انتقدت وسائل إعلام بريطانية تعامل السلطات المحلية مع الناجين المسلمين من حريق برج "غرينفيل" في لندن، الذي وقع عام 2017، وأدي إلى مقتل 72 شخصًا، وذلك بسبب اتهامات بالعنصرية بعد حرمانهم من الطعام الحلال.
وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة " إندبندنت" البريطانية إلى أن المجلس المحلي، بعدما تم إسكان الناجين من الحريق في مساكن وفنادق بشكل مؤقت. تخلى عن المسلمين وحرمهم من حقهم في الطعام الحلال.
وكان العديد من المقيمين في البرج يصومون شهر رمضان، لكن الطعام الحلال لم يكن متاحًا في جميع الفنادق التي أوتهم بعد الحريق، كما لم يكن من الممكن مراعاة شرط تناول الطعام في أوقات محددة.
انتقدت وسائل إعلام بريطانية تعامل السلطات المحلية مع الناجين المسلمين من حريق برج "غرينفيل" في لندن عام 2017، متهمة إياها بالعنصرية لحرمانهم من الطعام الحلال
واعتبر التقرير، الذي نشر بعد وقت طويل من وقوع الحادث، أنه كان يجب على مجلس "كنزينغتون وتشيلسي" بذل المزيد من الجهود لتلبية احتياجات الأشخاص من خلفيات متنوعة.
كما أشار التقرير إلى غياب الدعم للناس من أبناء المهاجرين، والذين لا يتحدثون الإنجليزية كلغة أولى. فقد كشف التقرير: أن "أولئك الذين حصلوا على معلومات حول الدعم المتاح كانوا أول من حصلوا على المساعدة، في حين تم تجاهل أولئك الذين لم يحصلوا على المعلومات"، وكان لذلك أثر على الناس المعرّضين لمخاطر أكبر، مثل من يعانون من مشاكل في التحرك، أو من لا يستطيعون التحدث باللغة الإنجليزية. وعندما صدرت التعليمات الرسمية في النهاية، كانت باللغة الإنجليزية. وشمل ذلك الرسائل المرسلة إلى أولئك الذين تم وضعهم في الفنادق.
تقرير #غرينفيل: عقود من فشل الحكومة و "خيانة الأمانة المنهجية" للشركات
خلُصت التحقيقات التي استمرت سبع سنوات إلى أن كارثة حريق برج غرينفيل عام 2017 كانت نتيجة "عقود من الفشل" من قبل الحكومة المركزية في وقف انتشار كسوة المباني القابلة للإحتراق جنبا إلى جنب مع "خيانة الأمانة… pic.twitter.com/yax5hSFKW3
— Arab-London عرب لندن (@arablondon4) September 4, 2024
ووصف التقرير، شعور الناجين بأنهم "لم يكونوا قادرين على الاستفادة من التعليمات لأنهم لم يكونوا في وضع جيد لفهم التعليمات المكتوبة بالإنجليزية. ولهذا واجهوا صعوبات في الحصول على الخدمات والوصول إليها، ما أثار في أنفسهم حسًا من غياب العدالة. علاوة على ذلك، لم يتم توفير مترجمين في كثير من الأحيان، وفي بعض الحالات، تم توفيرهم، ولكن باللغة الخاطئة".
وبحسب التقرير فالحصول على الدعم للصحة العقلية لأبناء هذه المجتمعات دائمًا ما يواجه عراقيل. وكان الدعم النفسي متوفرًا منذ 16 حزيران/يونيو، لكن لم يتم إخبارهم به، ولم يستطيعوا الحصول على الاستشارة النفسية بسبب المعوقات اللغوية. فقد شكلت الأقليات العرقية وأبناء العائلات ذات الدخل المنخفض 85 % من سكان الحي، في حين ينتمي 40 % من سكان المباني السكنية الاجتماعية الشاهقة إلى هذه المجتمعات. وارتبطت قضايا العرق والطبقة على نطاق واسع بحادثة حريق برج "غرينفيل".
وتوصل التقرير إلى أن وقوع الحريق كان نتيجة "عقود من الفشل الذي تتحمل مسؤوليته الحكومة المركزية وشركات الإنشاءات، التي لم تتحرك لمعالجة مخاطر كسوة واجهة المبنى القابلة للاشتعال".
وأدى ظهور التقرير والنتائج التي توصل إليها، إلى انتقادات من ممثلين للمسلمين في بريطانيا، والجمعيات والمنظمات الحقوقية.
