دمّر الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء عدوانه على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أكثر من 70 مسجدًا بينها مساجد أثرية يعود تاريخ بناء بعضها إلى مئات السنين.
ووفقًا للمجلس العربي للاتحاد العام للأثريين العرب، فقد أدى القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 38 يومًا إلى تضرر وتدمير العديد من المساجد الأثرية، منها المسجد العمري الكبير، ومسجد الشيخ سليم أبو مسلم، ومسجد الشيخ سعد، ومسجد كاتب الولاية، وغيره.
ومع أن هذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال المساجد في غزة، إلا أنها الأشد همجية مقارنةً بالحروب السابقة، إذ ألقى على قطاع غزة حتى الآن أكثر من 30 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل قنبلتين نوويتين، ما تسبب بدمار هائل وغير مسبوق. ومع استمرار عدوانه، فقد يكون مصير بقية المساجد في القطاع مشابهًا لمصير المساجد التي دُمّرت.
وفيما يلي وقفة مع 6 من أقدم المساجد في غزة.
1- المسجد العمري
يُعتبر المسجد العمري أكبر مساجد غزة وأقدمها، وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى وأحمد باشا الجزار في عكا. يقع في الجزء القديم من مدينة غزة، وتبلغ مساحته 4100 متر مربع، إضافةً إلى 1190 متر مربع هي مساحة الفناء.
يمتد تاريخ المسجد على 3 آلاف سنة، إذ كان في البداية معبدًا وثنيًا تحوّل إلى كنيسة بيزنطية عُرفت باسم "أفذوكسيا" في عام 407 ميلادي. وبعد قرنين من الزمن، عام 614 تحديدًا، دمّر الفرس الكنيسة خلال غزوهم للإمبراطورية البيزنطية، ثم بنى المسلمون مسجدًا على أنقاضها بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع، عُرف باسم "العمري" نسبةً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب.
وفي عام 1149، خلال الحروب الصليبية، دُمّر المسجد وحوِّل إلى كنيسة باسم "القديس يوحنا المعمدان"، قبل أن يعود مسجدًا مجددًا في العهد المملوكي، الذي أُضيف إليه خلاله مكتبة بأمر من الظاهر بيبرس يُقال إنها كانت تحتوي على أكثر من 20 ألف كتاب ومخطوط في مختلف العلوم والفنون. وقد تعرّضت المكتبة للنهب والسرقة والتخريب عدة مرات.
2- مسجد أم النصر
يقع مسجد "أم النصر" في مدينة بيت حانون، ويُعتبر ثاني أقدم مسجد في غزة بعد "المسجد العمري"، إذ بناه الأيوبيون عام 1239 تخليدًا لذكرى شهداء معركة "أم النصر" التي دارت بينهم، بقيادة الأمير شمس الدين سنقر، والصليبيين في المكان نفسه الذي بُني فيه المسجد.
تعرّض المسجد للكثير من الاعتداءات الإسرائيلية، آخرها كان في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2006، أثناء اجتياح قوات الاحتلال قطاع غزة، حيث تعرّض حينها لقصف عنيف أدى إلى تدميره بشكل كامل.
3- مسجد السيد هاشم
يُعد مسجد السيد هاشم أحد أقدم المساجد التاريخية في مدينة غزة. يقع المسجد في حي الدرج بالجزء القديم من المدينة، وتبلغ مساحته 2400 متر مربع، ويحظى بأهمية كبيرة بين أهل غزة بسبب وجود قبر جد الرسول هاشم بن عبد مناف فيه، إذ يُروى أنه مدفون عند الزاوية الشمالية من المسجد.
لا يُعرف تريخ بناء المسجد، ولكن يُقال إنه بُني في العصر العثماني على الطراز المملوكي، فيما يرى آخرون أن المماليك هم من قاموا ببنائه وجُدِّد عام 1850 بأمر من السلطان عبد المجيد الثاني، بينما ترى روايات أخرى أن العثمانيون جدَّدوا المنبر فقط بطلب من مفتي الأحناف في غزة، أحمد بن محيي الدين الحسيني، عام 1855.
تعرّض المسجد لخراب كبير وسُرقت مكتبته خلال الحرب العالمية. كما لحقته أضرار عديدة خلال الاعتداءات والحروب المتكررة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
4- مسجد كاتب الولاية
"كاتب الولاية" مسجد صغير يقع في حي الزيتون بغزة القديمة، وتبلغ مساحته 337 مترًا مربعًا، فيما يعود تاريخ بنائه إلى عام 1325م، أي في زمن السلطان المملوكي محمد بن قلاوون.
تقول الروايات التاريخية إن المسجد دُمِّر ثم أعاد الوالي العثماني أحمد بك، كاتب الولاية في عهد السلطان العثماني مراد الثاني بتجديده عام 1587. ويحظى المسجد بمكانة مميزة لدى أهالي غزة لعدة أسباب، منها مجاورته لكنيسة الروم الأرثوذوكس المعروفة باسم "القديس بيرفيريوس"، وهي أقدم كنائس غزة.
5- مسجد الظفر دمري
بُني المسجد عام 1360م، وسُمّي "مسجد الظفر دمري" نسبةً إلى مؤسسه الأمير المملوكي شهاب الدين أحمد الظفر دمري. يقع المسجد في حي الشجاعية، وتبلغ مساحته 600 متر مربع، ويُعرف بين عامة الناس باسم "المسجد القزدمري".
وكغيره من مساجد غزة القديمة، تعرّض المسجد للتخريب أكثر من مرة، بما في ذلك خلال الحرب العالمية الأولى. كما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصفه بشكل مباشر خلال عدوانه على القطاع عام 2014، ما أدى إلى تدمير 70 بالمئة منه، قبل أن يُعاد ترميمه بعد العدوان.
6- مسجد المحكمة
يعود تاريخ بناء "مسجد المحكمة"، الذي يُعرف أيضًا باسم "مسجد البرديبك"، إلى عام 1455. وقد بُني بأمر من سيف الدين البرديبك في عهد السلطان المملوكي البرجي الشركسي الأشرف سيف الدين إينال، ليكون أول الأمر مدرسة دينية تحتوي على بيت للصلاة.
تحوّلت المدرسة خلال الحكم العثماني، وتحديدًا بين القرن السادس عشر ومطلع القرن العشرين، إلى محكمة شرعية لقضاة مدينة غزة، ومن هنا جاء اسمه "مسجد المحكمة".
يقع المسجد في حي الشجاعية، وتُقدّر مساحته بـ337 مترًا مربعًا. وقد جرى تدميره من قِبل الاحتلال الإسرائيلي خلالة عدوانه على قطاع غزة في عام 2014، فلم يتبق منه سوى مئذنته.