تقلّب أدب الطفل العربي على مرّ السنين بمراحل عديدة، والباحث عن تاريخ أدب الطفل العربي سيلحظ حتمًا هذه التقلبات التي ساهمت في إعادة هيكلة شاملة لمبحث أدب الطفل. ويجعل تفرع أنواع ومجالات أدب الطفل منه واحدًا من أهم المباحث في عالم الأدب عامةً. ولهذا نجد العديد من الكتاب العرب من أولى أدب الأطفال أهميةً خاصةً، واعتمد لهذا العديد من الخصائص والقواعد التي وضعها المختصون بهذا المجال من العالم العربي أو الغربي للوصول لاحقًا إلى نماذج متميزة .
وقد برزت أسماء العديد من الكتاب العرب الذين كان لهم السبق في انتشار أدب الطفل في العالم العربي، وهم من شكّل الأرضية الصلبة لصمودٍ واضحٍ لكتاب أدب الطفل المعاصرين، فمن هم أبرز رواد أدب الطفل العربي؟.
أبرز رواد أدب الطفل في العالم العربي
هنالك العديد من الأسماء المهمة في مجال أدب الطفل والتي استطاعت إثبات نفسها في هذا المجال بشكلٍ كبير. وفيما يأتي توضيح لدور كل اسم من الأسماء السابقة في عالم أدب الطفل.
-
أحمد شوقي
خاض أحمد شوقي وهو مصري المولد والنشأة مجال أدب الطفل بعد إقامته في فرنسا، حيث تأثّر بالكاتب لافونتين الذي كان متأثرًا بدوره في قصص كليلة ودمنة. ولم يتبنى شوقي طريقة لافونتين بقدر ما تأثر بقصصه المميزة وأسلوبه الفريد في الكتابة، حيث قدم مجموعةً من القصص الرائدة الموجهة للطفل في ذلك العصر. والتي تميزت بأسلوب فني راقٍ، بالإضافة لسحر اللغة والخيال الخلاق الذي تمتعت به. وقد قدم شوقي أعماله القصصية الموجهة للطفل من خلال الشعر، وكانت أول إصداراته في ديوانه الشوقيات والتي أورد فيها ثلاث قصائد موجهة للطفل. وهي:
- الديك الهندي.
- الدجاج البلدي.
- الصياد والعصفورة.
وكما هو الحال في كل أعمال أمير الشعراء أحمد شوقي تميزت قصائده الموجهة للطفل بشاعريتها الكبيرة، مما يساهم في خلق ذوقٍ رفيعٍ وإحساسٍ مرهفٍ لدى الفئة المقدمة إليها. وعلى اختلاف الآراء وتعددها إلا أن المُجمع عليه من قبل الدارسين أن شوقي أحد أبرز رواد أدب الطفل، وهو أول من أدخل أدب الطفل كمساقٍ خاصٍ بالأطفال في العالم العربي على أنه لم يفرد له ديوانًا خاصًا، وإنما ذكرها في شوقياته كما ذكرت آنفًا.
عني محمد الهراوي بغرس القيم الدينية والاجتماعية والجمالية الفنية في الأطفال من خلال الأعمال التي قدمها والتي زخرت بها مكتباتنا العربية.
-
محمد الهراوي
محمد الهراوي شاعر من مصر لقب بشاعر الأطفال، حيث كان من أهم رواد أدب الطفل في عصره، ولقب برائد أدب الطفل حيث قدم العديد من القصائد الموجهة للطفل، والتي استطاع من خلالها إيصال المعاني الشعرية الجميلة لأبناء ذلك الجيل. وعني محمد الهراوي بغرس القيم الدينية والاجتماعية والجمالية الفنية في الأطفال من خلال الأعمال التي قدمها والتي زخرت بها مكتباتنا العربية. ومنها:
- سلسلة (سمير الطفل) للبنين والبنات
- سمير الطفل للبنين، الأجزاء 1، 2، 3.
