في تحول دراماتيكي داخل المشهد الإعلامي الإسرائيلي، أصبحت القناة 14، والمعروفة أيضًا باسم (Now 14)، من أكثر القنوات التلفزيونية مشاهدة لدى الإسرائيليين، خاصةً وأنها تُعتبر من أكثر وسائل الإعلام الإسرائيلية تشددًا وتطرفًا، وذلك وفقًا لتقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القناة، التي تدعمها حكومة الاحتلال ويُعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أبرز مؤيديها، باتت واحدة من أكثر القنوات التلفزيونية مشاهدة بين الإسرائيليين، رغم الانتقادات اللاذعة التي تواجهها من بعض الأوساط الإسرائيلية نفسها.
وقد وجهت منظمات من المجتمع المدني اتهامات للقناة بالتحريض على جرائم حرب، إلا أن شعبيتها لا تزال في تصاعد. كما اشتكى المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هاغاري، إلى وزارة الدفاع بدعوى التحريض ضد قيادات في جيش الاحتلال، حيث ترى القناة أن بعض قيادات الجيش ليسوا متطرفين بما يكفي، وفق وصف "الغارديان".
تستمر القناة 14 في النمو والتوسع، مما يعكس التحولات العميقة في الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف.
تفوقت القناة 14 مؤخرًا على القناة 12 في نسب المشاهدة، حيث كانت القناة 12 تُعد مصدرًا رئيسيًا للأخبار في "إسرائيل". وقد سجلت القناة 14 رقمًا قياسيًا بلغ 343 ألف مشاهد لبرنامجها "Patriots"، المعروف بخطابه العنيف والمتطرف تجاه غزة. ويرى المحللون أن صعود القناة جاء نتيجة للتحولات المتزايدة نحو اليمين في الرأي العام الإسرائيلي، التي تسارعت بشكل خاص منذ بدء العدوان على غزة. وتُعد القناة 14 علامة بارزة على هذا التحول، حيث تشكلت كمنصة لإعلام قومي متطرف، ما يعكس الميل المتزايد للمجتمع الإسرائيلي نحو الأفكار اليمينية المتشددة.
وقالت الأستاذة في جامعة سانت جورج في لندن، أيالا بانيفسكي: "إنه أمر مذهل إلى حد ما، لأن الإسرائيليين يستهلكون الكثير من الأخبار من خلال القنوات التلفزيونية الكبرى 12 و13، وإلى حد أقل من خلال هيئة البث العامة، لكن القناة 14 لم تكن حتى في الساحة حتى وقت قريب جدًا. يبدو أن الحرب ساعدت هذه القناة على الاستفادة من تأثير (التجمع حول العلم) وصعود القومية لكسب المزيد من الدعم".
تواجه القناة 14 أيضًا انتقادات شديدة من جماعات حقوق الإنسان، التي قدمت شكوى إلى النائب العام الإسرائيلي، متهمةً القناة بالتحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة. واستندت الشكوى إلى تصريحات صدرت عن ضيوف ومذيعين في القناة تدعو إلى قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين وتدمير غزة بالكامل.
لم يكن نجاح القناة 14 ممكنًا دون الدعم الحكومي الكبير، فهي، بحسب "الغارديان"، تحظى بدعم رئيس الوزراء نتنياهو، الذي وصف نفسه بأنه "قاتل مثل الأسد" لحماية القناة من أي ضغوط تنظيمية. وقد مُنحت القناة إعانات حكومية بملايين الشواكل، مما ساعدها على تجنب العديد من القيود التنظيمية التي تواجهها منافستاها الرئيسيتان، قناتا 12 و13.
تحظى القناة 14 بشعبية كبيرة بين شرائح الجيش والمجتمع الإسرائيلي المتطرف، ما يزيد من تأثيرها على الرأي العام. إذ تستغل القناة القضايا الحساسة وتستخدم لغة عنيفة تجاه الفلسطينيين، ما يجعلها تكتسب المزيد من المتابعين الذين يتبنون مواقف متشددة. وتستمر القناة 14 في النمو والتوسع، ما يعكس التحولات العميقة في الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف.