12-ديسمبر-2023
معالم تاريخية دمّرها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة

معالم تاريخية دمّرها الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة (الترا صوت)

ألقى الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 40 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة منذ بداية عدوانه عليه في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، ما تسبّب بدمار هائل وغير مسبوق يعكس رغبته في جعل القطاع غير صالح للعيش بهدف تهجير سكانه.

استخدم الاحتلال في قصفه للقطاع خلال عدوانه الحالي قنابل لم يستخدمها خلال حروبه السابقة. وقد أدى القصف إلى تدمير أكثر من 305 آلاف وحدة سكنية، أي ما يُعادل أكثر من 61% من المنازل والوحدات السكنية في القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عامًا. وتجاوز الدمار الذي لحق بغزة، بحسب منسق السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ذلك الذي لحق بالمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.

وطال القصف الإسرائيلي عددًا من المباني والمعالم الأثرية التاريخية والدينية بمدينة غزة وقطاعها يعود تاريخ بناء بعضها إلى مئات السنين، وتشهد جميعها على تاريخ عريق ومتفرّد وحضارات مختلفة قامت في المدينة وقطاعها. وفيما يلي وقفة مع أبرز المباني التاريخية التي دمّرتها آلة الحرب الإسرائيلية سواء كليًا أو جزئيًا.


1- المسجد العمري

دمّر الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء عدوانه قبل 67 يومًا، أكثر من 70 مسجدًا بينها مساجد أثرية يعود تاريخ بناء بعضها إلى مئات السنين، أبرزها المسجد العمري الكبير الذي استهدفته طائرات الاحتلال بشكل مباشر قبل عدة أيام، ما تسبب بتدميره بشكل كامل، إذ لم يبق منه سوى مئذنته.

يقع المسجد بحي الدرج بالبلدة القديمة بمدينة غزة، ويُعد من أكبر مساجد القطاع وأقدمها وثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى، وأحمد باشا الجزّار بعكا. تبلغ مساحته 4100 متر مربع، ويمتد تاريخه على 3 آلاف سنة، إذ كان في البداية معبدًا وثنيًا جرى تحويله إلى كنيسة عام 407 ميلادي.

دُمِّرت الكنيسة عام 614 على يد الفُرس خلال غزوهم للإمبراطورية البيزنطية. ثم قام المسلمون، بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع عشر، ببناء مسجد على أنقاضها عُرف باسم "العمري" نسبةً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب.

تعرّض المسجد خلال الحروب الصليبية، عام 1149 تحديدًا، للنهب والتخريب قبل تحويله إلى كنيسة باسم "القديس يوحنا المعمدان". لكنه عاد مسجدًا مرة أخرى في العهد المملوكي، الذي أُضيف إليه خلاله مكتبة بأمر من الظاهر بيبرس يُقال إنها كانت تحتوي على أكثر من 20 ألف كتاب ومخطوط في مختلف العلوم والفنون.


انقاض المسجد العمري بغزة
المسجد العمري بعد القصف (مواقع التواصل)

2- كنيسة القديس برفيريوس

تعرّضت كنيسة القديس برفيريوس، وتُعرف أيضًا باسم "الكنيسة الأرثوذوكسية" محليًا، يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، لقصف إسرائيلي أدى إلى استشهاد نحو 18 فلسطينيًا، وخلّف دمارًا كبيرًا في مبنى الكنيسة ومرافقها.

تقع الكنيسة في حي الزيتون بالبلدة القديمة في مدينة غزة، وتُعد أقدم كنائس غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم. كما تُعتبر من أهم معالم المدينة وقطاعها التاريخية والأثرية. ويُقال إن تاريخ بنائها يعود إلى القرن الخامس، إذ تفيد الروايات التاريخية المتداولة حولها بأنها بُنيت خلال الفترة بين 402 – 407 ميلادي، وبأنها سُمّيت بـ"كنيسة القديس برفيريوس" نسبةً للقديس برفيريوس الذي بناها وكان راعيًا لها، ودُفن فيها.


كنيسة القديس برفيريوس
جانب من الدمار الذي لحق بالكنيسة (Getty)

3- بيت السقا

يقع بيت السقا بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، ويُعد أحد أقدم بيوت المدينة وأشهرها أيضًا. بُني قبل أكثر من 360 عامًا، وتحديدًا عام 1661، أي في عهد السلطان العثماني محمد الرابع؛ على يد أحمد السقا الذي كان من كبار تجّار مدينة غزة.

