منذ استقلالها عن السودان، لا تتوقف معركة في دولة "جنوب السودان" إلا لتبدأ أخرى، لتدخل البلد في سلسلة من الحروب تزيد من الأوضاع السيئة للسكان.
جنوب السودان اليوم دولة تتوفر فيها كل عناصر الهشاشة، هي بلا دستور ولا قانون رسمي، وتتصارع القوى فيها على مصدر دخلها الرئيس وهو حقول النفط
في كانون الأول/ديسمبر عام 2013 أعلن رئيس جمهورية السودان سيلفا كير ميارديت أن هناك محاولة انقلابية فاشلة قام بها نائبه رياك مشار ومجموعة من مناصريه، جينها انتشرت المعارك كالنار في الهشيم، وكأن رياحا ما تحثها على التوسع والاشتعال، فراحت إلى بور عاصمة ولاية جونقلي ثم إلى مدينة بانتيو في ولاية الوحدة حيث حقول النفط الثمينة ثم ملكال حيث أعالي النيل لتدخل جمهورية جنوب السودان في معركة طويلة تخسر فيها كل الأطراف ولا يربح أحد.
اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل وعضوية الاتحاد الأفريقي..احتمالات وتداعيات
بدأت شعلة المعركة صغيرة حين تم إعفاء مشار من منصبه هو وجميع أعضاء الحكومة ثم تعقدت الخلافات بين الزعماء الجنوبيين، خصوصًا بعد أن قام رياك، في حركة عنترية، بإعلانه نيته في الترشح للانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 2015 وكان لرياك مشار مؤيدوه من أعداء رئيس الجمهورية سيلفا كير وبعد أن أصبح أصدقاء الأمس في حزب تحرير السودان الذين خاضوا معركة انفصال الجنوب، أصبحوا اليوم أعداءً يتقاتلون فيما بينهم. أما الآن يتكاثر أعداء سيلفا كير، وكلهم مجتمعون على ألا يكمل فترة رئاسية تالية.
الأصل القَبَلي للصراع
تتصارع الآن في جنوب السودان عشرات القبائل لكن أصولها تعود إلى ثلاث مجموعات رئيسية، المجموعة النيلية التي تشكل أكثر من النصف ومنها الدينكا التي ينتمي إليها سيلفا كير، وتليها النوير التي ينتمي إليها نائبه مشار، وقبيلة الشلك، والأخيرة، التي تشكل ما نسبته 5%، وينتمي إليها بقية القيادات الجنوبية.
اقرأ/ي أيضًا: نتانياهو يفتح أفريقيا.. سر الزائر والزيارة
الأزمة
في الأيام الماضية تجدد الصراع بين زعماء الجنوب، حيث يستهدف المتمردون حقول النفط الثمينة والأرض وتعزيز كل طرف لوجوده العسكري. ويتزامن تجدد القتال مع حلول الذكرى الخامسة لانفصال الجنوب وتتعقد الأمور إلى الحد الذي يعجز فيه مشار عن حضور الاجتماع الذي كان مقررًا له أن يحضره مع الرئيس.
من جانبه، صرح وزير الإعلام في جون السودان مايكل مكواي أن "قوات مشار التي غادرت مهزومة". مساء الاثنين الـ11 من تموز/يوليو الجاري طالب مشار وكير بوقف إطلاق النار في تصريحات روتينية، غير أن ذلك لم يحدث مطلقًا، فضلا عن أنه لم يكن جديًا.
جنوب السودان اليوم دولة تتوفر فيها كل عناصر "الهشاشة " فهي بلا دستور ولا قانون رسمي مطبق ويتصارع فيها العديد من الأفراد على مصدر دخلها الرئيس وهو حقول النفط.
كارثة إنسانية
في جنوب السودن اليوم 11 مليون نسمة مهددون بالمجاعة والأمراض المزمنة، المعركة القديمة تسببت في مقتل عدد كبير، ووقعت انتهاكات إنسانية وفظاعات لا يمكن تصورها، وبينما الأمور آخذة في الاشتعال، يظهر قادة جدد من المقاتلين يتحدون القادة الكبار ويحاولون فرض سيطرتهم عليهم، خصوصا وأنهم استشفوا ضعف القادة بعد تأخرهم في سداد رواتبهم لعدة شهور، وافتقارهم لإجراءات حاسمة وحقيقية لإنهاء الصراع، واعتماد كل فرقة على مدى الإنهاك الذي ستصل له الأخرى لتضربها في اللحظة الحاسمة التي لا تأتي أبدًا، ليستمر الصراع! .
اقرأ/ي أيضًا: