26-يوليو-2023
لم يظهر وزير الخارجية الصيني المقال منذ شهر على الأضواء (GETTY)

آخر ظهور لوزير الخارجية الصيني السابق كان في 25 حزيران/ يونيو الماضي (GETTY)

أعلنت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، وهي أعلى هيئة تشريعية في الصين، عزل تشين غانغ من منصبه كوزير للخارجية في جمهورية الصين الشعبية، وتعيين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية السابق وانغ يي بديلًا له، بحسب ما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، بدون تقديم تفاصيل عن الموضوع، الذي تحول إلى موضوع بارز في ظل غياب وزير الخارجية السابق تشين غانغ لمدة تزيد عن الشهر.

وقالت الوكالة، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقّع قرارًا رئاسيًا تنفيذيًا بتعيين وانغ يي، في حين لم تكشف الخارجية الصينية أي تفاصيل عن وضع الوزير السابق تشين غانغ، الذي غاب عن كافة المهام الدبلوماسية والاجتماعات الرسمية.

رغم أن تشين هو وزير الخارجية، فإن سلفه وانغ يي يحتل مركزًا أعلى في الهرم الدبلوماسي، إذ يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصين، ويُعد كبير دبلوماسيي البلاد.

أعلنت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني عن عزل وزير الخارجية الصيني تشن غانغ

وتولى وانغ يي بعضًا من مسؤوليات تشين غانغ خلال الفترة الأخيرة، فمثل بلاده في اجتماع لدول منظمة "بريكس" في شأن قضايا أمنية في جنوب أفريقيا، واستقبل مبعوث المناخ الأمريكي جون كيري خلال زيارته لبكين.

شهر من الغياب عن الأضواء

وغاب وزير الخارجية الصيني المعزول عن الأضواء منذ شهر، وكان آخر ظهور له، حين استقبل  في 25 حزيران/يونيو نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو في العاصمة بيكين، خلال زيارة عمل قام بها الأخير إلى الصين، كما استقبل في نفس اليوم وزيري خارجية سيريلانكا وفيتنام.

وبدأت التكهنات حول وضع تشين، الذي وصف بـ"نجم الدبلوماسية الصاعد"، تظهر في أعقاب غيابه عن اجتماع على مستوى وزراء الخارجية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا "أسيان"، الذي عقد في إندونيسيا، كما زادت التكهنات حول غيابه بشكل واضح خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر الذي التقى مع مسؤولين صينيين كبار، بالإضافة للزيارة النادرة لنائب وزير الاقتصاد الأوكراني.

زكي وزكية الصناعي

لا معلومات رسمية صينية

وفي أثناء ذلك، ردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ بأنها: لا تملك أي "معلومات متاحة" عن تشين، وأضافت في مؤتمر صحفي دوري في بكين أن "العمل الدبلوماسي للصين يحرز تقدما سلسًا"، وقبل ذلك عزت وزارة الخارجية الصينية غياب تشين إلى "أسباب صحية"، وهو تبرير لم يتم تكراره، خاصةً أن الوزارة تجاهلت منذ ذلك الحين أي أسئلة إضافية بشأن وضع الوزير، حيث أنه من النادر أن تعلق السلطات الصينية على الوضع الصحي لكبار قادتها.

وأشارت وكالة "بلومبيرغ"، إلى أن فشل السلطات الصينية في تفسير اختفاء وزير خارجيتها "المختار بعناية" قد أثار مخاوف المستثمرين القلقين من عدم قدرتهم على تقييم الاقتصاد بسبب فجوات البيانات، وافتقادها للشفافية، وتقلبات السياسة، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

عاد وانغ يي لمنصبه كوزير للخارجية

أسباب صحية أم علاقة غرامية؟

وترك غياب تشين، فراغًا على رأس وزارة الخارجية الصينية، وبدأ ينعكس الأمر على جدول أعمال زوار بكين الأجانب، وبشكل غير متوقع قام مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بتأجيل زيارته المقررة للعاصمة الصينية، وهي نفس الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، بسبب غياب وزير الخارجية الصيني عن المشهد.

وأدى غياب المعلومات حول تشين إلى انتشار الشائعات، وتضارب المعلومات عن سبب اختفائه، فيما لم تظهر أي مؤشرات، تشير إلى تورطه في "خلافات سياسية"، لكن صحيفة "التليغراف" البريطانية، ذكرت أن إحدى الشائعات حول سبب اختفائه، تتحدث عن علاقة غرامية خارج إطار الزواج تربطه مع المذيعة السابقة في قناة "فينيكس" الصينية، فو شياو تيان، المقيمة في الولايات المتحدة، والتي تحمل جنسيتها، وسبق أن وُجِّهَت لها اتهامات بالتجسس لجهات أمريكية، والتي اختفت بدورها عن الأنظار مؤخرًا، بعد اتهامها بمغازلة تشين خلال مقابلة في آذار/ مارس من العام الماضي، وهو ما يُعد في الصين انتهاكًا للوائح وزارة أمن الدولة.

تنا

العلاقة مع الرئيس الصيني

وكان تشين المتحدّر من مدينة تيانجين الواقعة في شمال شرق الصين، من الشخصيات المقربة للرئيس الصيني، بحكم التعامل معه بشكل متكرر من خلال منصبه السابق كرئيس إدارة المراسم في وزارة الخارجية.

وعمل تشين عدة أعوام في السفارة الصينية في لندن، وقد ساهمت ترقيته على حساب مرشّحين أكثر خبرة، في الثقة التي منحه إياها الرئيس شي بشكل مباشر. وقبل تعينه وزيرًا للخارجية شغل منصب سفير الصين لدى الولايات المتحدة، وهو المنصب الذي مكنه من الحضور العلني عبر المشاركة في مناسبات عامة وإطلالات إعلامية متكررة لشرح موقف بلاده من قضايا عدة.

أشارت وكالة "بلومبيرغ"، إلى أن فشل السلطات الصينية في تفسير اختفاء وزير خارجيتها "المختار بعناية" قد أثار مخاوف المستثمرين القلقين من عدم قدرتهم على تقييم الاقتصاد بسبب فجوات البيانات

وبعد تعيينه وزيرًا للخارجية في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، انشغل جدول أعمال تشين بزيارات إلى عدة دول في أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، إضافة إلى استضافة وزراء الخارجية الأجانب في بلاده.

الذئاب المقاتلة

ويعتبر تشين غانغ من "الذئاب المقاتلة"، وهو مصطلح يطلق على الجيل الدبلوماسي الصيني، الذي يدافع عن بلاده بتصريحات حادة للرد على الانتقادات الغربية لبكين. وبعدما كان الجيل السابق، يميل للحذر والاعتدال في طريقة تفاعله مع العالم الخارجي، وتحولت السياسة الخارجية الصينية مع "الذئاب المقاتلة" إلى استراتيجية أكثر حدةً وحزمًا، بسلوكيات تتراوح ما بين الانسحاب من اجتماع دولي إلى الصراخ في وجه نظرائهم الأجانب، وحتى إهانة القادة الأجانب.

وقال تشين عام 2020 إن "صورة الصين في الغرب تراجعت، لأن الأوروبيين والأمريكيين، لاسيما في وسائل إعلامهم، لم يقبلوا مطلقًا النظام السياسي في الصين أو صعودها الاقتصادي عالميًا".