تواجه حرية الصحافة في العالم انخفاضًا كبيرًا وخطرًا أكبر، نتيجة الهجمات السياسية والحروب، وتنخفض المؤشرات الإيجابية بشكلٍ كبير مقارنة في العام الماضي، وفقًا للمؤشر العالمي لحرية الصحافة السنوي الذي تنشره منظمة مراسلون بلا حدود.
وقالت مديرة تحرير "مراسلون بلا حدود" آن بوكاندي: "مع توجه أكثر من نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع في عام 2024، تحذر مراسلون بلا حدود من اتجاه مثير للقلق كشف عنه المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2024: تراجع المؤشر السياسي، وهو أحد المؤشرات الخمسة المفصلة في المؤشر".
مراسلون بلا حدود: "فلسطين المحتلة والتي تتعرض لقصف الجيش الإسرائيلي، هي المكان الأكثر فتكًا بالصحفيين"
وأشارت إلى أن القوى السياسية تساهم في المزيد من الإجراءات العدائية التي تقوض دور الصحفيين، أو حتى تستخدم وسائل الإعلام كأداة من خلال حملات المضايقة أو التضليل.
وبحسب التقرير، كان أداء منطقتي المغرب العربي والشرق الأوسط هو الأسوأ من حيث القيود المفروضة على حرية الصحافة من قبل الحكومات.
وقالت مراسلون بلا حدود، إن الحكومات في جميع أنحاء المنطقة حاولت في العام الماضي السيطرة على وسائل الإعلام وتقييدها من خلال العنف والاعتقالات والقوانين الصارمة، والتي تفاقمت بسبب "الإفلات المنهجي من العقاب على جرائم العنف ضد الصحفيين".
وتقول مراسلون بلا حدود إنه منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، سقط أكثر من 100 صحفي فلسطيني في غزة، بما في ذلك 22 على الأقل أثناء عملهم.
وأشارت في التقرير، إلى أنه "تحت الاحتلال وتحت القصف الإسرائيلي المستمر، تحتل فلسطين المرتبة 157 من بين 180 دولة ومنطقة شملها الاستطلاع في المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2024، لكنها مصنفة بين الدول العشر الأخيرة فيما يتعلق بأمن الصحفيين".
وجاء في التقرير أن "فلسطين المحتلة والتي تتعرض لقصف الجيش الإسرائيلي، هي المكان الأكثر فتكًا بالصحفيين".
وفي أماكن أخرى من المنطقة، قُتل صحفيون في السودان، حيث جرت محاولات جادة للحد من التقارير المستقلة عن العنف والحرب الأهلية. كما تدهور وضع الإعلاميين في سوريا، حيث تم تهديد الصحفيين الذين فروا من قمع الصحافة في وطنهم بالطرد من الأردن وتركيا ولبنان المجاورة. وتقول مراسلون بلا حدود إن أربعة من أكبر سجاني الصحفيين في العالم -إسرائيل والسعودية والنظام السوري وإيران- استمروا في مهاجمتهم واحتجازهم.
وتقول "مراسلون بلا حدود" إن أمريكا اللاتينية تظهر أيضًا مؤشرات مثيرة للقلق بشأن القمع السياسي للصحافة. وفي الأرجنتين، تباهى الرئيس الجديد خافيير مايلي باعتداءه على الصحافة الحرة وقام بإغلاق أكبر وكالة أنباء في البلاد. وتتعرض حرية الصحافة أيضًا لهجوم سياسي متواصل في البيرو والسلفادور.
وبحسب التقرير، كان أداء الولايات المتحدة سيئًا بسبب تزايد الهجمات على الصحفيين من قبل المسؤولين السياسيين، بما في ذلك الدعوات العامة لسجن الصحفيين.
وشهدت الانتخابات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعمال عنف ضد الصحفيين غذتها الهجمات السياسية على حرية الإعلام. وفي نيجيريا، تعرض ما يقرب من 20 مراسلًا للهجوم في أوائل عام 2023، وفي مدغشقر، تم استهداف المراسلين أثناء تغطيتهم للاحتجاجات التي سبقت الانتخابات. وفي الآونة الأخيرة، أوقفت بوركينا فاسو عمل العشرات من المؤسسات الإخبارية الأجنبية، بسبب تقارير عن مذبحة راح ضحيتها مئات المدنيين على يد الجيش البوركينابي.
وفي أوروبا، أظهر المؤشر تراجع روسيا في صفوف الدول التي تشن هجمات على حرية الصحافة فيما تسميه مراسلون بلا حدود "حملتها الصليبية" ضد الصحافة المستقلة. وفر أكثر من 1500 صحفي روسي إلى الخارج منذ الحرب على أوكرانيا عام 2022.
وفي الأسبوع الماضي، حذر تقرير صادر عن اتحاد الحريات المدنية لأوروبا (الحريات)، من أن حرية الصحافة "تقترب بشكل خطير من نقطة الانهيار" في العديد من البلدان الأوروبية.
كما تفاقم قمع الصحافة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتقول مراسلون بلا حدود إن "الحكومات الدكتاتورية في المنطقة تشدد قبضتها على الأخبار والمعلومات بقوة متزايدة في بلدان مثل أفغانستان"، و"الاضطهاد الشامل" الذي تمارسه كوريا الشمالية والصين ضد الصحفيين في وسائل الإعلام المحلية. كما تراجعت فيتنام وميانمار في التصنيف هذا العام بسبب سعيهما إلى السجن الجماعي للإعلاميين.
كما رسمت مراسلون بلا حدود صورة قاتمة للاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي، ووصفت استخدامه في ترسانة المعلومات المضللة لأغراض سياسية بأنه "مثير للقلق"، مع استخدام التزييف العميق للتأثير على مسار الانتخابات.
كما أن إعداد التقارير عن الحرب ضد الطبيعة يشكل خطورة متزايدة. إذ قُتل 44 صحفيًا بسبب تغطيتهم لقضايا البيئة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وفقًا لتقرير منفصل صادر عن اليونسكو، التي تنظم اليوم العالمي لحرية الصحافة اليوم.