11-مايو-2024
قالت الولايات المتحدة إنه "من المعقول تقييم" أن الأسلحة التي قدمتها لإسرائيل قد استخدمت بطرق تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولكن "لا يوجد ما يكفي من الأدلة الملموسة لربط أسلحة محددة زودتها بها الولايات المتحدة بالانتهاكات أو مبررات قطع إمدادات الأسلحة".

(Getty) وصف التقرير الأميركي بالمتناقض، والذي يرفض تقديم أجوبة حاسمة للتهرب من وقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل

قالت الولايات المتحدة إنه "من المعقول تقييم" أن الأسلحة التي قدمتها لإسرائيل قد استخدمت بطرق تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولكن "لا يوجد ما يكفي من الأدلة الملموسة لربط أسلحة محددة زودتها بها الولايات المتحدة بالانتهاكات أو مبررات قطع إمدادات الأسلحة".

وفي تقرير طال انتظاره للكونغرس، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن التأكيدات التي قدمتها إسرائيل ودول أخرى خاضعة للتدقيق بأنها استخدمت الأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة وفقًا للقانون الإنساني الدولي كانت "ذات مصداقية وموثوقة".

وفي حالة إسرائيل، يعرب التقرير عن شكوك عميقة بشأن امتثال إسرائيل، لكنه يقول إن الولايات المتحدة ليس لديها أدلة كافية حول الحالات الفردية للتوصية بتعليق إمدادات الأسلحة الأميركية.

قال السيناتور الأميركي فان هولين إنه "ليس من المعقول أن تكون لدى الحكومة الأميركية معلومات أقل من منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وأوكسفام"

واتهم المنتقدون الديمقراطيون لإسرائيل، بما في ذلك السيناتور كريس فان هولين، الإدارة بـ"التهرب" من القرارات الصعبة التي قد يتضمنها اتخاذ قرار رسمي بعدم امتثال إسرائيل.

وتم التكليف بعمل التقرير، بناء على مذكرة الأمن القومي (NSM-20) التي وقعها جو بايدن في شباط/فبراير لتقييم ما إذا كان متلقو الأسلحة الأميركية يلتزمون بقانون حقوق الإنسان.

ووجد تقرير وزارة الخارجية أنه: "بالنظر إلى اعتماد إسرائيل الكبير على موارد دفاعية أميركية الصنع، فمن المعقول تقييم أن المواد الدفاعية المشمولة بـNSM-20 قد استخدمت من قبل قوات الأمن الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر في حالات لا تتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني أو مع أفضل الممارسات الراسخة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين".

وقال مسؤول كبير في الإدارة إنه في حين أن هذا التقييم يعكس وجهة نظر عامة لسلوك إسرائيل في حربها في غزة، إلا أن وزارة الخارجية لم تتوصل بعد بشكل قاطع إلى أن سلاحًا أميركيًا قد استخدم في حادثة محددة، حيث كانت نية الإهمال أو مستوى الإهمال شكلت جريمة حرب.

وتجري مراجعات متعددة للحوادث في وزارة الخارجية الأميركية منذ أشهر، ولكن إذا كانت هناك أي نتائج، فإن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لم يعلن عنها بعد.

وقال التقرير: "على الرغم من أننا اكتسبنا بعض التبصر في الإجراءات والقواعد الإسرائيلية، إلا أنه ليس لدينا معلومات كاملة للتحقق مما إذا كانت المواد الدفاعية الأمريكية المشمولة في NSM-20 قد استخدمت على وجه التحديد في الإجراءات التي يُزعم أنها انتهاكات للقانون الإنساني الدولي أو لحقوق الإنسان خلال فترة التقرير".

وعلى نحو مماثل، وجدت الولايات المتحدة أوجه قصور في تقديم إسرائيل للمساعدات الإنسانية في غزة. وجاء في التقرير: "خلال الفترة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وخاصة في الأشهر الأولى، لم تتعاون إسرائيل بشكل كامل مع جهود حكومة الولايات المتحدة والجهود الدولية التي تدعمها حكومة الولايات المتحدة لتحقيق أقصى قدر من تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها داخلها".

ومع ذلك، ادعى التقرير أيضًا أن إسرائيل "زادت بشكل كبير من وصول المساعدات الإنسانية". وقال المسؤول الكبير في الإدارة إن الفترة قيد النظر امتدت حتى نهاية نيسان/أبريل، وبالتالي لا تشمل الإغلاق اللاحق لمنافذ الدخول إلى غزة نتيجة للهجوم الإسرائيلي على رفح، في وقت كانت بعض أجزاء القطاع تواجه المجاعة. ورغم التقارير الأممية التي تتحدث عن قيام إسرائيل بإحباط وصول المساعدات إلى القطاع.

ويأتي التقرير بعد يومين من تعبير بايدن عن مخاوفه بشأن استخدام إسرائيل للأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة، واقترح أن ذلك يدعم قراره الأسبوع الماضي بتأخير تسليم شحنة من القنابل القوية المصنوعة في الولايات المتحدة بشكل خاص.

وقال بايدن: "لقد قُتل مدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل وغيرها من الطرق التي يستهدفون بها المراكز السكانية".

وحذر من أنه سيكون هناك المزيد من القيود على إمدادات الأسلحة، بما في ذلك القنابل وقذائف المدفعية، إذا واصلت إسرائيل هجومها على رفح. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد بمواصلة الهجوم.

وبينما كان بايدن يهدد بوقف شحنات الأسلحة الفردية، فإن التقييم السلبي من قبل وزارة الخارجية في تقرير ليلة الجمعة حول الضمانات الإسرائيلية بشأن امتثالها للقانون الدولي الإنساني، كان من الممكن أن يؤدي إلى تعليق توريد الأسلحة الهجومية تماما "حتى يتم حل النزاع ويتم الحصول على الضمانات المطلوبة".

وفي تقييم مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني، يشير تقرير وزارة الخارجية إلى أن الجيش الإسرائيلي لديه إجراءات من المفترض أن تخفف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين، مثل وجود محامين عسكريين في عملية صنع القرار. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن "الاعتراف بأن مثل هذه التحقيقات والإجراءات القانونية يستغرق وقتًا، حتى الآن [الحكومة الأميركية] ليست على علم بأي ملاحقات قضائية إسرائيلية بسبب انتهاكات القانون الدولي الإنساني أو إلحاق الضرر بالمدنيين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر".

متاهة دبلوماسية

وردًا على التقرير، وصف فان هولين، الذي كان له دور فعال في إقناع بايدن بإصدار مذكرة NSM-20، بأنه "متناقض"، مشيرًا إلى أنه وجد أدلة على الانتهاكات في حين قبل التأكيدات الإسرائيلية بالامتثال لتكون "ذات مصداقية وموثوقة".

وقال السيناتور الأميركي: "تجد فجوة كبيرة في تقرير الإدارة عندما يتعلق الأمر بالنظر فعليًا في حالات محددة لاستخدام الأسلحة. وبينما تتوصل الإدارة إلى هذا الاستنتاج العام، فإنها تفشل في القيام بالعمل الشاق المتمثل في إجراء تقييم وتتهرب من الأسئلة النهائية التي تم تصميم التقرير لتحديدها فيما يتعلق بالامتثال للقانون الدولي".

واتفق السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي، وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية، مع تصريحات فان هولين، وقال لشبكة "سي إن إن" إن التقرير يمثل "مراوغة دبلوماسية هائلة. فمن ناحية، تقول إنه من المعقول جدًا أن نستنتج أنه كانت هناك قيود على المساعدات، ومن المعقول جدًا أن نستنتج أن أسلحتنا قد استخدمت في انتهاك للقانون الدولي، ثم تشرع في القول إننا لا نريد ’تقديم إجابة على ذلك حتى الآن’".

وأضاف ميركلي: "من الواضح أن السياسة تدخل في هذا، والاستراتيجية تدخل في هذا، لكن الأمر محبط لأنه من المهم للغاية في هذه اللحظة أن نستخدم النفوذ الذي لدينا لإقناع إسرائيل بتغيير سلوكها".

وقال مسؤول في منظمة العفو الدولية يوم الجمعة إن "هذا التقرير يبدو وكأنه النسخة الدولية من ’الخواطر والدعوات’ [هي عبارة شائعة الاستخدام خاصة في الولايات المتحدة، كتعزية بعد حدث مميت مثل كارثة طبيعية أو إطلاق نار جماعي". الاعتراف بوجود مشكلة ولكن دون القيام بأي شيء ذي معنى لمنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح".

وأوضحت المديرة الوطنية للعلاقات الحكومية وأنشطة كسب التأييد في منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة الأمريكية أماندا كلاسينج: "على الرغم من التعليقات الغامضة التي أدلى بها الرئيس بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع، فقد أوضحت إدارته اليوم موقفها بصوت عالٍ وواضح: فهي تشير بأصابع الاتهام وتتخذ إجراءً سريعًا عندما ينتهك طرف تعتبره الحكومة الأميركية خصمًا للقانون الدولي، لكنه يعامل حكومة إسرائيل على أنها فوق القانون. حتى مع الاعتراف بالأدلة الدامغة على أن القوات الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي وتقتل المدنيين الفلسطينيين بأسلحة أميركية مقابل عشرة سنتات من دافعي الضرائب الأميركيين".

