منذ أن بدأت الأزمة السورية في العام 2011 وانتفاضة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد، سارع الأخير إلى الطلب من حلفائه في العراق وإيران ولبنان المساعدة لدعم قواته في التصدي للهجمات التي تشن عليها من المعارضة السورية أو فصائل مسلحة أخرى.
المقاتلون العراقيون في سوريا، يتدربون بشكل سريع في إيران ومن ثم ينقلون إلى سوريا. وهم مرتبطون في قتالهم بقوات النظام السوري وحزب الله
كانت الأحزاب العراقية قبل العام 2011 تتهم الأسد بالوقوف وراء التفجيرات التي تشهدها البلاد، لكنها بذلت قصارى جهدها لمساعدته في البقاء رئيسًا لسوريا. أرسلت تلك الأحزاب ميليشياتها إلى سوريا، وساعدت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي حينها، بمرور المقاتلين عبر مطاري بغداد والنجف الدوليين.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟
يقول شاب عراقي في عقده الثالث، وخاض معارك في سوريا، إن "في الفصيل التابع للواء أبي الفضل العباس كان هناك من هم دون الثامنة عشرة من العمر. كانوا مندفعين جدًا. بعضهم قُتل وبعضهم عاد للعراق ومُنع من العودة للقتال في سوريا من قبل أهله".
يضيف "رواتبنا نحصل عليها من قادة فصائلنا. في بعض الأحيان الحكومة العراقية تدفع لنا الرواتب، وأحايين أخرى من إيران. لا أعرف لماذا ذهبت لسوريا للقتال، أنا نادم الآن، لأن القتال كان دفاعًا عن بشار الأسد ضد شعبه، وليس دفاعًا عن المراقد المقدسة".
المقاتلون العراقيون في سوريا، يتدربون بشكل سريع في إيران ومن ثم ينقلون إلى سوريا. وهم مرتبطون في قتالهم بقوات النظام السوري، وتواصلهم كبير مع حزب الله اللبناني. في محافظات الجنوب العراقي تنتشر لافتات لمقاتلين قضوا في معارك بجانب نظام الأسد، لكن ذويهم كتبوا على صورهم "استشهد دفاعًا عن المراقد المقدسة".
قبل يومين انتقدت لجنة الحشد الشعبي في محافظة ذي قار، جنوبي العراق، قيام بعض الفصائل المسلحة بتجنيد أطفال غير مؤهلين للقتال في سوريا، وطالبت الحكومة الاتحادية بوضع حد لعمليات التجنيد ومراقبة الجهات التي تقوم بذلك.
اقرأ/ي أيضًا: السيسي في الأمم المتحدة..لقاءات ورسائل وكوميكسات
وقالت عضو الحكومة المحلية في ذي قار، هدى عبد الزهرة، إن "العديد من الأطفال يقتلون ويتركون في الأرض الحرام دون أن يخليهم أحد، أو يجرحون ويتركون بدون رعاية صحية لتتكبد أسرهم بعد ذلك عناء معالجتهم ورعايتهم".
تختلف الآراء والمواقف الدينية لدى رجال الدين الشيعة في العراق حول شرعية القتال في سوريا حتى مع معاناة العراق من وجود تنظيم إرهابي. لكن الفصائل المسلحة المقلدة لولاية الفقيه، تستمد شرعية وجودها من مواقف المرشد الأعلى في إيران علي خامئني، وهو ما "يسمح" لها بأخذ المقاتلين هناك.
إذاعة النجباء، وهي إذاعة تابعة لحركة النجباء التي تمتلك فصيلًا مسلحًا يقاتل في العراق وسوريا ويبتع ولاية الفقيه، تعلن عبر موقعها الإلكتروني عن فتح باب التطوع مقابل راتب. المندفعون للتطوع عادة يكونون من هم دون الثامنة عشرة من العمر. هؤلاء فتحوا أعينهم على السلاح والقتال، فيجدون في حمله (السلاح) هدفًا قد تحقق، وهيبة للرجل.
كانت العوامل الدينية والمذهبية والعقائدية، هي أبرز ما عملت عليه الفصائل المسلحة التي قاتلت في سوريا. المقاتلون العراقيون في سوريا خدعوا بأن القتال في سوريا سيكون لحماية مرقد السيدة زينب في دمشق، ثم وجدوا أنفسهم في أماكن لا يوجد فيها أي مرقد ديني شيعي.
انتشرت لافتات الموت التي تنعي الشباب العراقي في شوارع العاصمة بغداد والمدن الجنوبية. وبعدما تشكلت قوات الحشد الشعبي، بدأت عوائل المقاتلين في سوريا تكتب على لافتات نعي أبنائهم الذين قضوا خلال المعارك التي خاضوها بجانب نظام الأسد، "قُتل في بيجي، أو في الكرمة، أو في مدن عراقية أخرى كانت تشهد قتالًا ضد تنظيم "داعش".
كانت تلك العوائل تشعر بالخجل وهي ترى أبناءها يقتلون في سوريا، بينما يخوض العراق معركة كبيرة ضد تنظيم "داعش"، لذلك يضطرون إلى إعلان أماكن مقتلهم في مدن لم يصلوها.
اقرأ/ي أيضًا: