الترا صوت - فريق التحرير
لم يعد غريبًا على الجزائريين سماع إعادة ترشيح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، 1937، لعهدة جديدة، منذ تعديل الدّستور عام 2008، بما جعل العهدات الرّئاسيّة مفتوحة. كان الرّئيس يومها ذا صحّة جيّدة وكان حضوره قويًّا، فكانت نبرة إعادة التّرشيح معقولة، أمّا اليوم، وقد مضت سبع سنوات لم يخاطب فيها شعبه، بسبب الجلطة الدّماغية، التّي ألمّت به، بما في ذلك خلال الحملة الانتخابية عام 2014، فقد بات الأمر مثيرًا لرفض قطاع واسع من الجزائريين وسخريتهم.
راهن الكثيرون على أن تدفع الحالة الصّحيّة للرّئيس محيطه إلى الإعلان عن عدم ترشحه، والقيام باختيار خليفة له يحظى بالصّحة الجيّدة على الأقلّ
راهن الكثيرون على أن تدفع الحالة الصّحيّة للرّئيس محيطه إلى الإعلان عن عدم ترشحه، والقيام باختيار خليفة له يحظى بالصّحة الجيّدة على الأقلّ تؤهله للقيام بالمهام الرئاسية، حتى بروتوكوليًا. لكن أحزاب التحالف الرّئاسيّ أعلنت قبل يومين أنها اختارت عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، حيث ستجرى الانتخابات يوم 18 نيسان/أبريل القادم، "حتى يتمكّن من استكمال برنامجه للنهوض بالبلاد".
اقرأ/ي أيضًا: استدعاء بوتفليقة للهيئة النّاخبة.. الجزائريون يسألون: هل سيترشّح؟
تتكوّن هذه التّشكيلة الحزبية من "جبهة التّحرير الوطنيّ" و"التّجمع الوطني الديمقراطي"، اللّذين يعرفان بالحزبين الحاكمين، بحكم هيمنتهما على الحكومة والبرلمان بغرفتيه، و"الحركة الشّعبية الجزائرية" الحزب المنشقّ عن "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" أحد أكبر الأحزاب ذات النّزعة الأمازيغية، و"تجمّع أمل الجزائر"، الذي انشق عن "حركة مجتمع السّلم"، أكبر الأجنحة الإخوانية في الجزائر.
لم تعط مؤسسة الرئاسة إشارة واحدة إلى أنّ خطوة أحزاب التّحالف الرّئاسي كانت بإيعاز من الرّئيس بوتفليقة، بما ترك مساحة من الشكّ والغموض، لكنّ التّجارب السّابقة في المفاصل الشّبيهة تؤكّد أنّ هذه الأحزاب ما كانت لتتحرّك في هذا الاتجاه لولا أنّها أمرت بذلك، خاصّة أن بوتفليقة هو الرّئيس الشّرفي لحزب "جبهة التّحرير الوطنيّ" متزعمة هذا المسعى.
بينما سارع أحمد أويحي، الذي يشغل منصب الوزير الأوّل ورئيس حزب "التجمّع الوطنيّ الدّيمقراطي" إلى القول إنّ بوتفليقة سوف لن يقوم بحملته الانتخابية بنفسه، "لأنّ إنجازاته خلال العهدات الأربع الماضيه تغنيه عن ذلك"، بما جعل نبرة الغضب والسّخرية تغلب على مواقف النّخب الثقافية والإعلامية والسّياسية في المنابر المختلفة. كتب النّاشط الحقوقي عبد الغني بادي أنّ ترشيح بوتفليقة هو بداية التزوير بعينه في غياب هيئات رقابية ضامنة أو قواعد شعبية قوية لباقي المترشحين، "فما جدوى الترشح إذًا؟ أنا أؤمن بضرورة المرور بمرحلة انتقالية كحلٍّ حقيقيٍّ للأزمة العميقة في ظلّ عدم وجود مؤسّسات دولة بروحها وبعدها المؤسّساتي".
فيما كتب أستاذ التّعليم العالي سعيد بوطاجين: "أحزاب الموالاة تدفع بالجزائر إلى اليأس والفوضى: مرحبًا بالعبث والتّزوير". وفي تدوينة أخرى كتب صاحب رواية "أعوذ بالله": "كان على الشّهداء تأخير سفرهم لاستكمال المهمّة. رحلوا قبل الوقت وتركوا هؤلاء".
من جهتها كتبت الإعلامية حدّة حزام في عمودها اليوميّ "أساطير" واصفة أجواء النّدوة الصّحفية، التّي التقت فيها أحزاب الموالاة: "لم يكن عرسًا مثلما بشر بذلك عمّار غول، بل كانت شبه جنازة من دون جنازة. وجوه عابسة خالية من أيّ تعبير إلا من القلق والخوف، عكس ما شاهدناه في جنازة رئيس المجلس الدستوري الأسبوع الماضي، وكأنّهم غير واثقين ممّا يفعلون. وإنّ دعوتهم الرّئيس للترشّح لعهدة خامسة هي مأزق وضعوا أنفسهم والبلاد فيه، بل وضعوا فيه الرّئيس شخصيًّا من دون مراعاة ظروفه الصّحية؟".
اقرأ/ي أيضًا: بوتفليقة يتلقّى رسالة شعرية.. هل مرضك قدرنا؟
بينما ذهب بعض المثقفين إلى التّهديد بالهجرة في حالة فوز الرّئيس بوتفليقة في الرّئاسيات القادمة، منهم الطالب الجامعي بهاز غريسي، الذي صرّح لـ"ألترا صوت" قائلًا إنّه سيغادر الجزائر، "لأنّني سأفقد آخر جرعة من الأمل في التّغيير. عمري عشرون عامًا وهي الفترة التّي حكم فيها الرجل". فيما هدّد البعض بمقاطعة مناصري العهدة الخامسة، مثل الشّاعر بوزيد حرز الله الذي كتب: "على الدّاعمين لعهدة خامسة والصّامتين عن المنكر أن يغادروا صفحتي وحياتي".
ذهب بعض المثقفين الجزائريين إلى التّهديد بالهجرة في حالة فوز الرّئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية القادمة لما ستسببه من فقدان أي أمل بالتغيير
يُشار إلى أنّ غضب قطاع واسع من الجزائريين بسبب ترشيح الرّئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، رغم ظروفه الصّحيّة الحرجة، كان مرفقًا بسخرية من طبيعة الوجوه، التّي تقدّمت لسحب أوراق التّرشح، حيث تجاوز عددها 200. وظهر فيها البطّال والمهرّج والمختلّ عقليًّا والفاقد لأيّ مؤهل علمي، سياسي، أو مهني.
اقرأ/ي أيضًا: