26-نوفمبر-2023
(Getty) شريحة ذكاء الكتروني

(Getty) شريحة ذكاء اصطناعي

تولي الحكومات العالمية عناية كبيرة بموضوع الذكاء الاصطناعي وتشريع القوانين الناظمة لتطبيقاته واستخداماته المتنوعة. وقبل مدة قليلة عقدت في المملكة المتحدة قمة عالمية لمناقشة سلامة الذكاء الاصطناعي ومخاطره. ويبدو أنّ الشركات والمؤسسات الكبرى في عالم التكنولوجيا تتوجس من هذه المساعي الدولية، وتراها تكادُ تبلغُ حدّ المغالاة.

ففي تطور لافت، حذرت مجموعة من الشركات التكنولوجية الكبرى الاتحاد الأوروبي من مغبّة الإفراط في تنظيم أنظمة الذكاء الاصطناعي، المعروفة باسم النماذج التأسيسية، فهذا الأمر، بحسب رأيها، قد يقضي على الشركات الناشئة أو يبعدها عن هذا المجال. وتأتي هذه المطالبات في وقت تخوض فيه بلدان الاتحاد الأوروبي والهيئات المشرعة والناظمة المرحلةَ الأخيرة من المفاوضات بخصوص القواعد التي قد تصبح معيارًا ومثالًا يحتذى في دول أخرى.

ولعلّ أبرز المسائل الخلافية في هذا السياق موضوعُ النماذج التأسيسية، مثل نموذج تشات جي بي تي (ChatGPT) من شركة أوبن إي آي (OpenAI)؛ إذ تُعرَف هذه النماذج بأنّها أنظمة ذكاء اصطناعي دُرِّبَت على كميات هائلة من البيانات، ولديها قدرة التعلم من البيانات الجديدة وأداء مجموعة متنوعة من المهام. 

حذرت مجموعة من الشركات التكنولوجية الكبرى الاتحاد الأوروبي من مغبّة الإفراط في تنظيم أنظمة الذكاء الاصطناعي، المعروفة باسم النماذج التأسيسية، فهذا الأمر، بحسب رأيها، قد يقضي على الشركات الناشئة

ووجهّت رابطة DigitalEurope كتابًا ورد فيه: "إنّ سعي أوروبا لتصبح قوّة عالمية يستلزم وجودَ شركات تستطيع قيادة ابتكارات الذكاء الاصطناعي بالاعتماد على النماذج الأساسية والشراكة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي (GPAI)". وتضّم رابطة DigitalEurope عددًا من الشركات العملاقة، مثل إيرباص وآبل وإريسكون وجوجل وغيرها.

وأضافت الرابطة في كتابها: "إننا نرى، نحن الممثلين للصناعة الرقمية الأوروبية، فرصًا سانحة كثيرة في النماذج التأسيسية، ولدينا كثير من المبتكرين الجديد في هذا المجال، ممن نشأوا في أوروبا. لذلك دعونا من المغالاة في جهود التنظيم لئلا نقضي عليهم قبل أن تتاح لهم فرصة التوسع، ولئلا نُكرِهَهم على ترك هذا المجال".  

ووقعت على هذا الخطاب 32 جمعية رقمية أوروبية، وأشار الموقعون في سياق تحذيراتهم إلى قلّة شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة ضمن الاتحاد الأوروبي؛ إذ لا تتعدى نسبتها الـ3% فقط. وأعرب الموقعون عن تأييدهم لاقتراح مشترك قدّمته فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وينص على تضييق نطاق قواعد الذكاء الاصطناعي للنماذج التأسيسية فيما يخصّ الامتثال لمتطلبات الشفافية.

وتطرق الموقعون كذلك إلى النطاق الواسع لمسودة قواعد الذكاء الاصطناعي الحالية، وأشاروا إلى أنه تتعارض مع التشريعات القائمة في قطاعات معينة، مثل الرعاية الصحية. وفي هذا الصدد قالت المتحدثة الرسمية بشركة Siemens Healthineers: "ينتابنا إحباط متزايد من الاستهتار بتداعيات ذلك على القطاع الطبي، ويخامرنا انطباع بأنّ المشرعين ما عادوا مكترثين بمضمون القوانين والقواعد، فشغلهم الشاغل هو إنجازها وإتمامها".

واستهجنت الشركات أيضًا الدعوات التي وجهتها هيئات في الصناعات الإبداعية مطالبةً بأن تتصدى قواعد الذكاء الاصطناعي لمسائل حقوق النشر، وقالت: "يتضمن الإطار القانوني لحماية حقوق الطبع والنشر في الاتحاد الأوروبي نصوصًا تستطيع معالجة قضايا حقوق الطبع والنشر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مثل الاستثناءات المرتبطة بتنقيب البيانات".