات، لكن إلى أي مدى سيأخذ هذا الادعاء؟ ومن سيدعمه؟ هذان سؤالان رئيسيان.

وقد دعا رؤساء دول المنطقة، بما في ذلك الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مادورو إلى احترام نتائج الاقتراع.

وقامت المعارضة بجمع فرقٍ لمراقبة التلاعب بالأصوات والمخالفات الأخرى، فيما تخطط منظمة كارتر التي يقع مقرها في الولايات المتحدة والأمم المتحدة لإرسال فريق صغير من المراقبين. ومنعت الحكومة الفنزويلية وفد الاتحاد الأوروبي من حضور الانتخابات.

قد يتم اختبار شرعية مادورو إذا تمكنت المعارضة من إثبات أن الانتخابات كانت مزورة، وقد يؤدي وجود أدلة على غش واسع النطاق إلى جولة جديدة من الاحتجاجات في الشوارع.

يقول ويل فريمان، وهو زميل دراسات أميركا اللاتينية في مجلس العلاقات الخارجية، إنّه بالنسبة للدائرة المقرّبة من مادورو، وفريقه الحكومي "من المهم جدًا لمادورو أن يظهر (أمامهم) أنه قوي بما يكفي للفوز بالانتخابات، وأنه يستطيع حشد الدعم فعليًا".

وأوضح الخبراء حتى لو فاز مادورو بنزاهة، وهو أمر غير مرجح، فإنه قد يُجبر على تقديم تنازلات للمعارضة التي أعادت إحياء نفسها، نظرًا لحاجة حكومة مادورو الماسة لتخفيف العقوبات الأميركية، وأن تحظى بقبول أوسع على الساحة الدولية.

وسيواجه فوز المعارضة – إذا اعترفت به السلطات الانتخابية التي معظمها موالٍ لمادورو – تحدياته الخاصة، ومن المحتمل أن تدخل الحكومة المنتخبة الجديدة في محادثات مع مادورو حول كيفية تحقيق انتقال سلمي للسلطة، وهناك أيضًا عدم يقين حول الدور الذي ستلعبه ماريا كورينا ماتشادو –النائبة السابقة التي يُنسب لها الفضل في تحفيز المعارضة – في إدارة يقودها جونزاليس.

قادة المعارضة الفنزويلية
قادة المعارضة أمام أنصارهم في اليوم الأخير للحملة الانتخابية (AP)

هل سيستمر الجيش بدعم مادورو؟

يبرز السؤال الرئيسي حول ما إذا كان الجيش الفنزويلي – الحليف الأقوى لمادورو منذ فترة طويلة – سيستمر في دعم الرئيس إذا أظهرت النتائج الانتخابية هزيمته بوضوح، يقول فريمان: "الكثير سيتوقف عند الجيش، وهو أمر غامض للغاية".

ويشكّك البعض فيما إذا كان مادورو يستطيع الاعتماد على جهازه الأمني ​​لقمع أي احتجاجات في الشوارع في أعقاب ادعاء زائف بالفوز، وإذا كان الجيش سيقبل بجولة جديدة من القمع في ضوء الإدانة الدولية بعد قمع المظاهرات الواسعة النطاق في 2014 و2017.

وقال المجلس الأطلسي في تقرير له: "من المحتمل أن تمارس النخب في الجيش والحزب الحاكم ضغوطًا هادئة على مادورو، حتى مع إعلانه الفوز، لإظهار الانفتاح على الإصلاحات، والاستعداد للإشارة إلى عنصر تقاسم السلطة مع المعارضة في ولايته المقبلة".

أنصار مادورو
أنصار الرئيس نيكولاس مادورو في اليوم الأخير للحملة الانتخابية (AP)

ماذا يقول الفنزويليون عن يوم الأحد؟

لقد شن مادورو حملة استفزازية، واصفًا المعارضة بأنهم "فاشيون يمينيون متطرفون"، وقال للفنزويليين إنهم يواجهون خيارًا بين "السلام والحرب".

واتهمت المعارضة الحكومة الفنزويلية باستهداف المرشحين ومؤيديهم، وتقول المعارضة إن العشرات من مؤيديها قد اعتقلوا بتهم ملفقة.

وأصدر مادورو في الأسابيع الأخيرة سيرة ذاتية جديدة له، وسلسلة وثائقية من سبعة أجزاء تشيد به، وقد عُرضت على التلفزيون الحكومي.

يقول الخبراء إن حزب مادورو الحاكم، الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا، لديه دعم قوي من حوالي ثلث الناخبين، بما في ذلك العديد من الموظفين الحكوميين، والمستفيدين من برامج الإسكان المدعومة، والغذاء والمساعدات الاجتماعية الأخرى التي تعتبر مركزية في "إرث تشافيز".

إن الإقبال الكبير على التصويت من شأنه أن يصب في مصلحة المعارضة، ويبدو أن العديد من الفنزويليين حريصون على الإدلاء بأصواتهم

يقول راؤول بيريز (28 عامًا)، وهو أب لطفلين وسائق دراجة نارية أجرة في العاصمة كاراكاس: "بفضل مادورو، لدي منزلي هنا في وسط المدينة، وليس على أحد التلال"، ويتابع مضيفًا "زوجتي تعمل في إحدى الوزارات. إذا خسر مادورو هذه الانتخابات، فسوف نخسر كل شيء".

لكن المحللين يقولون إن الإقبال الكبير على التصويت من شأنه أن يصب في مصلحة المعارضة، ويبدو أن العديد من الفنزويليين حريصون على الإدلاء بأصواتهم.

يقول أنطونيو مانزانو (45 عامًا)، وهو مدرس في كاراكاس: "أعتقد أن الناس سيخرجون للتصويت كما لم يحدث من قبل، إنهم يائسون"، وأضاف "يتعين علينا أن نوضح أن الناس لا يريدون هذه الحكومة. بالنسبة لفنزويلا، فإن الـ28 من تموز/يوليو سيكون نقطة فاصلة بين [ما قبل – وما بعد]".