تتصاعد وتيرة الأخبار الواردة من مدينة حلب وريفها، شمال سوريا، بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها معظم قادة الفصائل الإسلامية، والفصائل المنضوية تحت مكون "الجيش السوري الحر"، مشيرةً لاقتراب بدء معركة كسر الحصار عن أحيائها الشرقية.
كما يشهد الريف الشمالي اشتباكات عنيفة بين الفصائل المدعومة من الجيش التركي في إطار عملية "درع الفرات" من طرف، و"قوات سوريا الديمقراطية" في مدينة "تل رفعت"، أو مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة "الباب" من طرف آخر.
لا تريد روسيا تفويت فرصة حصار حلب، لتحسم المعركة لصالح الأسد في أهم مدينة تسيطر عليها المعارضة السورية
إلا أن المتابعة الأكثر أهمية للأخبار تذهب للمدينة المحاصرة منذ أكثر من شهرين، وذلك بعد إعلان القائد العام لـ"حركة نور الدين الزنكي"، توفيق شهاب الدين، منذ يومين اقتراب موعد ملحمة حلب، داعيًا للنفير العام، ألحقه فصيل "جيش إدلب الحر"، المؤسس حديثًا، بتغريدة مماثلة، رافقها استهداف النظام وميليشياته في مطار "النيرب" العسكري من قبل فصائل مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: بسبب سوريا..روسيا تقوم بأكبر عملية انتشار بحري منذ عقود
وحتى لحظة إعداد التقرير عينه، لا تزال جبهات حلب المدينة تشهد اشتباكات عنيفة، لكن يمكن وصفها بالاعتيادية، من ناحية تصدي الفصائل المتواجدة في الجزء المحاصر، لعديد محاولات الاقتحام من عدة محاور، وهي اشتباكات يومية كان آخرها المحاولة المنفذة صباح اليوم الـ 24 تشرين الأول/أكتوبر لمقاتلي "حزب الله" اللبناني، إضافة لتمكن قوات النظام من استعادة السيطرة على كتيبة "الدفاع الجوي" قرب بلدة "خان طومان" في الريف الحلبي أمس الأحد.
وحسب التصريحات الصادرة عن الدبلوماسيين الروس، يبدو أن الأخيرة بدأت السعي جاهدة لإنهاء الحالة المستعصية على النظام السوري في حلب، بالأخص بعد أن لزمه نحو ثلاث سنوات ونصف تقريبًا ليستطيع محاصرتها، ويبدو أنها لا تريد تفويت هذه الفرصة لحسم المعركة في أهم مدينة تسيطر المعارضة عليها.
الحكومة الروسية أعلنت، ظهر اليوم الإثنين، على لسان نائب وزير خارجيتها سيرغي ريابكوف، أن "مسألة استئناف الهدنة غير واردة في المرحلة الراهنة"، وهو ما أكد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، والذي طالب بفصل "المجموعات الإرهابية" عن "المعارضة المعتدلة"، قبل الحديث عن أي هدنة.
ويلاحظ أن الهدنة التي أعلن عنها قبل ثلاثة أيام، رافقها حديث روسي عن توجه "أسطول الشمال" إلى سواحل البحر المتوسط، وهو ما رجحه دبلوماسيون في "الناتو" على أن روسيا أخذت على عاتقها إنهاء الوضع في حلب في فترة زمنية قصيرة، وذلك استباقًا لأي قرار صادر عن الأمم المتحدة، بعد الحديث عن المبادرة الأوروبية، الموافق عليها من نحو 70 دولة لتجميد "الفيتو" الروسي المتعلق في حلب.
إذا استطاع النظام استعادة مدينة حلب، سيكون لديه أفضلية الهجوم من ثلاثة محاور على إدلب وريفها
اقرأ/ي أيضًا: محادثات لوزان حول سوريا..استمرار الكلام
وفي موازاة تصاعد وتيرة التحليلات حول المعركة المرتقبة، يدخل الريف الشمالي للمدينة على خطوط المواجهة، حيثُ تتقدم فصائل المعارضة المدعومة من القوات التركية ومقاتلات التحالف الدولي، في مقابل انحسار مناطق تنظيم الدولة، وهو ما توضحه تصريحات المعارضة والحكومة التركية، من أن الوجهة باتت الآن مدينة "الباب" آخر معاقل التنظيم الكبيرة في الريف الحلبي.
وعلاوةً على ذلك، وضعت فصائل المعارضة نصب أعينها استعادة مدينة "تل رفعت"، والقرى المحيطة بها، بعد أن سيطرت عليهم "قسد" التي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية في شباط/فبراير الفائت، بحجة أن المدينة مسيطر عليها من "جبهة النصرة" وفصائل إسلامية، رغم أن هدفها الأساسي كان السيطرة على مساحات واسعة لتأسيس فيدرالية كردية في الشمال السوري.
عبر هذه الخريطة المعقدة تنفتح المعركة في حلب وريفها على عدة احتمالات، إلا أن أهمها هو احتمالية تمكن فصائل المعارضة من كسر الحصار عن المدينة، كما حدث في فترة سابقة عندما استطاع تحالف "جيش الفتح" و"الجيش السوري الحر" السيطرة على سلسلة "كليات الراموسة" العسكرية، وتمكن بالفعل من كسر الحصار، وكان المتوقع التقدم إلى الجزء الغربي في المدينة، وهو ما أكده جميع قادة الفصائل وشرعييها، وعلى رأسهم شرعي "جيش الفتح" عبد الله المحيسني، قبل أن يتراجع الجميع، ويتقدم النظام والميليشيات المقاتلة إلى جانبه، ويتمكن من إعادة فرض الحصار بعد استعادته لكل المناطق التي كانت المعارضة قد كسبتها.
تنفتح المعركة في حلب وريفها على عدة احتمالات، إلا أن أهمها هو احتمالية تمكن فصائل المعارضة من كسر الحصار عن المدينة
وتكتسب المعركة الحالية عاملًا مهمًا، وهو ما يندرج في سياق الاتفاقات المبرمة مع المدن والبلدات المحاصرة في ريف دمشق، وخروجهم إلى مدينة إدلب شمال سوريا، أكبر معاقل المعارضة السورية، وفرضه الشروط ذاتها على الفصائل والمدنيين في حلب المحاصرة، ما يرجح أن النظام يريد من إدلب أن تكون مسرحًا للمعركة الأخيرة مع المعارضة.
وتقول المعطيات إن النظام في حال استطاع استعادة مدينة حلب، وهو ما ليس مرجحًا استنادًا لتصريحات قادة الفصائل وتوزيع قواتهم الميدانية، إلا إذا حصل اتفاق غير معلن رغم أن هذا مستبعد، سيكون لديه أفضلية الهجوم من ثلاثة محاور على إدلب وريفها، فيما الأخيرة لن يكون أمامها سوى طريق إمداد على الحدود التركية، وهو ما يسهل استهدافه جويًا من قبل القوات الروسية، التي دعّمت أنظمة دفاعتها الجوية، وهو ما يُعطي المعركة الحالية أهمية بالغة، من ناحية أنها سيكون لها دور مهم في رسم ملامح الخريطة المستقبلية على كافة أصعدة الثورة السورية.
اقرأ/ي أيضًا: