01-مايو-2024
صفقة تبادل الأسرى.. نتنياهو يناور وانقسامات حادة في تل أبيب

(Getty) كشف مصدر قيادي في حركة الجهاد الإسلامي لـ"الترا فلسطين" عن محاولات إسرائيلية لإحداث اختراق بوحدة الموقف الفلسطيني في ملف المفاوضات

تقف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة عند مفترق حاسم، مع ضغط دولي متزايد من أجل إنجاز الصفقة، ومحاولة دولة الاحتلال الإسرائيلي استغلاله من أجل التنصل من القبول بوقف دائم لإطلاق النار، باعتباره المطلب الأساسي لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.

وفي الوقت نفسه، تواجه دولة الاحتلال انقسامات سياسية حادة، تقوم كلها على أساس قبول صفقة التبادل وعملية اجتياح رفح.

وفي مستجد الصفقة الأخير، وصل وفد إسرائيلي ضم مسؤولين في الشاباك وجيش الاحتلال والموساد إلى العاصمة المصرية القاهرة، مساء الثلاثاء، في زيارة عاجلة وقصيرة، استمرت نحو ثلاث ساعات، للاطلاع على مخرجات النقاشات مع حركة حماس حول المقترح الإسرائيلي لصفقة في غزة، بحسب ما ورد في صحيفة "العربي الجديد".

قال مصدر في حماس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "محددات قبول الصفقة، إضافة كلمة الكامل في الفقرة التي تنص على أن إسرائيل تبدي استعدادها للانسحاب، وعودة النازحين جميعًا، وتقديم ضمانات كافية لوقف إطلاق النار

وقالت مصادر مصرية مطلعة، إن الوفد تلقى مخرجات المناقشات التي جرت الاثنين بين وفد حماس والمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري.

ووفقًا للمصادر نفسها، فإن الوفد الإسرائيلي تسلم ورقة معدلة بالملاحظات والتعديلات التي طالبت حماس بإدخالها على المقترح الإسرائيلي لصفقة تبادل أسرى تتضمن اتفاق تهدئة، لافتة إلى أنه من المقرر أن تحظى تلك التعديلات بمناقشات واسعة عند طرحها خلال اجتماع من المقرر أن ينعقد الخميس المقبل للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر.

ورجحت المصادر أن تقدم حركة حماس ردها النهائي على التصور الإسرائيلي نهاية الأسبوع الجاري في أعقاب رد حكومة الاحتلال الإسرائيلي على التعديلات المقترحة.

وقال مصدر في حماس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "محددات حركة حماس من أجل قبول المقترح، هي: إضافة كلمة الكامل في الفقرة التي تنص على أن إسرائيل تبدي استعدادها للانسحاب، وعودة النازحين جميعًا، دون الاعتراض الإسرائيلي على عودة العسكريين، وتقديم ضمانات كافية لوقف إطلاق النار".

وفي سياق آخر، كشف مصدر قيادي في حركة الجهاد الإسلامي لـ"الترا فلسطين" عن محاولات إسرائيلية لإحداث اختراق بوحدة الموقف الفلسطيني في ملف المفاوضات غير المباشرة بخصوص وقف إطلاق النار في غزة، حيث حاول مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التواصل مع مكتب حركة الجهاد الإسلامي في العاصمة اللبنانية بيروت، عن طريق الوسيط الأممي ميروسلاف زافيروف الذي يعمل مستشارًا للمنسق الخاصّ للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، وذلك بهدف فتح قنوات اتصال غير مباشرة وإجراء تفاوضٍ بحكم وجود أسرى إسرائيليين لدى حركة الجهاد.

وبحسب المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، فإن زافيروف ومعه مساعد أممي آخر اجتمعا مع قيادي في الجهاد الإسلامي، السبت الماضي، وطرحا عليه الفكرة، فيما كان الرد واضحًا "هذا العرض مرفوض تمامًا، ولن نسمح بأن يحدث انقسامٌ بيننا وبين حركة حماس التي فوّضناها بأن تمثل فصائل المقاومة في ملف التفاوض" مشيرًا إلى أن نتنياهو عبر هذه المحاولة، يعكس حالة "إفلاس" في طرق وأساليب مواجهته للمقاومة.

