عزيزي "س"
قرّرت أن أكتب إليك هذه الرّسالة وقد مرت أيام قليلة على اليوم العالمي للفتاة. هل تعلم أن الأمم المتحدة خصّصت الحادي عشر من تشرين الأول/ أكتوبر يومًا للاحتفال بنا نحن الفتيات؟ هههههه سألتك لأنني لم أتلقَّ منك إشارةً تدلّ على أنك معني به! فأنت تزهد في تهنئتي بعيد المرأة، بحجّة أنني طفلة في نظرك، ولا أشكّ في أنك ستبرّر تقصيرك معي في يوم الفتاة هذا بحجّة أنك تراني امرأة ناضجة. فقط لتبرّر إهمالك في حقي.
لماذا تلغي عزّة النفس هذه تمامًا من حساباتك، وأنت تفتّش حقيبة يدي، وتأخذ منها ثلثي مصروفي؟
لطالما تلقيت منك رسائلَ تمسح بي فيها الأرض، والأكثر من ذلك أنك لا تسمح لي بالاحتجاج! حتى طريقة ترضيتك لي بعدها فيها من التعجرف والقسوة والبخل ما يثير وجعي. لماذا لا تفهم عزّة النفس أنك لا تهينني أصلًا، لا أن تتهرّب من الاعتراف بغلطتك؟ لماذا تلغي عزّة النفس هذه تمامًا من حساباتك، وأنت تفتّش حقيبة يدي، وتأخذ منها ثلثي مصروفي؟ هل انتبهت يومًا إلى أنني كثيرًا ما أجّلت موعدي مع الطبيب، وأجلت شحن رصيدي الهاتفي، واكتفيت بحبّة بسكويت، وسطوت على "بوندة ماما" حين يداهمني الحيض، لأنك سطوت على نقودي؟ طبعًا أنت لا تسمّي ذلك سطوًا لأنك تغلّفه بالحبّ! لكن لماذا لا تفهم الحبّ على أنه الإيثار؟
اقرأ/ي أيضًا: الشباب الجزائري.. لماذا كل هذا الحصار؟
هل أنا حمارة في نظرك فعلًا؟ أطرح عليك هذا السؤال لكثرة ما سمعت هذا التشبيه منك، علمًا أن جيل جدّك ثم جيل أبيك كانا يشبّهان المرأة بالحيوانات أيضًا، لكنهما كانا يختاران الأنيقة والمحبّبة منها، مثل الحمامة والعصفورة والحجلة والغزالة. فإذا كانت قناعتك فعلًا أنني حمارة، فما بالي حصلت على الباكالوريا بمعدّل مزغرد، ولم تحصل عليها ولو بمعدّل بسيط؟ وتركتك بطّالًا حين التحقت بالجامعة، ووجدتك كذلك بعد أن غادرتها متوّجةً بشهادة عليا؟ لم تسجّل في الباكالوريا من جديد، كعلامة على التشبّث بالطموح، ولم تلتحق بالخدمة العسكرية! كلّ همّك كان أن تحصل على فرصة للهجرة إلى أوروبا! وكأنها بحاجة إلى حمار مثلك، هههههههه أعلم أنك كنت ستقتلني لو كنت أمامك الآن. لكن لماذا تسمح لنفسك بأن تقولها لي وترفض أن أقولها لك؟
لماذا تكون منسجمًا مع نفسك ومع غيرك من الرجال، حتى إذا تعاملت مع المرأة غرقت في بحيرة من التناقضات؟
اقرأ/ي أيضًا: نساء بلا أسماء.. العُرف في أقبح صوره!
إنه ليس التناقض الوحيد في سلوكك معي يا عزيزي! لماذا تكون منسجمًا مع نفسك ومع غيرك من الرجال، حتى إذا تعاملت مع المرأة غرقت في بحيرة من التناقضات؟ فأنت تأخذ مني ما تأخذ باسم الحب، لكنني في نظرك داعرة، والدليل أنك تخطب غيري حين يحين زواجك! ألم تقلها لي صراحة، في لحظة غضب؟ وتكلّمني عند منتصف الليل، لكنك ستذبح أختك إذا ضبطتها تكلّم رجلًا في عزّ النهار! لماذا تفلي هاتفي بحثًا عن رقم طائش، بينما تغمز غيري في حضرتي؟ لماذا تفرض علي تجميد حسابي الفيسبوكي، بينما تملك أكثر من حساب باسم مستعار؟
أنا أحببتك وارتبطت بك، رغبةً مني في الإحساس بأنوثتي. فإذا بك تطمسها! وحماية حرّيتي، فإذا بك تهدّدها، وإنعاش طموحاتي، فإذا بك تعيقها. وهذا ما لا أستطيع أن أتقبّله أو أتحمّله، كما لا أستطيع أن أتقبّل حصارك لي، وكأنني لا أملك ضميرًا يعصمني من الخيانة وتلويث العهد الذي بيننا.
عزيزي "س"
العادة السّرية تليق بك.
اقرأ/ي أيضًا: