18-يونيو-2019

توفي محمد مرسي في السجن بعد 6 سنوات على الإطاحة به واعتقاله (أ.ب)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلن التلفزيون الرسمي المصري، يوم أمس الإثنين 17 حزيران/يونيو 2019، وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي، أثناء جلسة محاكمته في قضية "التخابر مع حركة حماس"، والمنعقدة أمام محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، نتيجة إصابته بنوبة قلبية توفي على إثرها فورًا، بعد انتهائه من إلقاء كلمته أمام المحكمة، ما أثار ردود فعل محلية وعربية ودولية.

قبل وفاته، حذّرت تقارير صحفية وحقوقية من مغبّة سوء المعاملة التي كان يتعرض لها مرسي في السجن، على حياته

جثمان مرسي يوارى الثرى في مدينة نصر  

وقال التلفزيون المصري إن مرسي، وبعد أن سمح له رئيس المحكمة بإلقاء كلمة كان قد طالب بها، توفي على الفور عقب الانتهاء من كلمته أمام المحكمة، بعد إصابته بنوبة قلبية داخل معهد أمناء الشرطة في طرة، حيث كانت تعقد جلسة المحاكمة.

اقرأ/ي أيضًا: وفاة محمد مرسي.. الرئيس المنتخب الوحيد في مصر ضحية للقتل البطيء

ونقل جثمان مرسي إلى مستشفى سجن طرة بعد أن حاول طبيبٌ أن يسعفه في قاعة المحاكمة، لكن دون جدوى. فيما أعلنت السلطات المصرية حالة الاستنفار الأمني القصوى بعد إعلان خبر الوفاة مباشرًة.

ونقل مراسل "BBC" محمود أبوبكر، على لسان عبد المنعم عبد المقصود محامي الدفاع عن مرسي، أن جثمانه سيوارى الثرى بمقبرة في حي مدينة نصر شرقي القاهرة، موضحًا أن أسرته "أبدت موافقتها على ذلك، بالرغم من وصية سابقة لمرسي بأن يدفن في مقابر أسرته بقرية العدوة بالشرقية"، مضيفًا أن "دفن الرئيس الراحل في مدينة نصر بالقاهرة هو أفضل للجميع"، دون مزيد من الإيضاح.

ونقل موقع صحيفة العربي الجديد، عن مصادر أمنية وأخرى مقربة من عائلة أول رئيس منتخب في تاريخ الجمهورية المصرية، أنه تقرر دفن جثمانه خلال ساعات، في مقبرة المرشدين السابقين لجماعة الإخوان المسلمين بمدينة نصر، وسط إجراءات أمنية مشددة، على غرار مراسم دفن المرشد السابق للجماعة محمد مهدي عاكف قبل عامين. 

ونقل الموقع عن مصادره، وجود وسطاء يحاولون إقناع السلطات الأمنية بحضور عدد من سيدات أسرة مرسي، على رأسهن قرينته السيدة نجلاء علي محمود.

تحذيرات دولية سابقة من تدهور صحة مرسي

وخلال الأعوام الفائتة نشرت عشرات التقارير التي تحدثت عن تدهور الحالة الصحية لمرسي داخل محبسه الانفرادي في سجن طرة حيثُ توفي، ففي العام الماضي حذرت اللجنة البرلمانية البريطانية بقيادة كريسبن بلانت، من أن حالة مرسي الصحية في خطر "بسبب التعامل السيئ مع حالته الصحية كمريض سكري". 

وأشارت اللجنة البريطانية إلى عدم توفير الدواء اللازم الذي كان يحتاجه مرسي في محبسه، بما يهدد حياته، قائلةً إن طريقة معاملته "ترقى لمستوى المعايير الدولية للتعذيب"، رامية بمسؤولية ذلك على أكبر سلطة في البلاد.

وفي أحد تقاريرها التي تحدثت عن ظروف اعتقال مرسي، وصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية وضعه في السجن، قائلةً إنه "ينام على الأرض مع بطانيتين فقط، ويتعرض للحبس الانفرادي مدة 23 ساعة يوميًا، مع ساعة مخصصة للخروج بمفرده". 

وقالت الصحيفة إنه كان من الممنوع على مرسي التواصل مع أي شخص آخر باستثناء حراس السجن، محذرة في تقريرها من أنه "إذا لم يحصل مرسي على الرعاية الطبية الكافية في وقت قريب، فإن النتيجة قد تكون موته المبكر فهو عرضة للإصابة بالتهاب الكبد".

ومنذ اعتقال مرسي بعيد الإطاحة به من قبل الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع السابق والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي في الثالث من تموز/يوليو 2013، لم يسمح لمرسي سوى بثلاث زيارات عائلية فقط، كان آخرها عام 2017. وتجاهلت السلطات المصرية منذ أكثر من عامين، عشرات المطالب الدولية والحقوقية التي قُدّمت بهدف السماح بزيارة مرسي في محبسه، والسماح له بتلقي العلاج والرعاية الطبية الملائمة. 

"هذا العار برسم العالم جميعًا"

وبعد انتشار نبأ وفاة مرسي عبر وسائل الإعلام المصرية، بدأ قادة الدول، وسياسيين بارزين بنعي مرسي، عبر حساباتهم الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في تغريدة عبر حسابه الرسمي: "تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي. أتقدم إلى عائلته وإلى الشعب المصري الشقيق بخالص العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون".

ونشر الحساب الرسمي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مقطعًا مصورًا لكلمة كان يلقيها أمام حشد من أنصار حزب العدالة والتنمية، أعرب في بدايتها عن حزنه الشديد إثر "الخبر المؤلم" الذي تلقاه. 

وقال أردوغان إن مرسي "برز من خلال كفاحه الديمقراطي داخل حركة الإخوان المسلمين"، مضيفًا أن مرسي "وصل إلى منصب رئاسة الجمهورية بدعم من الشعب". 

وأضاف أردوغان أن مثول مرسي أمام ما وصفها بـ"محاكم الانقلاب" و"والحكم عليه بالإعدام، ولفظه أنفاسه الأخيرة في قاعة المحكمة هو دليل على الظلم الذي وقع عليه، وعلى شعبه منذ سنوات".

كما نعى الدبلوماسي التركي ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو، مرسي، قائلًا: "انتقل إلى رحمة الله تعالى شهيدًا، أخي العزيز محمد مرسي، الممثل الشرعي والمنتخب للشعب المصري، أثناء دفاعه عن شرف شعبه في محكمة انقلاب عسكري غير قانوني محاربٍ للديموقراطية"، منهيًا تغريدته عبر حسابه الرسمي بالإشارة إلى أن "هذا العار برسم العالم جميعًا".

وقال منصف المرزوقي، الذي انتخب من قبل المجلس الوطني التأسيسي عام 2011 رئيسًا مؤقتًا لتونس، إن "وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي في الظروف المأساوية التي رأيناها، شهادة إلى الأبد على صلابة الرجل وشجاعته وإنسانيته وعلى تمسكه لآخر نفس بقيمه وبمواقفه، وشهادة إلى الأبد على انعدام الحدّ الأدنى من الشهامة والنبل والفروسية ومن قيم العروبة والإسلام ومن الإنسانية من قبل خصومه".

وأضاف المرزوقي في منشور على حسابه الرسمي بفيسبوك/ "إن كان هناك شكّ في وقوف قتلة الرئيس الشهيد أمام عدالة الأرض، فموعدهم قد ضرب منذ رابعة العدوية وقبلها وبعدها، أمام عدالة السماء. وعند الله تجتمع الخصوم. أما التاريخ فقد قال كلمته في محمد مرسي وقد دخله اليوم من أوسع أبوابه".

ولم يتمالك المرزوقي نفسه خلال ظهور على الهواء مباشرة عبر قناة الجزيرة للتعليق على نبأ وفاة مرسي، ليجهش بالبكاء، كما تظهر مقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

منظمات حقوقية تطالب بالتحقيق

طالبت منظمات حقوقية دولية ومصرية بالتحقيق في ظروف وفاة مرسي المثيرة للشك. وقالت منظمة العفو الدولية عبر حسابها العربي على تويتر إنه: "لدى السلطات المصرية سجل حافل في احتجاز السجناء في الحبس الانفرادي لفترت طويلة وفي ظروف قاسية وأيضًا تعريض السجناء للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، ما يجعل إجراء تحقيق في وفاة محمد مرسي وظروف احتجازه مطلبًا ملحًا".

وأضافت في تغريدة أخرى، أن "نبأ وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في المحكمة اليوم هو صادم للغاية. ندعو السلطات المصرية بإجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في ظروف وفاته وحيثيات احتجازه، بما في ذلك حبسه الإنفرادي وعزلة عن العالم الخارجي، وفي الرعاية الطبية التي كان يتلقاها ومحاسبة المسئولين عن سوء معاملته".

وأعرب عمرو مجدي، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش عبر حسابه على تويتر، عن أسفه، بعد انتشار نبأ وفاة مرسي في محبسه، مشيرًا إلى أن "حكومة السيسي تجاهلت مئات الطلبات والرجاء للسماح له برعاية طبية كافية لكنها تجاهلت كل ذلك".

فيما دعا مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، بهي الدين حسن، في تغريدة له، إلى "عدم دفن الحقيقة مع الجثمان"، مطالبًا بـ"تحقيق دولي فوري في أسباب الوفاة قبل التعجل بدفن رئيس مصر الأسبق"، قائلًا: "يعرف المصريون والعالم كله أنه يستحيل إجراء تحقيق نزيه واحد تحت إشراف حكومة عبد الفتاح السيسي، وقضاته، وأطبائه الشرعيين!".

