تخوض الجيوش سباقًا محمومًا لتحديث التقنية العسكرية الخاصة بها، بهدف تحقيق حلمٍ لطالما راود القادة العسكريين، ألا وهو أن تحل الروبوتات محل الجنود في ميادين القتال وتخوض الأعمال القتالية من تلقاء "ذاتها"، دون حاجةٍ إلى وجود العنصر البشري في ميدان المعركة.
ومع تزايد أهمية الطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، لناحية المراقبة وجمع المعلومات وتوجيه ضربات دقيقة من مواقع آمنة بعيدة من ساحات المعارك، ازداد التأكيد على ضرورة توظيف الروبوتات، أو "الإنسان الآلي"، للقيام المهام ذاتها التي تقوم بها الطائرات من دون طيار.
وتشير معلومات نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تطويره لعدة "أنظمة أرضية إضافية ذاتية التشغيل مكمِلة للقدرات الجوية"، مضيفًا أن أنظمته من الروبوتات "تخدم أغراضًا أخرى لا تقوم بها المسيرات".
ولوحظ في حرب الإبادة الجماعية في غزة، لجوء جيش الاحتلال إلى روبوتات انتحارية مفخخة بأطنان من المتفجرات في عمليات التدمير والقتل الواسعة التي ينفذها شمال قطاع غزة. ووفق "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، فإن استخدام الاحتلال للروبوتات المفخخة أمر محظور بموجب القانون الدولي، حيث إن هذه الروبوتات تعد من الأسلحة ذات الطابع العشوائي التي لا يمكن توجيهها أو حصر آثارها فقط بالأهداف العسكرية، ذلك أنها، نظرًا لطبيعتها، تصيب السكان المدنيين على نحو مباشر، أو تصيب الأهداف العسكرية والمدنيين أو الأعيان المدنية بشكل عشوائي دون تمييز. وبالتالي، تعد من الأسلحة المحظورة بموجب القانون الدولي، ويشكل استخدامها في المناطق السكنية جريمة دولية قائمة بحد ذاتها.
تخوض الجيوش سباقًا محمومًا لتحديث التقنية العسكرية الخاصة بها، خاصةً لناحية توظيف الروبوتات في ميادين القتال
وقد أنشأ جيش الاحتلال قسمًا عسكريا خاصًا ب"الروبوتات العسكرية" داخل إدارة "تكنولوجيا القوات البرية الإسرائيلية". ويتولى قسم الروبوتات، حسب معلومات جيش الاحتلال، قيادة "الجهود الرامية إلى نقل العمليات البشرية عالية المخاطر إلى المنصات التكنولوجية، مما يعيد تشكيل عقيدة القتال بشكل جذري".
وعرف عام 2023 إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إدخال ثلاث أنظمة روبوتية متكاملة حيز الخدمة إلى جانب الوحدات القتالية، ويتعلق الأمر بروبوتات "باندا" و"تالون" و"روني"، التي يتم التحكم فيها عن بعد، ويجري نشرها للقيام بمهمات "حماية الجنود وإزالة المخاطر من الطرق التي تسلكها القوات الإسرائيلية".
وبحسب معلومات نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، فإن الروبوتات الثلاث "تنفذ مهامًا خطرة في ساحة المعركة دون تعريض الأفراد للخطر، باستخدام أجهزة استشعار بيئية متقدمة وتمكين التشغيل المتطور عن بعد للحركة والأسلحة الميكانيكية والإجراءات التكتيكية المعقدة".
نظام باندا
يتكون هذا النظام من جرافة يتم تشغيلها عن بعد، محصنة ضد الرصاص ومزودة بأجهزة استشعار توصف بالمتطورة، تعمل على مراقبة الظروف المحيطة، وتقوم في الوقت ذاته بنقل البيانات إلى غرفة التحكم الواقعة على بعد والمسؤولون عن تمهيد المسارات لتدخل وحدات المشاة والدروع.
ويبلغ وزن الروبوت باندا نحو 65 طنًا، ويوجد شكل آخر من هذا الروبوت يسمى "روبتل"، وهو عبارة عن دمج روبوت ضخم وأداة هندسية، ويتم التحكم به عن بعد، وقادر على تنفيذ مهمات بمفرده.
وتعليقًا على هذا النظام الروبوتي، يقول الضابط في قسم الروبوتات في جيش الاحتلال، إيتاي بن شاحر، إن نظام باندا "أثبت قيمته من قبل، لكنه برز كقوة مضاعفة حاسمة"، وفق تعبيره.
فقبل هذا النظام، كانت مهمة "باندا" منوطةً بجرافة من نوع "D9" تحمل على متنها عنصرين عبارة عن سائق وقائد، وكانت مهمة المسح محفوفة بالمخاطر، الأمر الذي يفسر وقوع العديد من طواقم الجرافات نتيجة الاستهداف بمضادات الدروع وقذائف أخرى. ولتقليل حجم تلك الخسائر، وسع جيش الاحتلال من رقعة عمل نظام "باندا الروبوتي".
نظام تالون
يستخدم هذا النظام الروبوتي في أداء المهام الهندسية التفصيلية، ويدعي جيش الاحتلال أن لدية كفاءةً عالية في تحييد الأسلحة بدقة. وبحسب القائمين على هذا النظام، فقد أدخلت عليه تعديلات بعد شرائه بهدف "تلبية المواصفات التشغيلية والقتالية واللوجستية للجيش الإسرائيلي"، وشملت التغييرات حسب الضابط في قسم الروبوتات إيتاي بن شاحر "تغيير أجهزة اتصالات روبوت تالون لتتواءم مع الترددات العسكرية، وتساهم في تحسين قدرته على الحركة في تضاريس قتالية محددة"، وفق تعبيره.
نظام روني
هذا النظام هو عبارة عن روبوت محمول متخصص، يقوم حسب رئيس قسم الروبوتات في جيش الاحتلال أفيل نوحي، بمهمتين أساسيتين، الأولى "التنقل في الأماكن الضيقة مثل الأنفاق والأزقة التي يتعذر على روبوت تالون دخولها"، أما المهمة الأساسية الثانية لهذا الروبوت، فتتمثل في "تنفيذ عمليات هندسية دقيقة وحساسة".
ونتيجة لحجمه الصغير، مقارنةً ببقية الروبوتات، يتم نشر روبوت "روني" على نطاق واسع عبر مختلف الوحدات العسكرية الإسرائيلية.
وتلعب الكاميرات المتطورة دورًا أساسيًا في هذه النوع من الأنظمة الروبوتية، لأنها توفر للوحدات العسكرية التي توجد خلفها "معلومات بصرية نوعية في الأماكن الضيقة، كالأنفاق والأزقة".