اتهم مكتب المدعي العام الأمريكي في مانهاتن، أمس الجمعة، السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز وزوجته، بتلقي رشاوى من ثلاثة رجال أعمال من ولاية نيوجيرسي، من بيهم مصري، الأمر الذي قد يعقد جهود الديمقراطيين للحفاظ على أغلبيتهم الضئيلة في مجلس الشيوخ الأمريكي في انتخابات العام المقبل.
وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في بيان، إن "مينينديز تنحى في وقت لاحق، مؤقتًا من منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حتى يتم حل القضية"، مضيفًا أن "مينينديز له الحق في اتباع الإجراءات القانونية الواجبة"، فيما رفض المشرع الديمقراطي الاستقالة من منصبه.
التحقيقات كشفت عن تسريب السيناتور الديمقراطي معلومات سرية للنظام المصري
وأشار مكتب المدعي العام، أن مينينديز، استخدام سلطته ونفوذه كعضو في مجلس الشيوخ من أجل حماية وإثراء رجال الأعمال الثلاثة، ومساعدة الحكومة المصرية، مقابل ما قيمته مئات الآلاف من الدولارات من النقود، وسبائك ذهب، ومدفوعات الرهن العقاري، وسيارة فاخرة، وأشياء ثمينة أخرى.
وتضمنت لائحة الاتهام صورة لسبائك الذهب التي وجدت من منزل مينينديز، بالإضافة إلى ظروف بريدية مليئة بالنقود عثر عليها داخل سترات تحمل اسم مينينديز معلقة في خزانته. وقال ممثلو الادعاء إنهم عثروا على أكثر من 480 ألف دولار نقدًا في منزله.
من جهته قال محامي مينينديز، ديفيد شيرتلر، إن "موكله نفى ارتكاب أي سلوك إجرامي، وسيطعن بقوة في هذه الاتهامات في المحكمة".
بدورها نفت محامية نادين مينينديز زوجة السيناتور ارتكاب موكلتها أي مخالفات، و قالت إنها "ستدافع بقوة ضد هذه الاتهامات في المحكمة".
تعامل مشبوه مع النظام المصري
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن لوائح الاتهام ضد السيناتور الديمقراطي، تضمنت استخدامه منصبه في مجموعة واسعة من "المخططات الفاسدة في الداخل والخارج" تضمنت تعاملًا مشبوهًا مع الحكومة المصرية، حيث سعى إلى تزويد الحكومة المصرية، سرًا بمعلومات حساسة عن الحكومة الأمريكية.
وتأتي هذه التهم في أعقاب تحقيق مطول أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي، والمدعون الفيدراليون في مانهاتن.
وبالإضافة للسيناتور الأمريكي وزوجته، شملت الاتهامات ثلاثة من رجال الأعمال، هم وائل حنا وخوسيه أوريبي، وفريد دعيبس، وفق وكالة رويترز.
وقال ممثلو الادعاء، إن حنا وهو مصري الأصل، قام بتنظيم حفلات عشاء، واجتماعات للسيناتور الأمريكي مع مسؤولين أمنيين مصريين عام 2018، طلب خلالها المسؤولين المصريين من السيناتور الأمريكي، معلومات بشأن وضع المساعدات العسكرية الأمريكية، والعمل على الإفراج عن 300 مليون دولار من المساعدات المخصصة لمصر تم تجميدها.
وأضاف ممثلو الادعاء، أن مينينديز أخبر حنا في اجتماع عام 2018 بمعلومات سرية حول وضع المساعدات. وذكرت لائحة الاتهام، أن حنا أرسل رسالة نصية إلى مسؤول مصري جاء فيها، أنه "رُفع الحظر على الأسلحة الصغيرة والذخائر إلى مصر".
وتعلق الأمر بحجب وزارة الخارجية الأمريكية 195 مليون دولار عام 2017، بالإضافة لإلغاء مساعدات إضافية قدرها 65.7 مليون دولار، حتى تقوم الحكومة المصرية باتخاذ خطوات لتحسين وضع حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.
وتعد مصر من أكبر الدول المستفيدة من المساعدات العسكرية الأمريكية.
كما جاء في لائحة الاتهامات كذلك، أن السيناتور الأمريكي، طلب من وزارة الخارجية الأمريكية معلومات حساسة تتعلق بالعاملين في السفارة الأمريكية بالقاهرة، وتم تسليمها بواسطة زوجته نادين إلى رجل الأعمال المصري وائل حنا. الذي قام بدوره بإرسال هذه المعلومات إلى مسؤول مصري، وهو ما تسبب بمخاوف أمنية لدى السلطات الأمريكية جراء مشاركة هذه المعلومات مع حكومة أجنبية.
