ألتراصوت- فريق الترجمة
في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الهيئة التنظيمية لألعاب الفيديو في الصين أنه لن يسمح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا سوى بساعة واحدة من اللعب عبر الإنترنت، في أيام الجمعة وعطلة نهاية الأسبوع وفي الإجازات، وبما لا يزيد عن 3 ساعات في الأسبوع.
فق التوصيات الجديدة، فإنه سيطلب من الشركات المشغّلة لألعاب الإنترنت أن تقيّد خدماتها على حسابات الأطفال بفترة محددة
القواعد الجديدة تهدف بحسب السلطات الصينية إلى مكافحة ما أسمته "إدمان ألعاب الفيديو"، والمصنف ضمن الاضطرابات بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2018. وهي قواعد توجيهية يترك أمر تطبيقها على عاتق شركات ألعاب الفيديو والقطاع الناظم للألعاب عبر الإنترنت، فهي ليست "قوانين" يترتب عليها عقوبات على الأفراد في حال مخالفتها.
"غيم أوفر"
تعدّ الصين أكبر سوق لاستهلاك ألعاب الفيديو في العالم، وقد أعربت السلطات المعنية غير مرّة خلال السنوات الماضية عن قلقها بشأن تأثير ذلك على الأطفال واليافعين، وهو ما دفع الحكومة كذلك إلى دعم مبادرات رسمية ومجتمعية لتأسيس نوادي ومراكز لعلاج إدمان الإنترنت، عبر الدمج بين أساليب العلاج والتوعية، وبين الأنشطة البدنية للأطفال.
كما يعاني الأطفال في الصين مؤخرًا من ارتفاع معدلات الإصابة بحالة "قصر النظر"، وهي حالة من حالات ضعف البصر، والذي يسب رؤية مشوشة وصعوبة في رؤية الأشياء البعيدة، إضافة إلى تأثير ذلك سلبًا على التعليم والنشاط البدني.
وتعد الوكالة الوطنية للصحافة والنشر (NPPA) هي الجهاز المسؤول عن ترخيص محتوى ألعاب الفيديو في الصين، وقالت في بيان صدر عنها يوم الإثنين 30 آب/أغسطس إن الخبراء في الوكالة قلقون بشأن الأثر السلبي المحتمل لألعاب الفيديو عبر الإنترنت على السلامة الذهنية والبدنية للأطفال في الصين.
وبحسب الإحصاءات الرسمية في الصين، فإن 62.5% من الأطفال (تحت سن 18 عامًا) يلعبون عبر الإنترنت، و13.2% منهم يلعبون على الهواتف لمدة تزيد عن ساعتين يوميًا خلال أيام الأسبوع.
لذا فإن مختلف المؤشرات كانت تستدعي، وفق السلطات الصينية، أن يعلق أحدهم الجرس، ويعلن "الجيم أوفر" بالنسبة للوقت المفتوح للأطفال على الهواتف والأجهزة المحمولة الأخرى التي يمارسون عليها ألعاب الإنترنت، بلا حدود.
كما تعهدت السلطات، عبر الوكالة الوطنية للصحافة والنشر، باتخاذ خطوات إضافية لمواجهة ما دعته "عبادة المشاهير"، حيث يتأثر اليافعون من الذكور والإناث بحسابات المؤثرين والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يدفع إلى تشكيل أنماط غير صحية من السلوك والتفاعل يؤثر على سلامة وصحة الأطفال.
ما الذي سيتغير بالتحديد؟
وفق التوصيات الجديدة من الوكالة الوطنية للصحافة والنشر، فإنه سيطلب من الشركات المشغّلة لألعاب الإنترنت أن تقيّد خدماتها للأطفال بفترة محددة، بحيث لا يتمكن اليافعون الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا من الدخول إلى ألعاب الإنترنت إلا أيام الجمعة والسبت والأحد، وبين الساعة الثامنة والتاسعة مساء فقط. كما يمكن اللعب خلال هذه الساعة أيضًا خلال أيام العطل الوطنية. في حين كانت القواعد القديمة تتيح اللعب لمدة 90 دقيقة خلال أيام الأسبوع، ولمدة 3 ساعات في أيام نهاية الأسبوع والعطل.