وقال مسؤولون أميركيون لـ"أكسيوس"، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن شارك شخصيًا في جهود مكثفة في الأيام الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

ويقول كبار مستشاري الرئيس الأميركي إن الاتفاق المطروح على الطاولة الآن هو السبيل الوحيد الذي يمكن تصوره لوقف إطلاق النار في غزة واحتمال إنهاء الحرب.

وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي يوم الثلاثاء بأن بايدن يركز كل تركيزه على صفقة التبادل. وقال عندما سئل عن الخطة البديلة إذا لم تنجح المفاوضات: "يجب أن يكون هناك اتفاق. إذا تمكنا من التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فيمكننا الحصول على شيء أكثر ديمومة ومن ثم ربما إنهاء الصراع ومن ثم ربما المضي قدمًا في التطبيع [بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية]، لكن يجب أن نبدأ باتفاق وإعادة هؤلاء الأشخاص إلى مجتمعهم"، على حد تعبيره.

ويوضح كبار مساعدي بايدن إن الاتفاق قد "يسحب إسرائيل وحزب الله من حافة الحرب".

ويقول مسؤولون أميركيون إن البيت الأبيض يريد الاستفادة من إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية كجزء من تلك الصفقة لإقناع نتنياهو بالموافقة على مسار لإقامة دولة فلسطينية. ويأمل فريق بايدن أن يساعد وقف إطلاق النار أيضًا في خفض درجة الحرارة المحيطة بالاحتجاجات في حرم الجامعات الأميركية التي تنتقد سياسة بايدن تجاه إسرائيل. وقد يساعد ذلك أيضًا بايدن في محاولة إعادة بناء صورته المشوهة بين الناخبين العرب في ولاية ميشيغان المتأرجحة الرئيسية.

حراك دبلوماسي

وبينما وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل مناقشة صفقة التبادل والمساعدات إلى غزة. قال مصدر دبلوماسي فرنسي إن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورن سيسافر إلى القاهرة، اليوم الأربعاء، في محطة غير مقررة خلال جولة بالمنطقة مع تطور مفاوضات التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس.

وقال المصدر لـ"رويترز" إن "الزيارة المفاجئة للوزير تأتي في إطار الجهود المصرية لعقد صفقة تبادل وتحقيق التهدئة في غزة".

وفي وقت سابق، قال سيجورن، الذي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء، إن هناك بعض الزخم نحو التوصل إلى اتفاق، لكنه لن يكون سوى خطوة أولى نحو وقف طويل الأمد لإطلاق النار.

وحذر من أن الهجوم على مدينة رفح بجنوب غزة لن يساعد إسرائيل في الحرب.

نتنياهو لا يريد صفقة

انتقد مسؤول قطري رفيع المستوى بشدة نية إسرائيل شن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، قائلًا: "عملية رفح تمنع التوصل إلى اتفاق. إنها ليست وسيلة للضغط على حماس. حماس تفهم من هذه الخطوة أن إسرائيل تخطط لدخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا. وبعبارة أخرى، من الناحية العملية، ليس لدى إسرائيل أي نية لإنهاء القتال".

وأضاف المسؤول أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في تقديره، غير مهتم بصفقة التبادل في الوقت الحالي.

وقال: "اتفقنا على العمل كوسطاء بشرطين. الأول هو أن كلا الجانبين يريداننا كوسيط، والثاني، أن كلا الجانبين مهتمان بتنفيذ الاتفاق. حتى الآن، لدينا انطباع بأن نتنياهو غير مهتم بالتوصل إلى اتفاق".

جاءت هذه التصريحات، في أعقاب تصريحات نتنياهو التي تعهد فيها بالهجوم على رفح "بصفقة تبادل أو بدونها من أجل تحقيق النصر الكامل"، كما أضاف: "فكرة إنهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها غير قابلة للتصور".

وفي السياق نفسه، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لـ"هآرتس"، وهو ليس سياسيًا ولكنه مشارك في مفاوضات التبادل، إن إسرائيل عرضت على حماس تأجيل عملية رفح لعدة أشهر مقابل تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة. 

وأضاف أن الحكومة لا تنوي الإعلان علنًا ​​عن انتهاء الحرب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تقييمها بأن مثل هذا الإعلان سيؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحاكم.

الخلافات تضرب الحكومة الإسرائيلية

أصدر وزراء في حكومة الاحتلال، تهديدات متبادلة بمغادرة الحكومة، في إطار نقاش صفقة تبادل الأسرى، وبعد تصريحات أمريكية عن إمكانية إحراز تقدم جديد في الصفقة.

وضغط الجناح اليميني المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، عبر وزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، على نتنياهو للتخلي عن الصفقة والمضي قدمًا في غزو رفح وهددوا بترك الحكومة إذا قرر نتنياهو خلاف ذلك.

وفي بيان بالفيديو عقب اجتماع مغلق مع نتنياهو بعد ظهر الثلاثاء، قال بن غفير إن "رئيس الوزراء وعد بأن إسرائيل سوف تغزو رفح، وأن الحرب لن تنتهي، وأنه لن تكون هناك صفقة متهورة".

وأضاف أنه يعتقد أن نتنياهو "يفهم ما هي العواقب إذا لم تحدث هذه الأمور"، ملمحًا إلى أنه سيترك الحكومة إذا تم التوصل إلى مثل هذه الصفقة.

وطالب سموتريتش، في مؤتمر صحفي، نتنياهو بعدم رفع "راية الاستسلام البيضاء" بالموافقة على الصفقة التي تم التوصل إليها بوساطة مصرية. وقال إن إسرائيل تواجه مفترق طرق "لا وسط فيه"، حيث يتعين عليها الاختيار بين "النصر الحاسم" و"الهزيمة في الحرب والذل"، وقال إنه على استعداد لدفع "ثمن سياسي. إذا قرر نتنياهو المضي قدمًا في الصفقة". وأضاف أن الحكومة لن يكون لها "الحق في الوجود" إذا مضت في صفقة التبادل كما هي.

وبعد هذه التصريحات، رد الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت عليها، بالقول: إنه لن يكون شريكًا في حكومة تتخذ قراراتها على أساس "اعتبارات سياسية".

وقال آيزنكوت في بيان مكتوب: "لقد حدد مجلس الوزراء أهداف الحرب قبل ستة أشهر. في اليوم الماضي، استخدم اثنان من أعضاء مجلس الوزراء التهديدات السياسية بهدف الابتزاز. وهذه ظاهرة خطيرة تمس بأمن إسرائيل القومي. لن أكون إلا شريكًا في حكومة تتخذ قراراتها على أساس المصالح الوطنية لدولة إسرائيل، وليس على الاعتبارات السياسية".

وحول تهديدات آيزنكوت، قال مصدر إسرائيلي لـ"يديعوت أحرونوت": "آيزنكوت ليس رئيس حزب ويبدو أنه لا يتخذ القرارات بمفرده، لكن تهديده دراماتيكي في حد ذاته وهو أيضًا الأكثر حدة الذي سمعناه منه حتى الآن. والسبب هو أنه إذا انسحب آيزنكوت من الحكومة فإنه سيجر غانتس خلفه حتى لو كان الأخير لا يريد ذلك". وتقول المصادر إن آيزنكوت غير مهتم بالاستطلاعات وهو لا يضع هذا الاعتبار لديه وكل من يتحدث معه يشعر بأنه مدفوع أولًا في صفقة التبادل.

وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية عضو الكنيست يائير لابيد، ردا على بن غفير: "لقد أصبحت دولة إسرائيل رهينة لأشخاص مجانين وغير مسؤولين. وهذا لا يمكن أن يستمر. يقف وزير ذو سجل إجرامي في مكتب رئيس الوزراء ويهدد رئيس الوزراء بالعواقب إذا لم يفعل ما يُطلب منه. بن غفير يقول للعالم أجمع والمنطقة كلها أن نتنياهو ضعيف ويعمل لصالحه. ومن غير المعقول أنه لم يُطرد على الفور".

وفي السياق نفسه، قالت وزيرة المستوطنات أوريت ستروك لإذاعة جيش الاحتلال إن "الجنود تركوا كل شيء وراءهم وخرجوا للقتال من أجل أهداف حددتها الحكومة، ونحن نرميها الآن في سلة المهملات لإنقاذ 22 شخصًا، أو 33 شخصًا أو لا أعرف عددهم. مثل هذه الحكومة ليس لها الحق في الوجود".

