ما يزال العدوان الإسرائيلي متواصلًا على الشعب الفلسطيني في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الأراضي المحتلة، ردًا على الاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
وتستمر المقاومة في دكّ المواقع الصهيونية بمئات الصواريخ، في حين يبدو أنّ "إسرائيل" تُعول حتى الآن على التكنولوجيا الحديثة لديها في أنظمة الدفاع الجوي والقبة الحديدية، فضلًا عن التكنولوجيا المستخدمة في الأسلحة الأخرى.
ومن المعلوم أنّ "إسرائيل" أنشأت منظومة القبة الحديدية بغرض اعتراض صواريخ المقاومة والقذائف الأخرى قريبة المدى؛ إذ تستغل أنظمة الرادار لرصد صواريخ المقاومة من مسافة تقدر بنحو 70 كم، ثم تتبع المنظومة التحليلات التنبؤية وتعلم الآلة لحساب مسار الصواريخ تبعًا لبيانات متنوعة مثل السرعة والحجم والظروف المناخية. وحالما تنتهي منظومة القبة الحديدية من تحليل التهديد المحتمل، تُطلق صاروخًا مضادًا للتخلص من الصاروخ القادم. ويزعم الصهاينة أن منظومة القبة الحديدية لا تتخذ أي إجراءات إذا تبين أن صواريخ المقاومة متجهة إلى مناطق خالية.
دمج الذكاء الاصطناعي في الجيش الإسرائيلي
لا تعتمد "إسرائيل" على الذكاء الاصطناعي في أنظمتها الدفاعية فقط، وإنما تُعوّل عليه في جوانب عديدة من عملياتها العسكرية، إذ يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في التنظيم اللوجيستي لدى جيش الاحتلال، ويُعجّل باتخاذ القرارات في ساحات المعركة وانتقاء الأهداف العسكرية المرصودة. ويدعي جيش الاحتلال أنّه يعتمد نظام توصيات مزودًا بالذكاء الاصطناعي، الذي يفحص كميات ضخمة من البيانات المتاحة لتعيين الأهداف المناسبة للغارات الجوية، وهو ادعاء أقرب للزيف منه إلى الحقيقة قياسًا بحجم الغارات العشوائية التي ما أصابت إلا المدنيين، لا سيما في منطقة جباليا.
لا تعتمد "إسرائيل" على الذكاء الاصطناعي في أنظمتها الدفاعية فقط، وإنما يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في التنظيم اللوجيستي، ويُعجّل باتخاذ القرارات في ساحات المعركة
ويدعي جيش الاحتلال كذلك أنه يعتمد برنامجًا آخر للذكاء الاصطناعي اسمه (Fire Factory)؛ إذ يتولى هذا البرنامج تحديد الأهداف الأرضية للطائرات الإسرائيلية وطائرات الدرون (دون طيار)، مما يوفر وقتًا ثمينًا في أثناء المعارك، ويقلل عدد القتلى.
ومع ذلك تشير الوقائع في غزة إلى خلاف هذا الادّعاء، فأعداد الشهداء المتزايدة والقصف الجنوني الذي يطال أهدافًا مدنية كليًا يوحي بأنّ "إسرائيل" لا تبتغي إلا تدمير البنية التحتية في غزة وقتل أكبر عددٍ من الفلسطينيين.
وتزعم "إسرائيل" أنها لا تُسلم بالتوصيات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي، وإنما تخضعها للرقابة البشرية والتصحيح عند اللزوم. ويقول مسؤولون دولة الاحتلال إنهم درّبوا الذكاء الاصطناعي لديهم مستخدمين آلاف الساعات من الفيديوهات واللقطات لتحديد الأفراد والأشياء، إذ يشمل ذلك تفسير الصور التي تلتقطها طائرات الدرون، وصور الأقمار الصناعية والإشارات الإلكترونية والاتصالات عبر الإنترنت.
ويدّعي جيش الاحتلال الإسرائيلي أنهم نجحوا عام 2021 في تحديد مواقع منصات إطلاق الصواريخ بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وهم إلى ذلك يقولون إنهم نجحوا أيضًا في نشر أسراب طائرات الدرون، مما عزز قدراتهم الدفاعية. ويشير المسؤولون فيه إلى إنّهم يستفيدون من الذكاء الاصطناعي كذلك في تحليل صور الأقمار الصناعية، وبذلك يستطيعون مهاجمة شحنات الأسلحة المتجهة لخصومهم في المنطقة، على حد زعمهم.
وأعلن جيش الاحتلال سابقًا أنه يعتمد تكنولوجيا تمييز الوجوه لأغراض المراقبة واستهداف المقاومين الفلسطينيين، إذ أصبحت لدى هذا الجيش قاعدة بيانات ضخمة من صور الفلسطينيين فيما يعرف باسم تكنولوجيا "الذئب الأزرق"، التي ترمي إلى تعزيز القدرات الدفاعية عند الصهاينة.
وتُدرج هذه الصور في قاعدة بيانات ضخمة، على أن يستخرجوها لاحقًا ويستعملوها في عملياتهم. ويعكف مسؤولو الاحتلال على استعمال برامج شركات متعددة مثل Anyvision ضمن منظومتهم الاستخباراتية والحربية؛ فبرامج كهذه تستطيع تمييز أعداد كبيرة من الأفراد، وهي إلى ذلك تُدمَج مع أنظمة أخرى مزودة بمعلومات شخصية كثيرة عن الفلسطينيين، مثل منشورات منصات التواصل الاجتماعي.
كذلك تعرف "إسرائيل" بتركيزها على الروبوتات الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتؤدي وظائفها ضمن الجيش، إذ يتأتى وصف هذا التكنولوجيا بأنها فرانكشتاين القرن الحادي والعشرين! وقد حدت خطورتها بمنظمة حقوق الإنسان إلى المناداة بفرض حظر على هذه التكنولوجيا العسكرية، وقالت المنظمة محذرة إنّ "الآلات لا تستطيع إدراك قيمة الحياة الإنسانية".
ولا ريب أنّ هذه الأدوات جميعها تُشكل منظومة واحدة هدفها بث مشاعر الخوف والارتياب والذعر واليأس في قلوب الشعب الفلسطيني، إذ قال رفائيل إيتان، رئيس أركان الجيش الصهيوني السابق، في إحدى المرّات: "إننا نسعى جهدنا حتى يصير الفلسطينيون كصراصير مخدّرة تركض وتتهاوى داخل زجاجة مغلقة!".
ولو تتبعنا سير العدوان الإسرائيلي حتى الآن، لوجدنا قائمة الأهداف التي يدمرها الجيش الصهيوني مدنية بمعظمها؛ فحتى الآن قصف الاحتلال عددًا كبيرًا من المساجد في جميع أنحاء القطاع أبرزها مسجد الشهيد أحمد ياسين ومسجد العباس، ودمّر أيضًا مبنى محطة القرآن الكريم الإذاعية، وقصف البنك الإسلامي الوطني في غزة. ولم يقف الاحتلال عند هذا الحد، بل قصف الجامعة الإسلامية ومبانٍ مدنية كثيرة مثل برج فلسطين، فضلًا عن المشافي التي كانت تعاني أصلًا من قلة الموارد بسبب الحصار.