كما تنص القواعد الجديدة على ضرورة أن تتأكد الشركات المشغلة للألعاب من استخدام الأسماء الحقيقية للاعبين عند تسجيل الدخول، على أن يتم حظر مشاركة أي لاعب لا يلتزم بذلك، وذلك بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الصينية شينخوا لتعزيز التقيد بالقواعد الجديدة.
كيف ستتعاون الشركات؟
تجاوبت العديد من الشركات الصينية في فترات سابقة مع شكاوى أولياء الأمور في الصين بخصوص الوقت المفتوح للعب على الإنترنت، فأعلنت شركة "تينسينت" القابضة عام 2017 بأنها ستقيد الأوقات المخصصة للعبة "شرف الملوك" (Honor of Kings)، وهو ما التزمت به العديد من الشركات الكبرى المطورة والمشغلة لألعاب الإنترنت في الصين، من دون وجود تعليمات واضحة من الجهات الرقابية الرسمية.
لكن وفق القواعد التي جرى تطويرها منذ العام 2019، وأعلن عنها مؤخرًا في الصين، فإنه واعتبارًا من 1 أيلول/سبتمبر، سيمنع الأطفال تحت سن 18 عامًا من اللعب عبر الإنترنت بين أيام الإثنين والخميس. أما في أيام الجمعة والسبت والأحد والعطل الوطنية، فسيتاح لهم اللعب لمدة ساعة واحدة فقط، بين الثامنة والتاسعة مساء.
ووفق القواعد الجديدة، ستلتزم الشركات في الصين بتطبيق نظام يمنع الولوج إلى اللعبة بدون استخدام الاسم الحقيقي، كما يجب أن يتم ربط كافة الألعاب بنظام مكافحة الإدمان الذي تعمل الوكالة الوطنية للصحافة والنشر على تطويره، والتي ستقوم بدورها بتكثيف إجراءات التفتيش على شركات ألعاب الإنترنت لضمان تقيدها بالتعليمات الجديدة.
كما ستعلن الوكالة عن إجراءات إضافية لمخالفة الشركات التقنية التي تخالف هذه القواعد، بحيث يتم زيادة الغرامات في حال ضبط أية مخالفات.
لكن الوكالة الوطنية للصحافة والنشر أكّدت في الوقت ذاته على أن نجاح الإجراءات الجديدة التي تم الإعلان عنها سيتطلب تعاونًا مجتمعيًا عامًا، من أولياء الأمور والمعلمين والمدارس والشركات، خاصة وأنه سيكون بوسع الأطفال استخدام حسابات ذويهم الكبار لتجاوز القيود والاستمرار باللعب، وهذا يعني ضرورة فرض رقابة أكثر صرامة في المنزل وفي المدرسة.
إدمان ألعاب الفيديو
في عام 2018، أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، بعد أن أجرت مراجعة لتصنيف الأمراض وقوائمها، عن قناعة المختصين لديها بأن عدم امتلاك القدرة على التوقف عن ممارسة ألعاب الفيديو، وممارستها على نحو أشبه ما يكون عليه حال من يعانون من قهر عصبي، هو حالة يمكن تصنيفها اضطرابًا عقليًا، وأنه يلزم على السلطات وأولياء الأمور متابعتها وعلاجها.
ستعلن الوكالة عن إجراءات إضافية لمخالفة الشركات التقنية التي تخالف هذه القواعد، بحيث يتم زيادة الغرامات في حال ضبط أية مخالفات
كما وذكرت منظمة الصحة العالمية أن تصنيف "اضطراب ألعاب الفيديو" باعتباره شكلًا فريدًا من أشكال الإدمان الحديثة، من شأنه أن يساعد الحكومات وأولياء الأمور والعاملين في مجال الرعاية الصحية، على التنبه بشكل أفضل لمخاطر هذه الظاهرة، والاستعداد بشكل جيد للتعامل معها وتشخيصها وتفادي مخاطرها وتفشيها على نحو أوسع عبر العالم.