رفح أم صفقة التبادل؟

ترفض إسرائيل حتى الآن الربط بين العدوان على رفح وصفقة التبادل، وبناءً على الموقف الإسرائيلي فإن ما سيتغير هو توقيت العملية.

وفي هذا السياق، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعد الآن للنظر في الأفكار التي رفضها قبل ثلاثة أشهر. ويبدو أن نتنياهو، الذي لا يزال لديه تحفظات بشأن التوصل إلى اتفاق في ظل الظروف الحالية، وهو يمثل أقلية في حكومته الحربية، التي يفضل معظم أعضائها الآن التوصل إلى صفقة على حساب غزو رفح. ولكن في مجلس الوزراء الأمني ​​الأوسع، فإن المواقف متعددة، ويطالب أعضاء اليوم بالهجوم على رفح حتى على حساب خسارة الصفقة".

وأضاف هارئيل: "التهديدات المتعلقة باحتلال رفح ظلت منذ فترة طويلة مجرد كلام فارغ. وكانت الاستعدادات العسكرية تسير ببطء. نتنياهو لم يدفع الجيش إلى التحرك، ولم تصدق سوى مجموعة صغيرة من أتباعه الحمقى الشجعان التصريحات المتعلقة بالعملية الوشيكة في المدينة . كما اشتروا وعوده بالنصر الكامل". موضحًا: "لكن في الأسابيع الأخيرة، تغير شيء ما. لقد أصبحت الخطوات العسكرية أكثر واقعية، كما بدأت حماس تستشعر قدرًا من الخطر. ومع ذلك، فإن التحفظات الأميركية بشأن الهجوم على رفح واضحة، وكذلك مطالبة واشنطن إسرائيل بضمان الإخلاء الآمن للسكان المدنيين الفلسطينيين من المدينة، كشرط لبدء العملية العسكرية".

وعن موقف الجيش، أوضح هارئيل: "الجيش الإسرائيلي ليس متحمسًا لهذه الفكرة. يكفي الاستماع إلى تصريحات اللواء (احتياط) يسرائيل زيف، على القناة 12، وهو المعلق الأقرب إلى مواقف هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. وقال في تعليقات عشية العيد إن ’أي صفقة رهائن لها الأسبقية على العملية العسكرية في رفح، والتي سيكون من الجيد ألا تتم على الإطلاق. رفح ليست ذات أهمية خاصة في إسقاط حماس والكمين الاستراتيجي الذي ينتظرنا هناك قد يؤدي إلى نتائج صعبة’. وأضاف: ’نتنياهو يضيع في الطريق ولا يرى الحفرة التي قد يسقط فيها هو وإسرائيل قريبًا’".

انتقد مسؤول قطري بشدة نية إسرائيل شن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، قائلًا: "عملية رفح تمنع التوصل إلى اتفاق. إنها ليست وسيلة للضغط على حماس. حماس تفهم من هذه الخطوة أن إسرائيل تخطط لدخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا"

وتابع هارئيل، قائلًا: "لم يكن بوسع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي أن يعبر عن الأمر بشكل أفضل. ومع ذلك، فإن إحدى الصعوبات الرئيسية الكامنة في المفاوضات تتعلق بمطالبة حماس بأن يتضمن الاتفاق وقفًا كاملًا لإطلاق النار وإنهاء الحرب، وهو الطلب الذي يجد نتنياهو صعوبة في استيعابه".

وبخصوص صفقة التبادل، أوضح: "سيتأثر قرار نتنياهو في النهاية بمستوى الضغط الذي تمارسه إدارة بايدن".

ورغم الحديث عن صفقة تبادل وقلق في واشنطن من عملية في رفح، فإن جيش الاحتلال يواصل التخطيط للعملية، ويهدف أساسًا إلى إبعاد الانتقادات في المجال الإنساني، من خلال زيادة دخول المساعدات إلى غزة، وإنشاء "منطقة إنسانية" في وسط قطاع غزة، وذلك خشية من "خسارة الشرعية الدولية".