يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، زيارة إلى تركيا تعد الأولى منذ توليه الرئاسة عام 2014. وتراهن القاهرة وأنقرة على هذه الزيارة لوضع حدٍّ للفتور السياسي الذي طبع علاقتهما منذ عقدٍ تقريبًا.
وقد تسارعت وتيرة التقارب بين البلدين مطلع العام الجاري، وبالتحديد منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمصر منتصف شباط/فبراير الماضي.
وشهد شهر آب/أغسطس المنصرم زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان للقاهرة، حيث التقى الرئيس المصري ووزير الخارجية بدر عبد العاطي، وركزت المناقشات بين الجانبين على كيفية تحقيق نتائج مثمرة من زيارة السيسي المتوقعة إلى تركيا.
تهدف القاهرة وأنقرة إلى زيادة حجم التجارة بينهما البالغ 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار
وتوجد على طاولة المباحثات التركية المصرية ملفاتٌ عديدة، تشمل توقيع اتفاقيات في مجال الدفاع والطاقة والتجارة والسياحة والصحة والتعليم، بالإضافة إلى مجريات الوساطة التركية بين القاهرة وأديس أبابا، والتنسيق المصري التركي في الصومال، وتطورات مباحثات إنهاء الحرب على غزة التي تلعب فيها مصر إلى جانب قطر دور الوسيط، هذا بالإضافة للحرب في السودان والملف الليبي.
وبحسب وكالة "الأناضول" سيترأّس أردوغان والسيسي على هامش الزيارة الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي أعيدت هيكلته وفقًا لإعلان مشترك، جرى التوقيع عليه خلال زيارة الرئيس التركي إلى القاهرة في 14 شباط/ فبرارير 2024.
ومن المنتظر أن يستعرض اجتماع المجلس "العلاقات التركية المصرية من كافة الجوانب، بالإضافة لمناقشة الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها في المستقبل بهدف مواصلة تطوير التعاون الثنائي".
ومن المقرر أن تختتم المناقشات، حسب وكالة "الأناضول"، بتوقيع نحو 20 اتفاقية في مجالات الدفاع والطاقة والسياحة والصحة والتعليم والثقافة في اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، وذلك بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي في أنقرة.
ويهدف البلدان بهذه الاتفاقيات إلى زيادة حجم التجارة بينهما البالغ 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار في الخطة الأولى. ومن المنتظر أن تسهم الزيارة، حسب المتابعين، في زيادة استثمارات تركيا بمصر والتي تتجاوز 3 مليارات دولار.
التعاون العسكري
يحظى التعاون العسكري بأهمية كبيرة في أجندة زيارة السيسي لأنقرة، ومن المنتظر أن تحصل القاهرة بعد الزيارة على الطائرات التركية المسيّرة، حيث أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موافقة بلاده على تزويد القاهرة بطائرات مُسيّرة في خطوة تشير، حسب المتابعين، إلى تقدمٍ ملموس في ملف التعاون العسكري بين البلدين، كما تعكس رغبةً القاهرة في تنويع مصادر تسليحها وتعزيز قدراتها الدفاعية.
ويشار إلى أنّ الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية السابق، زار أنقرة أواخر نيسان/إبريل الماضي، لبحث أوجه التعاون في مجال الصناعات الدفاعية والإنتاج المشترك.
الملفات الإقليمية
تتقاطع مصر وتركيا في عدد من القضايا والملفات الإقليمية المهمة لمصالحهما، ومن ذلك الملف الليبي، خاصةً بعودة الاضطراب إلى هذا الملف بسبب أزمة البنك المركزي الليبي. وتشكّل هذه الأزمة، حسب المتابعين، تحديًا أمام العلاقات التركية المصرية، خاصةً أنّ العقبات أمام التعاون الثنائي في هذا الملف لم تُحل بشكل كامل.
ويفرض تقاطع المصالح وتشابكها إقليميًا على كلّ من القاهرة وأنقرة محاولة المواءمة بين تلك المصالح حتى لا تؤدي إلى التصادم بينهما.
في الصومال، تبدو القاهرة وأنقرة منسجمتان إلى حدّ كبير، نظرًا لاتفاقهما على دعم الحكومة الصومالية في مواجهة الحركات التي تدعم الانفصال في إقليم أرض الصومال المدعومة من أديس أبابا وقوى إقليمية أخرى. ومؤخرًا، انخرطت مصر في الملف الصومالي بشكلٍ ملحوظ بإرسالها مساعدات عسكرية لمقديشو ونيتها بعث قوات مصرية إلى الصومال مطلع العام الجاري، في خطوات يرى المتابعون أنّ المستهدف بها أولًا وأخيرًا هي إثيوبيا الطامحة لفتح نوافذ لها على البحر الأحمر من خلال تطوير الشراكة مع إقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليًا. أما أنقرة، فطوّرت وجودها في الصومال من افتتاح القواعد إلى حماية السواحل الصومالية.
ومن بين الملفات الإقليمية التي تؤرق القاهرة وتسعى لإحداث اختراقٍ فيها عبر الاستفادة من الوساطة التركية هو ملف سد النهضة الإثيوبي، ويبدو أن الوسيط التركي قادر على تحقيق شيء مما عجزت عنه الوساطات السابقة. فقبيل زيارة السيسي لتركيا، بعثت أديس أبابا برسائل طمأنة إلى دول المصب من خلال خفض مستوى الملء الخامس للسد، وزيادة الحصص المائية لدول المصب (مصر والسودان).