وكشف ممثلو الادعاء، أنه مقابل هذه الخدمات، أدرج حنا، زوجة مينينديز على جدول رواتب موظفي شركته.
امتيازات لشركة حنا
يشار إلى أن الحكومة المصرية منحت عام 2019 إحدى شركات حنا ترخيصًا حصريًا لتصدير "اللحوم الحلال" من الولايات المتحدة إلى مصر، على الرغم من افتقارها إلى الخبرة في شهادات اللحوم الحلال.
وبحسب لائحة الاتهام، استخدم رجل الأعمال المصري عوائد تلك الصادرات لدفع الرشاوى.
وأوضح ممثلو الادعاء العام أن وزارة الزراعة الأمريكية أثارت مع مسؤولين مصريين مسألة احتكار شركة حنا لهذا النشاط، وعبرت عن مخاوفها بشأن ارتفاع التكاليف على منتجي اللحوم الأمريكيين، إلا أن مينينديز طلب من مسؤول بوزارة الزراعة الأمريكية السماح لشركة حنا بالاحتفاظ بامتيازها.
أموال نقدية وسبائك ذهب
أما بخصوص ما تبقى من أسماء متورطة في تهم الفساد والرشوة، قال ممثلو الادعاء إن خوسيه أوريبي، الذي يملك شركات تعمل في مجال نقل الشاحنات والتأمين، أعطى زوجة مينينديز، مبلغ 15 ألف دولار نقدًا، للمساعدة في دفع ثمن مركبة، بعد أن طلب زوجها من مسؤول في مكتب المدعي العام في نيوجيرسي، المساعدة في تحقيقات الاحتيال المتورطة فيها شركاء أوريبي بشكل إيجابي.
بالإضافة لذلك، قال ممثلو الإدعاء إن فريد دعيبس، وهو مطور عقاري، أعطى مينينديز سبائك ذهبية وأموالًا بعد أن سعى الأخير للتأثير على قضية جنائية اتحادية في نيوجيرسي ضد دعيبس، للحصول على قروض بذرائع كاذبة، واعترف دعيبس بالذنب وحكم عليه بالسجن تحت المراقبة.
مطالبات بالاستقالة
هذا، وأشار المدعي العام الفيدرالي الأعلى في مانهاتن، داميان ويليامز، إلى أن "موقع مينينديز على الإنترنت يقول إنه بصفته عضوًا في مجلس الشيوخ، لا يمكنه إجبار أي هيئة حكومية على التصرف لصالح شخص ما أو التأثير على الأمور المتعلقة بأعمال تجارية خاصة".
وأضاف ويليامز: "خلف الكواليس، كان السيناتور مينينديز يفعل هذه الأشياء لأشخاص معينين، الأشخاص الذين كانوا يرشونه هو وزوجته"، وتابع أن "التحقيق مستمر".
من جانبه، دعا حاكم ولاية نيوجيرسي فيليب دي مورفي، وهو ديمقراطي، بالإضافة إلى العديد من مسؤولي الولاية الديمقراطيين، وأعضاء مجلس النواب الأمريكي، مينينديز إلى الاستقالة من مجلس الشيوخ.
وقال مورفي، الذي سيعين بديلًا مؤقتًا لمينينديز في حالة استقالته، إن "الحقائق المزعومة خطيرة للغاية لدرجة أنها تهدد قدرة السيناتور مينينديز على تمثيل شعب ولايتنا بشكل فعال".
ومن المتوقع أن يمثل مينينديز وزوجته والمتهمون الثلاثة أمام محكمة مانهاتن الفيدرالية، الأربعاء المقبل، وفق ما نقلت الصحيفة "نيويورك تايمز".
دعا حاكم ولاية نيوجيرسي فيليب دي مورفي، وهو ديمقراطي، بالإضافة إلى العديد من مسؤولي الولاية الديمقراطيين، وأعضاء مجلس النواب الأمريكي، مينينديز إلى الاستقالة من مجلس الشيوخ
قضايا سابقة
ولا تعد هذه القضية الأولى بحق مينينديز، فقبل ست سنوات، تمت محاكمته بتهم فساد غير مرتبطة بالاتهامات الحالية.
فقد اتُهم السيناتور مينينديز، عام 2015، بتسلم رشوة بقيمة مليون دولار عبارة عن هدايا وإجازات فاخرة في منطقة البحر الكاريبي، ومساهمات في الحملات الانتخابية مقابل خدمات سياسية. لكن المحاكمة انتهت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، دون إثبات التهمة، بعد أن قالت هيئة المحلفين إنها غير قادرة على التوصل إلى حكم.