"حراك تونس الإرادة"، هو اسم الحزب الجديد الذي أعلن الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي اليوم عن تأسيسه في مؤتمر بالعاصمة التونسية. وكان المرزوقي قد قدم ملف إيداع الحزب رسميًا قبل يومين في 17 كانون الأول/ديسمبر، المتزامن مع العيد الخامس لاندلاع ثورة الحرية والكرامة. وبذلك، يعود المرزوقي إلى الساحة السياسية بحزب جديد، يخلف حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وذلك بعد مرور قرابة سنة كاملة على هزيمته في انتخابات الرئاسة أمام الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.
يعود المنصف المرزوقي إلى الساحة السياسية التونسية بحزب "حراك تونس الإرادة" بعد قرابة سنة منذ هزيمته أمام الرئيس الحالي
ففي شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي ومن شرفة مقرّ حملته الانتخابية، أعلن المرزوقي، في أول كلمة لمناصريه بعد هزيمته، عن إطلاق "حراك شعب المواطنين". ثم أعقبه ببيان 14 يناير/كانون الثاني قبل إطلاق ميثاق الحراك في 28 من نفس الشهر. وفي أبريل/نيسان من السنة الجارية، عقد الحراك مؤتمره التحضيري. فيما عُقد اليوم، المؤتمر التأسيسي للحزب الجديد، وهو حزب "حراك تونس الإرادة".
وشهر ديسمبر هو شهر حافل بالأحداث والمعاني بالنسبة للمرزوقي، ففي 2010 اندلعت شرارة الثورة التي دائمًا ما كان يدعو إليها من منفاه في باريس، وفي 2011 من نفس الشهر، تولّى المرزوقي رئاسة الجمهورية ليقود المرحلة الانتقالية في إطار الائتلاف الثلاثي الحاكم، وفي 2014 من نفس الشهر، انهزم في الدور الثاني من الانتخابات أمام مرشح النظام القديم الباجي قائد السبسي وليعلن في نفس الشهر إطلاق مبادرته، مبادرة "حراك شعب المواطنين".
وهذا الحزب هو ثاني تجربة حزبية للمرزوقي بعد تأسيسه لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المنفى سنة 2001 وكان ذلك في 25 يوليو/تموز الموافق لعيد الجمهورية التونسية. ويضم حزب الحراك، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي كان يرأسه المرزوقي شرفيًا، ومن المنتظر انصهاره بالكامل في الحزب الجديد. كما يضم عددًا من القيادات الحزبية لأحزاب وسطية منها الجمهوري والتكتل مثل الوزيرة السابقة مامية البنا والنائب السابق في المجلس التأسيسي جمال الطوير إضافة إلى شخصيات مستقلة لم تنضم في وقت سابق لأحزاب سياسية.
ويُؤسس المرزوقي اليوم "حراك تونس الإرادة" في مشهد سياسي متوتّر ووضع اقتصادي صعب. حيث يعيش الحزب الحاكم، نداء تونس، خلافات حادة بين قياداته أدّت لاستقالة أمينه العام محسن مرزوق من منصبه وسط تكهنات بتأسيسه حزبًا جديدًا رفقة عدد من نواب الحزب في البرلمان. كما يستعدّ رئيس الحكومة الحبيب الصّيد لتعديل وزاري في حكومته في بحر الأسابيع القليلة القادمة.
من جانب آخر، يعرف الوضع الاقتصادي التونسي صعوبات هامّة في ظلّ تكهنات بتسجيل أضعف نسبة نموّ للسنة الجارية وذلك منذ إسقاط نظام بن علي. وعلى المستوى الأمني، عرفت البلاد هذه السنة أشنع ثلاث عمليات إرهابية في تاريخ البلاد، استهدفت سواحًا أجانب وأمنيين، في كلّ من باردو وسوسة والعاصمة، لتخلف الحصيلة الأكثر دموية منذ انتشار العمليات الإرهابية.
يضم حزب الحراك، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، كما يضم عددًا من القيادات الحزبية لأحزاب وسطية منها الجمهوري والتكتل
وفي كلمته اليوم، لم يفوّت المرزوقي الفرصة للتحدث عن مواطن الضعف لدى السلطة الحالية. حيث قال إنه "ليس من باب التجني القول بأننا فوجئنا مثل كل التونسيين بأداء فاق في حجم فشله كل التوقعات". وقد راوح المرزوقي بأسلوب المقارنة بين كشف حصيلة الوضع الاقتصادي ونسبة النمو في ظل رئاسته للجمهورية ونسبة النمو المسجلة حاليًا.
كما أشار المرزوقي في كلمته لما أسماه "التطبيع مع الفساد" خاصة مع تقديم السبسي لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية مع رجال الأعمال، حيث شدّد المرزوقي بأن "الفساد الذي نشاهد عودته بقوة في كل المجالات هو تدمير للروح المعنوية الضرورية لاقتصاد سليم".
وحول مشروعه، تحدث المرزوقي أنه "يستهدف خطة للخمسين سنة المقبلة أي تونس 2065، تونس شعب المواطنين". ويبدو لذلك خيّر إسمًا لحزبه هو "تونس الإرادة". وبالنهاية، يبقى رهان المرزوقي هو "تأسيس حزب قويّ، تجمع بين أفراده مبادئ السيادة الوطنية وصون الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية، يكون متجاوزًا للإيديولوجيات، وقادرًا على المنافسة بجديّة في المواعيد الانتخابية"، حسب مؤسسي الحزب الجديد، ولعل أول امتحان سيكون مع الانتخابات المحليّة المنتظر تنظيمها في خريف السنة القادمة.
اقرأ/ي أيضًا:
عائلة الديمقراطية الاجتماعية.. مفككة تونسيًا