- كتاب في الشعر التعليمي بعنوان: (سمير الأطفال).
- كتاب في أغاني الأطفال مزود بالعلامات الموسيقية، والصور الملونة بعنوان: «شمس الضحى».
عدد من التمثيليات الشعرية للأطفال. منها:
- الذئب والغنم.
- بائع الفطير.
- حلم الطفل ليلة العيد.
بالإضافة لمجموعات من الأناشيد والمحفوظات والأشعار التعليمية التي لا تزال حتى وقتنا الراهن ركنًا أساسيًا عند حديثنا عن أدب الطفل. وهنالك العديد من المؤلفات التي توضح دور الكاتب محمد الهراوي في أدب الأطفال بدراسة تحليلية شاملة منها كتاب أدب الطفولة بين كامل الكيلاني ومحمد هراوي للكاتب الدكتور أحمد زلط.
-
كامل الكيلاني
اشتهر كامل الكيلاني (مصري الجنسية) بأنه من أهم رواد أدب الأطفال في العالم العربي بأعماله الموجهة للطفل، وقد كان من أوائل من تنبه إلى جانب شوقي لأهمية وجود أدبٍ خاص موجه للأطفال يحاكي احتياجاتهم، ويزرع فيهم قيمًا دينية وأخلاقية في ظل ما كانت تعانيه البلدان العربية من غزو أفكار أوروبا، وتأرجحٍ واضح لمفهوم الأخلاق والثقافة العربية في ذلك الحين.
لم يُعنى الكيلاني بتقديم نماذج شعرية فقط للأطفال، بل قام بكتابة القصص لهم وأول أعماله القصصية السندباد البحري، والتي ألحقها بعد ذلك بالعديد من الأعمال المتميزة. وقد آمن الكيلاني بضرورة تقديم الأعمال للطفل باللغة العربية الفصحى، واستمد قصصه من وحي القصص الشعبية والأساطير، بالإضافة لاستعانته بالأدب الغربي، وقد ساعدته قدرته على الترجمة في ذلك كثيرًا، ومن أهم أعماله:
- أبو الحسن.
- أرنب في القمر.
- أصدقاء الربيع.
- أضواء من المولد السعيد.
-
محمد عطية الأبراشي
ساورني الحنين كثيرًا وأنا أقرأ الآن أن معظم قصص المكتبة الخضراء كانت من تأليف أحد أهم وأبرز رواد أدب الطفل المصريين في عصره وهو محمد عطية الأبراشي، فمن من أبناء جيلنا لم يقرأ قصص المكتبة الخضراء؟.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع السمات الفنية والنقدية في قصصه إلا أنها كانت بادرةً متقدمةً في الطريقة والأسلوب، وفي التأليف القصصي للأطفال، وقد تميزت بأسلوب الإثارة المحببة والقريبة من الطفل. والتي حاكت بطريقةٍ ما عالم الأطفال. وهدفت إلى إيصال المعاني التربوية والصلاحية بطريقةٍ مرحةٍ مفعمة بالخيال، ومن أبرز أعماله:
- الملك عادل.
- الأميرة الحسناء.
- الأنف العجيب.
- أطفال الغابة.
- الراعي الشجاع.
- السلطان المسحور.
- سندريلا.
-
يعقوب الشاروني
أحد أبرز رواد أدب الطفل، وهو كاتب من مصر. بالإضافة لعمله ككاتبٍ صحفيًّ في جريدة الأهرام المصرية، وقد قدم العديد من الأعمال الموجهة للطفل، وقد قال فيه الأستاذ توفيق الحكيم لما رشّحه لمنحة التفرغ للكتابة الأدبية: (أزكِّي هذا الطلب بكل قوةٍ لما أعرفه عن السيد يعقوب الشاروني من موهبة تجلَّت في مسرحية (أبطال بلدنا) التي ظفرت بالجائزة الأولى في مسابقة المجلس الأعلى للفنون والآداب).
وقد تميز أسلوب يعقوب الشاروني بشهادة نقاد الأدب بمرونة، وسلاسة الطريقة، وسهولة إيصال الفكرة للطفل، بالإضافة للمتعة واللغة المناسبة، ومن أهم أعماله الموجهة للطفل:
- سر الاختفاء العجيب (1981).
- مُفاجأة الحفل الأخير (1983).
- مُغامرة البطل منصور (1984).
- الرحلة العجيبة لعروس النيل (1994) صدرت الطبعة الخامسة 2004.
- مُغامرة زهرة مع الشجرة (1997).
محمد الأخضر السائحي، وهو رائد أدب الطفل في منطقة المغرب العربي خاصةً.
-
محمد الأخضر السائحي
من الجزائر سطع نجم الشاعر محمد الأخضر السائحي، وهو رائد أدب الطفل في منطقة المغرب العربي خاصةً. وكواحدٍ من أهم رواد أدب الطفل في العالم العربي عامةً، حيث قدم السائحي مجموعة من القصائد الوطنية والدينية الموجهة للطفل. بالإضافة للأناشيد التي تتميز بسهولة اللغة ومناسبتها للمرحلة العمرية المقدمة لها، وقد شهد له العديد من النقاد الأدبيين بتميزه وتفرده بهذا النوع من الشعر، كما تضمنت مناهج اللغة العربية في الجزائر العديد من قصائده كنماذج دراسية، ومن أبرز أعماله:
- قصيدة أبي.
- قصيدة الوضوء.
سليحظ الدارس لتاريخ أدب الطفل في العالم العربي أن نصيب الأسد منه كان في جانب الكتاب المصريين، وذلك بسبب حركة الترجمة التي رافقت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت بالدرجة الأولى إلى مصر، فعلى الرغم من سلبياتها العائدة على الشعب آنذاك من اندلاع حربٍ ثقافيةٍ غربية مضادة للقيم والعادات العربية. إلا أنها ساهمت في نشر ثقافات متعددة، إضافةً إلى ذلك كان للبعثات العلمية والأدبية المتعددة التي كان ينتدب إليها العديد من الكتاب العرب في ذلك الوقت في مصر دورًا فيصليًا في ذلك التفرد، حيث يعتبر المجتمع المصري من أغنى المجتمعات العربية حقيقة أدبًَا وفنًا على مدار التاريخ.
تقول رائدة أدب الطفل السويدية أستريد ليندغرين "إن الأطفال يصنعون المعجزات عندما يقرأون لهذا يحتاج الأطفال الكتب"، فحاجة الأطفال للكتب يجب أن تكون حاجة غريزية لا تقل أهميةً عن الماء والطعام والهواء، كما أن القراءة هي أول خطوةٍ من خطوات تأسيس الطفل في الكتابة، وحتى نتمكن من تحقيق ما نرجوه من أطفالنا بشكلٍ صحيح يجب علينا أولًا كأولياء أمور أن نؤمن بأن القراءة ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، لكن إذا ما بقينا عالقين في مجتمع يؤمن بأن القراءة هواية لا ضرورة علينا إذن التنبه جيدًا لأجراس الخطر المحيطة بنا المقروعة بعنف على جدران مستقبل غائم متخبط.
تحدثنا خلال هذا المقال عن رواد أدب الأطفال في العالم العربي، وكيف كان لأدب الأطفال منذ أقدم الحضارات دورًا مهمًا ومؤثرًا في التطور الثقافي على أن ما كانت تتم ممارسته بفطرةٍ نابعة من بصيرةٍ متيقظة لأهميته قديمًا، وصار مع تطور الزمن والحضارات مساقًا خاصًا اعتبره العديد من الكتاب ثروةً كبيرةً نظرًا لأهمية الفئة المقدم لها.