من جانبه، اعتبر مقرر لجنة الحريات السابق في نقابة الصحفيين المصرية، خالد البلشي، أن وفاة مرسي خلال محاكمته "تفتح العديد من الملفات المهمة، والجرائم التي ترتكب بحق السجناء في مصر، منها الحق في العلاج، والرعاية الصحية، والحق في المعاملة الإنسانية للسجناء، والحق في المحاكمة العادلة، وأبسط الحقوق وهو الحق في الزيارة". 

وقال البلشي إن ما حدث مع مرسي "يحدث مع العديد من السجناء والمعتقلين السياسيين في مصر، وهذا موثق بالأدلة والتقارير الحقوقية. لا مجال للخصومة السياسية في فقدان أبسط الحقوق الإنسانية، والتغاضي عنها جريمة في حق جميع المواطنين".

سياسيون مصريون: ما تعرض له مرسي "جرائم تستحق المحاكمة"

أما المرشح الرئاسي السابق خالد علي، فقال إن "ما تعرض له (مرسي) انسانيًا منذ القبض عليه ووضعه فى هذه الظروف التى انتهت بوفاته على هذا النحو هى جرائم تستحق المحاكمة".

ومن جانبه قال عصام الحجي، المستشار السابق للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، عبر حسابه الرسمي: "تختلف معه أو تتفق، وبعيدًا عن المشهد العبثي للاعلام والسياسة في مصر، هناك حقيقة أكيدة انه امتلك الشجاعة والنية الصادقة في العودة للبناء في ارض الوطن، شجاعة يفتقدها كل من وصلوا لما وصل إليه".

وأضاف: "أنا احترمه ولا يخجلني ذلك. وباسم كل الزملاء المصريين في الجامعة، أنعي الرئيس والإنسان والزميل"، واصفًا مرسي بـ"الرئيس المنصف للعِلم والمحارب للجهل".

ورأى المفكر العربي عزمي بشارة، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر أن "استشهاد الرئيس المنتخب محمد مرسي في السجن بعد محاكمته من صغار الجلادين بلا جرم سوى كونه رئيس منتخب؛ حدث جلل ستكون له رمزية كبرى في مسيرة الشعب المصري والشعوب العربية من أجل الحرية والكرامة".

فيما غرد الروائي المصري علاء الأسواني عبر تويتر قائلًا إن "صحة السجين وحقوقه الإنسانية والقانونية مسؤولية الدولة". وأضاف: "طبقًا لتقارير عديدة، فإن الإهمال الطبي للمعتقلين في مصر يصل إلى درجة القتل العمد. توفي معتقلون كثيرون لأنهم لم يتلقوا حقهم في العلاج. اليوم توفي دكتور مرسي وفي الطريق عبد المنعم أبوالفتوح وحازم عبد العظيم. رحم الله مرسي وغفر له".

أما الناشط المصري وأحد مؤسسي صفحة "كلنا خالد سعيد" على فيسبوك، عبد الرحمن منصور، فقال في منشور عبر حسابه على فيسبوك إن "الأذى الذي تعرض له الراحل من حبس انفرادي لم يتوقف وعزل ومنع من الزيارات الأسرية وإهمال طبي كلها جرائم تستحق المحاكمة. بخلاف المحاكمة الغير عادلة التي واجهها ويواجهها اليوم الكثير من المواطنين الذين يتعرضون للظلم بين حبس احتياطي ومحاكمات مسيسة".

وصف سياسيون موت مرسي في السجن بأنه "عار برسم العالم جميعًا"، وقال آخرون إنه "تعرض لجرائم تستحق المحاكمة"

وأضاف منصور أن "أمن وسلامة السجناء سياسيين وغير سياسيين مسئولية الدولة وحدها، والحق في الرعاية الصحية حق أساسي من حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أنه "لا مستقبل عادل في مصر دون وضع حد لهذا الكابوس الذي يلاحقنا كل يوم، لا مفرّ من عقد محاكمات عادلة وناجزة وفتح باب العفو الرئاسي بتوسع، وتوفير الرعاية الصحية للسجناء ووقف سياسات الحبس الانفرادي والعزل والاعتقالات التعسفية".

يُذكر أن الصحف الرسمية المصرية تجنبت الإشارة في نشرها خبر وفاة مرسي، وصفه بالرئيس المعزول أو الرئيس الأسبق. وتضمن نقلها لخبر وفاته قصاصة قصيرة لا تتجاوز الـ50 كلمة داخل الصفحات التابعة لتبويب المحليات، والتزمت جميعها بصياغة خبر واحد مقتبسة عن إعلان التلفزيون الرسمي المصري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وثائقي "الساعات الأخيرة".. كيف كانت آخر لحظات حكم مرسي؟

"قضية التخابر" ..ادعاءات هشة وأحكام مغلظة