وقالت الأمينة العامة للمجلس الإسلامي البريطاني، زارا محمد: "معاملة مجتمعات الأقليات والدين من المجلس المحلي تعبر عن مشاكل بنيوية ونظامية أوسع ويجب معالجتها".
وأضافت: "برج غرينفيل لا يزال يشكل تذكيرًا صارخًا وصدمة لكثيرين، ليس فقط بسبب الحريق، لكن أيضًا بسبب الطريقة التي تم فيها التعامل مع المكونات الأكثر ضعفًا في مجتمعنا".
وتابعت: "يجب أن نتعلم الكثير الآن، وبالنسبة لأولئك الذين كانوا ينتظرون العدالة، فإن تغييرًا له معنى كهذا يظل أمرًا ضروريًا".
بدورها، ربطت مديرة مركز الأبحاث حول العنصرية "رانيميد ترست،" الدكتورة شبانة بيغوم، بين العنصرية وحادثة حريق برج "غرينفيل"، والتفاوت الأوسع في الإسكان، محذرةً من أن "الأمر مسألة وقت قبل أن تحدث مأساة بنفس الحجم مرة أخرى"، وأضافت: "كان حريق غرينفيل مأساة أمكن منعها وشابها في كل مرحلة عنصرية بنيوية ومباشرة، بدءًا من القتلى إلى معاملة الناجين والثكالى والمجتمع الأوسع، كما يؤكد أحدث تقرير من لجنة التحقيق".
وتابعت: "مرت سبع سنوات، وما زال الضحايا بلا عدالة ولا تزال آلاف المباني غير الآمنة قائمة في مختلف أنحاء البلاد. وما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وكافية، فإن الأمر مسألة وقت قبل أن تحدث مأساة بنفس الحجم مرة أخرى". ولفتت بيغوم: إلى أن "الملونون "يشعرون بأشد التأثيرات القاسية الناجمة عن أزمة الإسكان، ويعيشون بشكل غير متناسب في منازل غير آمنة وغير مناسبة، وغالبًا ما يتم إسكانهم في أسوأ المساكن الاجتماعية وأقلها جودة. وكحد أدنى، يجب أن يتمتع الجميع بالقدرة على الوصول إلى مساكن آمنة ومناسبة وبأسعار معقولة".
من جهته، قال المتحدث باسم حركة "حياة السود مهمة": إن "ما ورد في التقرير هو ما نعرفه بالفعل، ونعيش في مجتمع يقوم عليه التسلسل الهرمي للحياة الإنسانية وقيمتها بناء على لون بشرتك"، وأضاف: "يتم تحديد المنافع الاجتماعية والوصول إليها مثل السكن المناسب حسب فئتك وعرقك".
معاملة مجتمعات الأقليات والدين من المجلس المحلي تعبر عن مشاكل بنيوية ونظامية أوسع ويجب معالجتها
أما مديرة السياسات في منظمة "العمل من أجل المساواة العرقية"، ميكا بيريسفورد، فقالت لصحيفة "إندبندنت": إنها "تأمل أن تؤخذ الدروس والتوصيات من هذا التقرير على محمل الجد وكمسألة ملحة للغاية"، وأضافت: "لقد تم التخلي عن المتضررين من مأساة غرينفيل، وفي كل مرحلة. التقرير النهائي الذي صدر اليوم واضح، لو كنت أسود، أو بني البشرة، أو مسلمًا، أو تحدثت بالإنجليزية كلغة إضافية، فستواجه عقبات حتى للحصول على أبسط أشكال الدعم بعد الحريق".
وشددت: على أن "عقود من الفشل التي سبقت المأساة، تحتم علينا ألا ننتظر طويلًا لوضع حد للعنصرية النظامية المستشرية والإسلاموفوبيا في بريطانيا".
وفي تعليقها على التقرير، قدمت رئيسة مجلس "كنزنغتون وتشيلسي"، إليزابيث كامبل، اعتذارها، وقالت: "نيابة عن المجلس، أعتذر بلا تحفّظ، ومن كل قلبي، للثكالى والناجين وسكان غرينفيل عن فشلنا في الاستماع إليهم وحمايتهم".
وأضافت: إن "المجلس يقبل بشكل كامل نتائج التحقيق، التي تمثل نقدًا لاذعًا لنظام محطم من الأعلى إلى الأسفل"، وتابعت: "لقد فشلنا في الحفاظ على سلامة الناس قبل وأثناء التجديد، وفشلنا في معاملة الناس بإنسانية ورعاية في أعقاب ذلك. وسوف نتعلم من كل انتقاد في التقرير، وسندرسه بعناية، وننشر رد مفصل في الخريف".