وقال فان هولين يوم الجمعة إنه "ليس من المعقول أن تكون لدى الحكومة الأميركية معلومات أقل من منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وأوكسفام".

وقالت كيت فيليبس باراسو، نائبة رئيس السياسة العالمية والمناصرة في منظمة ميرسي كور: "إننا نشعر بالارتباك والفزع من تقرير إدارة بايدن إلى الكونغرس، وعلى وجه الخصوص النتائج التي توصل إليها والتي تفيد بأن إسرائيل لا تعرقل تقديم المساعدات لغزة".

وأوضحت: "لقد قامت المنظمات الإنسانية علنًا وبشكل متكرر بتفصيل سلسلة من العوائق التي وضعتها إسرائيل على مدى الأشهر السبعة الماضية والتي جعلت من المستحيل تقديم المساعدات الإنسانية إلى 2.2 مليون شخص في غزة الذين تعتمد حياتهم على تلك المساعدات".

وأضافت: "لكن الأمر الأكثر إلحاحًا من شهادة منظمات الإغاثة هو الوضع المروع لسكان غزة، المحاصرين في منطقة الصراع ويواجهون المجاعة. إذا تم تسهيل المساعدات الإنسانية بشكل مناسب  فلن يواجه 1.1 مليون شخص ظروف مجاعة كارثية على بعد أميال قليلة من الغذاء المتاح. إن حقيقة قيام حكومة الولايات المتحدة بإسقاط المساعدات جوًا وبذل جهد كبير وموارد كبيرة في بناء رصيف عائم لعمليات التسليم البحري تشير إلى أن المسؤولين قد توصلوا بالفعل إلى استنتاج مفاده أن تسليم المساعدات تم إعاقته بشكل مباشر أو غير مباشر".

وقال بريان فينوكين، المحامي السابق بوزارة الخارجية الأميركية والذي يعمل الآن مع مجموعة الأزمات الدولية، إن التقرير "ينحني إلى الوراء" لتجنب الاستنتاج بأن إسرائيل انتهكت أي قوانين، وهي نتيجة من شأنها أن تضع ضغطًا جديدًا كبيرًا على بايدن لتقييد توريد الأسلحة إلى تل أبيب.

وأضاف فينوكين، أحد منتقدي العمليات العسكرية الإسرائيلية، أن التقرير كان "أكثر وضوحًا" مما كان يتوقعه، لكنه ما زال يجده "مخففًا" بشكل كبير.

منذ صدور مذكرة بايدن، أصدرت فرقة عمل مستقلة تشكلت ردًا على ذلك تقريرًا مطولًا استشهدت فيه بالعشرات من الأمثلة على الانتهاكات القانونية الإسرائيلية. ووجد هذا التقرير ما أسماه "تجاهل إسرائيل المنهجي للمبادئ الأساسية للقانون الدولي"، بما في ذلك "شن الهجمات على الرغم من الضرر المتوقع غير المتناسب الذي يلحق بالمدنيين" في المناطق المكتظة بالسكان.

قال السيناتور الديمقراطي جيف ميركلي، إن التقرير يمثل "مراوغة دبلوماسية هائلة. فمن ناحية، تقول إنه من المعقول جدًا أن نستنتج أنه كانت هناك قيود على المساعدات، ومن المعقول جدًا أن نستنتج أن أسلحتنا قد استخدمت في انتهاك للقانون الدولي، ثم تشرع في القول إننا لا نريد ’تقديم إجابة على ذلك حتى الآن’"

وفي بيان عقب تقرير وزارة الخارجية، وصفت فرقة العمل الوثيقة الأميركية بأنها "في أحسن الأحوال غير مكتملة، وفي أسوأ الأحوال مضللة عمدًا في الدفاع عن أفعال وسلوكيات من المحتمل أن تنتهك القانون الإنساني الدولي وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب".

وقال أعضاء فريق العمل، ومن بينهم جوش بول، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي استقال في تشرين الأول/أكتوبر احتجاجًا على الدعم العسكري الأميركي إلى إسرائيل: "مرة أخرى، واجهت إدارة بايدن الحقائق وجهًا لوجه، ثم أسدلت الستائر".

يشار إلى أن التقرير تبنى في عدة مواضع السردية الإسرائيلية عن حرب غزة، إذ كرر تصريحات بايدن عن "حق إسرائيل في الدفاع عنها نفسها"، أو الحديث عن مزاعم "استخدام حماس للبنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية، والمدنيين كدروع بشرية"، وهذا كله يندرج ضمن ما تقدمه إسرائيل نفسها للعالم.