تعمل الفنانة التشكيلية العراقيّة سرى الخفاجي على تشكيل لوحة تحمل بصمتها الخاصة، لكنّها في الوقت نفسه تشير إلى نسب واضح إلى الفن العراقيّ المعاصر. شخصيات لوحاتها ذات العيون الناعسة والملامح دائرية الشكل كأنها خارجة من الأحلام، أما ألوانها فتتوهج حتى تكاد تتكلم. المرأة فكرة وحدث معًا. هنا مقابلة معها.
- تحتلُّ المرأة مكانةً رئيسيّةً في أعمالك، لماذا؟ ثم كيف تشكّلت هذه العلاقة لديكِ بين المرأة والفن؟
هذا صحيح، المرأة هي المحرّك الأساسيّ لأعمالي، لأنّني أعتقد أنّ المرأة تمثّل زهرة أو جوهر الحياة، والمكان الذي لا تتواجد المرأة فيه تكون الحياة فيه شبه منعدمة أو غير موجودة من الأساس ربّما! ولذلك لا أحب أن تبدو أعمالي خالية من الحياة أو غير متّصلة بها على الأقل.
سرى الخفاجي: المكان الذي لا تتواجد المرأة فيه تكون الحياة به شبه منعدمة أو غير موجودة
- تأخذ أعمالك شكلًا فنيًا مُختلفًا تتفرّدين به ربّما، لماذا وقع اختيارك على هذا الشكل أو النمط؟
لم يكن الأمر اختيارًا بقدر ما كان صدفة. وبطبيعة الحال أنا مفتونة بالأشكال الجميلة والمُختلفة، والعيون التي تبدو ناعسة والملامح دائرية الشكل. ولذلك قمت بقولبتها وإعادة صياغتها وجمعها معًا في أعمالي. بالإضافة إلى أنّني أحب الألوان وأحب أيضًا خلط ومزج الألوان المُختلفة. وأعتقد أنّ جعلها مريحةً للنظر رغم كثرة الأوان هو ما يجعلها مميزة.
اقرأ/ي أيضًا: كيف انعكس الكساد الكبير على الفن في أمريكا؟
من خلال أعمالك نجدُ أنّ هنالك تفاصيل خاصّة بالتراث العراقيّ. هل هذا الأمر مقصود؟ وهل تعتقدين بأنّ الفن عمومًا، والتشكيلي منه خصوصًا، يستطيع التعبير عن التراث وإعادة إحيائه؟
طبعًا. أعتقد أنّ أيّ فن في العالم نستطيع من خلاله إيصال رسالة معيّنة، وأن نستخدمه كوسيلة للتعريف بتاريخ أو تراث ما بطريقة سهلة وجذّابة للمتلقّي. وإذا عدنا إلى التاريخ نجد أن عددًا من العصور عُرفنا به عبر الرسوم التي كانت تُرسم وتنقش على الصخور وداخل الكهوف. وكانت تشرح عادات وتقاليد شعوب تلك العصور، كالعصر الفرعوني أو السومري وغيرهما. وبالتالي الفن يخدم التراث ويُحافظ عليه. ولذلك أحب أن أعرّف الآخرين على التراث العراقي الأصيل من خلال الفن.
- لماذا لا تُجاري أعمالك الواقع العراقي اليوم؟ هل تتعمّدين الابتعاد عن أجواء الحرب والموت؟
لأنّنا بصراحة شعب تعِب من الحروب. ولأنّني أيضًا كبرت برفقة الحروب، ولذلك أحاول الابتعاد عنها في الأعمال الفنيّة. الابتعاد عن الظلم والموت والدم، وأن أقوم بالعمل على إيصال فكرة مفادها أنّهُ بإمكاننا التفاؤل وصناعة الفرح والابتسام على الرغم مما هو عليه واقعنا اليوم. وبطبيعة الحال أنا انسانة محبّة للتفاؤل وأعمل على تقديمها في أعمالي أيضًا.
- كيف تتعاملين مع أعمالك بعد الانتهاء منها؟ وهل حقًا الفنان هو أفضل ناقد لأعماله؟
طبعًا، وبطبيعة الحال أستغرق وقتًا في التفكير بما أود رسمه أو فكرة اللوحة أكثر من الوقع الذي أستغرقه في رسمها، لأنّني أعتقد أن الفكرة أهم من العمل ذاته، لأنّه من الممكن أن يكون العمل بسيطًا ولكنّ فكرته عظيمة.
- هل هنالك فنانونّ تركوا أثرهم وبصمتهم في حياتك الفنيّة؟ ولماذا؟
أكيد، هناك فنانون لا يزالون يتركون بصماتهم في أعمالي حتّى هذه اللحظة، وتحديدًا الذين يعملون على تقديم وشرح التراث والفلكلور العراقي في أعمالهم، أمثال الراحلة وسماء الآغا، والفنان ماهود أحمد وعدد من الفنانين العراقيين. بالإضافة إلى فان غوخ وغوستاف كليميت.
اقرأ/ي أيضًا: الفوتوغرافي نذير حلواني.. حين يكون هو المدينة
- كيف تنظرين إلى الفن التشكيليّ في العراق في ظلّ كلّ ما مرّ ويمرُّ به من أزمات وحروب؟
الشعب العراقي شعب مناضل ومجتهد رغم ما مرّ ويمرُّ به من ظروف، ولذلك تجد لدينا عدد كبير من الفنانين قد وصلوا إلى العالميّة ولاقت أعمالهم احتفاءً عالمي أيضًا نتيجة جهدهم وتعبهم. ولذلك أعتقد أنّ الحرب غير قادرة على إيقاف إرادة الشعوب في كلّ المجالات.
سرى الخفاجي: من الممكن أن يكون العمل بسيطًا ولكنّ فكرته عظيمة
- هل يساهم الفن التشكيلي في إيصال أصوات الآخرين؟ والتعبير عمّا يحدث داخل بلادنا العربيّة؟
أكيد طبعًا، لأنّ الفن رسالة سامية خالية من النفاق والغايات، والرسم يتيح للفنان ترجمة ما يشعر به ونقله للآخرين، عربيًا وعالميًا.
- أخيرًا، هل لديكِ شيء معيّن تودّين الحديث حوله؟
أتمنى أن يعم الخير والسلام على بلادي، وشكرًا لكم على هذا الحوار.
اقرأ/ي أيضًا: