شهدت مصر يوم أمس الأربعاء، 25 كانون الثاني\يناير، هزّة قويّة شعر بها سكّان عدد من المحافظات واستمرّ لنحو 60 ثانية، دون وقوع أضرار، مثيرًا موجة من التكهّنات حول ما إذا دخلت مصر حزام الزلازل، وإن كان ذلك يستدعي القلق على المستوى الرسميّ والشعبي.
شبكة رصد الزلازل التابعة للمعهد قد رصدت هزّة أرضية بلغت قوتها ست درجات شرقي البحر الأبيض المتوسط، على بعد 500 كم عن السواحل المصرية
فبحسب المعهد القومي المصري للبحوث الفلكية، فإن شبكة رصد الزلازل التابعة للمعهد قد رصدت هزّة أرضية بلغت قوتها ست درجات شرقي البحر الأبيض المتوسط، على بعد 500 كم عن السواحل المصرية، وعلى عمق أكثر من 50 كم. وبحسب بيان من المعهد وتصريحات من العاملين فيه لوسائل إعلام محليّة، فإن الهزّة شعر به مواطنون في ضواحي القاهرة الكبرى، ولم ينجم عنه وقوع خسائر مادية أو بشرية.
لماذا تتعرض مصر بشكل متزايد للزلازل؟
تساءل العديد من المصريين مؤخرًا حول الأسباب التي تجعل بلادهم عرضة لعدد متزايد من الهزات الأرضية، والتي يشعر بها السكان كذلك. وبحسب خبراء مصريين، فإن الزلزال الأخير كان ملحوظًا على نحو أكبر، وذلك باعتبار العمق الذي وقع عليه، والذي يتجاوز 50 كلم، وهو السبب الذي زاد من القدرة على الإحساس بأثره على نطاق أوسع، سواء على أطراف القاهرة الكبرى أو في مدن الدلتا المصرية.
وبوفق حديث للدكتور جاد القاضي، عميد معهد البحوث الفلكية المصري، لوسائل إعلام محلية، فإن الزلازل المرصودة ما تزال في نطاقها الطبيعي المعتاد، مشيرًا إلى أنّه لم يتم تسجيل نمطٍ مثير للقلق على مستوى العدد أو الشدّة بما يقتضي الهلع. وأضاف القاضي أن توفر التقنيات الحديثة في رصد الزلازل تفسر كذلك تزايد البيانات المتوفرة، إضافة إلى تزايد الربط بين مراكز الرصد ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل لعمليات الرصد صدى أكبر مما كان عليه الحال في الماضي.
وقد أكّد القاضي في مداخلاته التلفزيّة أن مصر ليست في حزام متعرّض للزلازل الشديدة، وأنّه لم يدخل في هذا النطاق، مشددًا على أن الهزات المسجّلة ضمن وتيرتها وشدتها الطبيعية.
يذكر أن مصر لا تعدّ منطقة زلازل، ونادرًا ما وقعت فيها زلازل تتجاوز شدتها 7 درجات على مقياس ريختر. فمنذ عام 1950، قُتل أكثر من 580 شخصًا كنتيجة مباشرة للهزات الأرضية في مصر، كما حدث زلزالان نجم عنهما موجات تسونامي لاحقة، أودت بمزيد من الأضرار والضحايا البشرية.
إلا أن مصر تصنّف بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ضمن الدول المعرضة لمخاطر الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية والعواصف الرملية، كما سجلت مصر درجات حرارة شديدة وعواصف رياح وأوبئة في العقود القليلة الماضية. أما على مستوى الزلازل، فإن النشاط الزلزالي الأعلى في مصر يكمن في الطرف الجنوبي من خليج السويس وشمال البحر الأحمر وحول خليج العقبة.
زلزال القاهرة 1992
ويعد زلزال القاهرة في 12 تشرين الأول\أكتوبر 1992، والذي يعرف أيضًا باسم "زلزال دهشور"، هو الزلزال الأكثر تدميرًا في مصر في العصر الحديث، وهو زلزال كان بقوّة 5.8 درجات فقط، إلا أنّه أدى إلى دمار كبير مقارنة بشدّته، كما راح ضحيته زهاء 560 شخصًا، وأدى إلى تشرد عشرات الآلاف.
وقد كانت أسوأ كارثة طبيعية شهدتها مصر في العقود الماضية هي الفيضانات التي حدثت في تشرين الثاني\نوفمبر عام 1994، والتي ألحقت ضررًا واسعًا في 134 قرية في صعيد مصر، وأودت بحياة 600 شخص على الأقل، وشردت زهاء 140 ألفًا آخرين، بسبب الدمار الذي لحق بمنازلهم.