16-مايو-2024
لجأ النازحون الفلسطينيون إلى وسائل نقل بدائية في نزوحهم الجديد (GETTY)

لجأ النازحون الفلسطينيون إلى وسائل نقل بدائية في نزوحهم الجديد (GETTY)

يتواصل نزوح الفلسطينيين من رفح بسبب إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية برية شرق المدينة. وقدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا، أمس الأربعاء، عدد النازحين بنحو 600 ألف فلسطيني منذ تكثيف إسرائيل عملياتها العسكرية في الفترة الأخيرة، وهو مؤشر على تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

وأضافت أن "نحو 1.7 مليون شخص اضطروا إلى النزوح من منازلهم وملاجئهم بسبب الحرب في غزة، حيث نزح العديد منهم عدة مرات".

ولم يعد هناك للنازحين الفلسطينيين من خيار سوى المغادرة بعد عمليات التدمير الواسع التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، أو من خلال التهديدات التي تطلقها إسرائيل عبر إسقاط طائراتها الحربية مناشير تطالبهم بضرورة مغادرة المنطقة فورًا، لكن تكلفة النزوح أصبحت جد مكلفة.

يتحدث نازحون عن أن تكلفة النزوح عبر سيارات النقل تكلف 600 دولار، مما دفعهم للبحث عن وسائل نقل أخرى.

ويرجع السبب الرئيسي في الارتفاع الكبير لتلك الكلفة إلى منع الاحتلال الإسرائيلي المتكرر من دخول المشتقات البترولية، بما فيما الوقود الذي يستخدم في تشغيل المركبات منذ بداية العدوان على غزة  في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فيما تفاقمت حدة الأزمة بعد السيطرة الإسرائيلية الكاملة على معبر رفح مؤخرًا وإغلاقه في وجه دخول المساعدات الإنسانية، والشاحنات التي تحمل البضائع بمختلف أنواعها.

اضطر نحو 1.7 مليون شخص إلى النزوح من منازلهم وملاجئهم بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة

يكشف أبو دلال لصحيفة "العربي الجديد" أنه اضطر للركوب على "الكارة" بجانب عفش منزله، فيما ذهبت زوجته وطفلاه بسيارة أجرة بمقابل أجر مرتفع وصل إلى 40 شيكل للفرد الواحد، وذلك بعد فشله في توفير شاحنة تقله هو وأسرته وحاجياته نحو منطقة النزوح الجديدة.

بدا أبو دلال منهكًا في رحلة النزوح الجديدة، وأوضح أنه يعيش النزوح الرابع، وهذا النزوح أعاد إلى أذهان أسرته فترة بدايات الحرب، حيث كانت كلفة النقل خيالية. يقول: "طلب مني أحد السائقين مبلغ 600 دولار لنقل العفش، فيما طلب آخر 1500 شيكل، ما دفعني لاستئجار كارة بمبلغ 500 شيكل. رغم أن تكلفة هذا النقل لم تكن تتجاوز 100 شيكل في الأوضاع الطبيعية". وتبلغ قيمة 1دولار 3.8 شيكل.

بدوره، أمضى حمادة ديب ثلاثة أيام في البحث عن وسيلة نقل بسعر مناسب لنقله من مدينة رفح نحو ما يطلق عليه الاحتلال الإسرائيلي "المناطق الإنسانية الآمنة"، ثم اضطر إلى التشارك مع مجموعة من الجيران في ايجار شاحنة لنقل خيامهم وأسرهم قبل اشتداد الأزمة مع تواصل التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العملية العسكرية.

يقول ديب لـ "العربي الجديد": "لا يمكنني دفع 2500 شيكل، فأنا أعاني من أزمة مالية بفعل عدم تمكني من سحب راتبي منذ شهرين بسبب التكدس الشديد على الصراف الوحيد الذي كان يعمل في مدينة رفح، وبسبب نسب الفائدة المرتفعة للغاية عند مكاتب الصرافة، والتي تصل إلى 25 أو 30% في بعض الأحيان".

وأضاف: "النقل بهذه الطريقة كان مرهقًا للغاية، وأفقدني بعض الأدوات بسبب اختلاط الأغراض مع الجيران". وتابع: "لم أتمكن من الجلوس طيلة الطريق، وبقيت واقفًا على حافة الشاحنة لعدم وجود متسع، وخشية من سقوط العفش في الطريق".

أما علا الأشرم، فاضطرت إلى النزوح في بداية الحرب من منطقة "التوام" في شمالي غزة إلى مخيم النصيرات وسط القطاع بعد تدمير الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل عائلتها، ثم اضطرت مجددًا للنزوح إلى مدينة رفح، وتقول إن "تجربة النزوح بحد ذاتها مؤلمة وقاسية، وتزيد الظروف المحيطة من قسوتها". 

تعيل الأشرم أسرة مكونة من أربعة أيتام، وتكشف لـ "العربي الجديد"، بأنها كانت تدخر بعض المال المتبقي من ثمن عقد الذهب الذي اضطرت لبيعه على أمل العودة إلى منطقة سكنها في شمالي القطاع، إلا أن بدء العملية العسكرية في رفح اضطرها إلى دفع ما تبقى معها للنزوح مجددًا، وهذه المرة إلى مدينة دير البلح.

تقول الأشرم: "دفعت قرابة 1500 شيكل لصاحب حافلة صغيرة لنقلي مع أبنائي وخيمتنا القماشية وبعض المواد الغذائية وأدوات المطبخ والملابس. رغم هذا الرقم الخيالي للنقل من مدينة رفح إلى دير البلح، إلا أنه كان من أفضل الأسعار التي صادفناها على مدار أيام".

وفي ظل أزمة إنسانية صعبة فاقمها تواصل العدوان على غزة في غياب أفق لنهاية الحرب، يعاني النازحون الفلسطينيون من استنزاف كل مقدراتهم المالية بفعل شح السيولة النقدية وارتفاع تكلفة المعيشة ووقوعهم تحت رحمة المنتفعين من مآسي الحروب.