تبلغ مساحة "بيت السقا" 700 متر مربع، وقد جرى تحويله إلى مركز ثقافي بعد ترميمه من قِبل الجامعة الإسلامية في غزة عام 2014. وكغيره من معالم المدينة الأثرية، قصفت قوات الاحتلال البيت ودمّرته بشكل كامل.


بيت السقا
بيت السقا قبل تدميره (مواقع التواصل)

4- مسجد الظفر دمري

يعود تاريخ بناء مسجد الظفر دمري، ويُعرف بين عامة الناس باسم "المسجد القزدمري"، إلى عام 1360م. وقد سُمّي باسمه هذا نسبةً إلى مؤسسه الأمير المملوكي شهاب الدين أحمد الظفر دمري. يقع بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتبلغ مساحته 600 متر مربع.

تعرّض المسجد للتخريب عدة مرات، سيما خلال الحرب العالمية الأولى. كما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصفه بشكل مباشر خلال عدوانه على القطاع عام 2014، ما أدى إلى تدمير 70 بالمئة منه، قبل أن يُعاد ترميمه بعد انتهاء الحرب. وخلال العدوان الحالي، تعرّض المسجد لقصف مباشر أدى إلى تدميره بشكل كامل.


مسجد الظفر دمري
مسجد الظفر دمري قبل تدميره (يوتيوب)

5- دير القديس هيلاريون

بُني دير القديس هيلاريون قبل حوالي 1700 عام، وتحديدًا في عام 329 ميلادي. يقع على تلة مرتفعة غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ويُعد أكبر الأديرة التي بُنيت في فلسطين وأقدمها.

سُمّي الدير بهذا الاسم نسبةً إلى القديس هيلاريون، الذي بنى صومعةً للتنسك مكانه عام 329، سرعان ما تحولت إلى دير دفنه فيه تلاميذه بعد وفاته عام 371 في قبرص التي اضطُر إلى اللجوء إليها هربًا من بطش وقسوة الإمبراطور الروماني جوليان الذي ارتد عن المسيحية، واضطهد المسيحيين وخاصةً الرهبان منهم.

اكتُشفت بقايا الدير في عام 1993، وتعرّض خلال العدوان الحالي لأضرار جزئية إثر القصف الإسرائيلي.


دير القديس هيلاريون
موقع دير القديس هيلاريون قبل العدوان (Getty)

6- مسجد السيد هاشم

يحظى مسجد السيد هاشم بأهمية كبيرة بين أهل غزة بسبب وجود قبر جد الرسول هاشم بن عبد مناف فيه حسب الروايات التاريخية المتداولة عنه، والتي تفيد بأنه مدفون عند الزاوية الشمالية من المسجد، الذي يُعد أحد أقدم المساجد التاريخية بمدينة غزة.

يقع المسجد بحي الدرج بالبلدة القديمة من مدينة غزة، وتبلغ مساحته 2400 متر مربع، ويُقال إنه بُني في العصر العثماني على الطراز المملوكي، فيما يرى آخرون أن المماليك هم من قاموا ببنائه وجُدِّد عام 1850 بأمر من السلطان عبد المجيد الثاني، بينما  ترى روايات أخرى أن العثمانيون جدَّدوا المنبر فقط بطلب من مفتي الأحناف في غزة، أحمد بن محيي الدين الحسيني، عام 1855. وقد لحقت به أضرار بالغة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.


مسجد السيد هاشم
مسجد السيد هاشم قبل العدوان

7- قصر الباشا

يجمع قصر الباشا بين العمارتين المملوكية والعثمانية، ويُعتبر من المباني الأثرية القليلة التي لا تزال تحافظ على ملامحها القديمة في مدينة غزة.

يقع القصر في الدرج بالبلدة القديمة، ويتألف ما تبقى منه من جزئين منفصلين عن بعضهما. أما تاريخ بنائه، فيُرجّح أنه يعود إلى عام 1260م، لكن هناك روايات أُخرى تقول إنه بُني خلال الفترة بين أواخر عهد المماليك وبداية الحكم العثماني.

سُمّي القصر بأسماء عديدة بحسب طبيعة استخدامه، إذ كان مقرًا لأمراء وولاة غزة في العهدين المملوكي والعثماني، ثم تحوّل إلى مركز شرطة خلال فترة الانتداب البريطاني، قبل أن يصبح مدرسة للبنات خلال سنوات الحكم المصري. وقد أدى القصف الإسرائيلي على الحي إلى تدمير أجزاء منه.


قصر الباشا
قصر الباشا قبل العدوان (Getty)