توصلت هيئة "تحرير الشام" المشكلة حديثًا، وتنظيم "لواء الأقصى" في شمال سوريا لاتفاق يقضي بخروج قيادات وعناصر الأخير إلى مناطق سيطرة تنظيم داعش في مدينة الرقة، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية نقلًا عن مصادر مطلعة على سير عملية المفاوضات بين الطرفين، على خلفية الاشتباكات التي اندلعت في ريفي إدلب وحماة منذ أسبوع على الأقل.
توصلت هيئة "تحرير الشام" المشكلة حديثًا، وتنظيم "لواء الأقصى" في شمال سوريا لاتفاق يقضي بخروج قيادات وعناصر الأخير إلى مناطق داعش
وبدأت الاشتباكات بين "تحرير الشام" و"لواء الأقصى" في الـ13 من الشهر الجاري بعد أن فشلت المناظرة التي حضرها قياديون وشرعيون عن الطرفين، أصدرت على إثرها الهيئة بيانًا أوضحت من خلاله أن اللواء أصروا على "تكفيرهم لعموم الفصائل المجاهدة في الساحة الشامية، ورفضهم النزول لمحكمة شرعية"، بالإضافة لـ"تكفير" القائد العام للهيئة، أبي هاشم الشيخ، وحركة "أحرار الشام الإسلامية".
اقرأ/ي أيضًا: تطورات "أستانا" السوري..ملف المعتقلين لأول مرة
ويُعرف عن "لواء الأقصى" المنشق عن تنظيم "جُند الأقصى" أنه من الفصائل الموالية لتنظيم "الدولة الإسلامية"، ونشرت حركة "أحرار الشام" في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت اعترافات لعناصر اعتقلتهم من التنظيم أكدوا فيها تنسيقهم مع خلايا التنظيم في محافظة إدلب لاستهداف قيادات الفصائل بالعبوات الناسفة، وتدخلت "فتح الشام" حينها لاحتواء الاقتتال بين الطرفين، وقبولها ببيعة الجُند لها.
إلا أن بداية العام تجددت الاشتباكات بين "أحرار الشام" وتنظيم "جُند الأقصى"، سارعت "فتح الشام" على إثرها لإصدار بيان "توضيح حول أسباب انضمام وفصل جماعة جند الأقصى"، وإعلان عدم تبعية الجُند لها تنظيميًا.
وفي الأول من شباط/فبراير الجاري، نقلت وكالة "سمارت" المحلية عن إداري في "جند الأقصى"، يكنى بأبي محمد السرميني، قوله إنه بعد خلافات بين القادة تم تقسيم التنظيم لثلاث مجموعات تكون وفق التالي: "ستعمل مجموعة ضمن إدلب تحت اسم أنصار التركستان، وستكون بقيادة قائد جديد، ومجموعة في حماة تحت اسم لواء الأقصى، ومجموعة قررت الانضمام لهيئة فتح الشام".
وسرعان ما بدأ اللواء المنشق عن الجُند بالتوسع في ريفي حماة وإدلب بسيطرته على مدن وبلدات من قبضة فصائل في "الجيش السوري الحر"، أو فصائل لها تحالفات مع جبهة "فتح الشام"، كانت الأخيرة بموازاة ذلك تنفذ عملية عسكرية ضد الفصائل التي حضرت اجتماع أستانا-1، ما أدى لحصول عمليات اندماج بين عدد من الفصائل مع حركة "أحرار الشام"، وإعلان "فتح الشام" مع عدد من الفصائل المتشددة تشكيل "هيئة تحرير سوريا".
وبعد انتهاء المناظرة بين "هيئة تحرير سوريا" و"لواء الأقصى"، عمد الأخير وفق البيان الصادر عن الهيئة إلى إرسال "اثنين من جنوده ليفجرا نفسيهما ضمن حشود المجاهدين ابتداء، ثم سيارة مفخخة في منطقة التمانعة"، بدأ على إثرها القتال بين الطرفين، علمًا أن "فتح الشام"، و"جُند الأقصى"، كانا من بين التنظيمات التي وقفت على الحياد أثناء قتال فصائل المعارضة ضد "تنظيم الدولة" عام 2014 عندما استطاعوا استعادة السيطرة على الشطر الشرقي من مدينة حلب، وعدد من المدن والبلدات في ريف حلب.
تريد هيئة تحرير الشام من حربها على "لواء الأقصى" أن تكسب دعمًا شعبيًا بعد أن لاقت انتقادات بسبب هجومها على مقرات فصائل المعارضة
ونقل موقع "سايت" الأمريكي قبل يومين أن نحو "150 شخصًا إجمالًا من أعضاء فصائل المعارضة المسلحة قتلوا"، مشيرًا إلى أن "من بين هؤلاء أكثر من 70 من جيش النصر ومقاتلون من تحالف هيئة تحرير الشام"، فيما نقلت وكالة "رويترز" عن رئيس "الجناح السياسي" في جيش "النصر" عبد الحكيم الرحمون قوله إن "أكثر من 160 مقاتلًا من الجيش السوري الحر قتلوا إجمالًا إضافة إلى 43 من هيئة تحرير الشام، قتلوا على الفور بعد اقتحام "لواء الأقصى" لـ"دار العدل" الذي تسيطر عليه "تحرير الشام" في إحدى بلدات ريف "خان شيخون" في ريف إدلب، بالإضافة لعمليات إعدام نفذها اللواء بحق مقاتلين كانوا محتجزين لديه".
اقرأ/ي أيضًا: سوريا.. احتدام المعارك شمالًا وجنوبًا
ويبدو أن الهيئة من خلال إعلانها الحرب ضد "لواء الأقصى" الذي أثبت أن لديه علاقة مع "تنظيم الدولة"، بحسب ما نقل على لسان قائدهم، أبو عبد الله الغزاوي، خلال المناظرة التي عقدت مع "تحرير الشام"، تريد أن تكسب دعمًا شعبيًا بعد أن لاقت انتقادات حادة بسبب هجومها على مقرات فصائل "المعارضة المعتدلة" في شمال سوريا.
كما أن "فتح الشام" أحد أهم مكونات "تحرير الشام" حتى ما قبل إعلان "عدم تبعية جُند الأقصى" لها، اعتبرت أنها تقدم الحماية لهم، ولم تستطع أن توقف مهاجمة الجُند لفصائل المعارضة، ما جعلها في موضع نقد أمام فصائل المعارضة التي تتقارب في الرؤى مع حركة "أحرار الشام الإسلامية"، حيثُ يسمح إنهاء "تحرير الشام" لأي تواجد لـ"لواء الأقصى" توسيع مناطق نفوذهم في الشمال السوري.
إضافة إلى أن "تحرير الشام" تسعى جاهدة لقيادة عملية الاندماج بين الفصائل في شمال سوريا، وهو ما جعلها تسمي القائد العام الأسبق لـ"أحرار الشام"، أبو هاشم الشيخ، قائدًا لها، على اعتبار أنه شخصية توافقية، وبالتالي فإنها تريد إيصال رسالة يمكن تلخيصها بإثبات قوتها العسكرية على الأرض في إنهاء أي تواجد لـ"لواء الأقصى" في ريفي إدلب وحماة بعد أن عجزت باقي الفصائل عن ذلك، مع أخذ العلم أن "فتح الشام" عندما قبلت بيعة الجُند، كانت "أحرار الشام" حينها قد شكلت تحالفًا كبيرًا لمحاربة الجُند، ولذا تريد الهيئة الظهور بمظهر الضامن الأوحد لأي عملية اندماج يمكن أن تنشأ في الشمال السوري.
اقرأ/ي أيضًا: